اليوم الدولي للديمقراطية.. الأمم المتحدة تدعو إلى الحرص على تكون التدابير الطارئة لجائحة كورونا قانونية
الكاتب :
(و.م.ع)
الرباط: "و.م.ع"
احتفل العالم أجمع، اليوم الثلاثاء، باليوم الدولي للديمقراطية في سياق استثنائي فرضته الأزمة الناجمة عن تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وما نتج عنها من تداعيات اجتماعية واقتصادية وسياسية كبرى على مستوى العالم.
وفي ظل تبني الدول في كافة بقاع العالم إجراءات طارئة للتصدي للأزمة، بات من الأهمية بمكان الحرص على مواصلة دعم سيادة القانون، وحماية المعايير الدولية والمبادئ الأساسية للشرعية واحترامها، وضمان الحق في الحصول على العدالة وسبل الانتصاف والإجراءات القانونية الواجبة.
وفي هذا الصدد، حث الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الحكومات على أن تكون شفافة ومستجيبة وخاضعة للمساءلة في استجابتها للجائحة، والحرص على أن تكون التدابير الطارئة قانونية ومتناسبة وضرورية وغير تمييزية، مؤكدا على أن "أفضل استجابة هي تلك التي تتصدى للتهديدات الفورية بطريقة متناسبة، مع حماية حقوق الإنسان وسيادة القانون".
وقال غوتيريس، في كلمة بهذه المناسبة، إنه في الوقت الذي يواجه فيه العالم جائحة (كوفيد-19)، تغدو للديمقراطية أهمية حاسمة في ضمان التدفق الحر للمعلومات والمشاركة في صنع القرار والمساءلة عن التصدي للجائحة.
وسجل الأمين العام الأممي أن "الأزمة تبرز أيضا أشكالا طال إهمالها (…) من عدم كفاية النظم الصحية إلى فجوات الحماية الاجتماعية والفجوات الرقمية وعدم المساواة في فرص الحصول على التعليم؛ ومن التدهور البيئي إلى التمييز العنصري والعنف ضد المرأة. وإلى جانب ما تحدثه أوجه عدم المساواة هذه من خسائر بشرية هائلة، فإنها تشكل هي ذاتها تهديدات للديمقراطية".
فقبل الجائحة بوقت طويل، يضيف غوتيريس، كان الشعور بخيبة الأمل يتصاعد، والثقة في السلطات العامة تتناقص، وكان انعدام الفرص يثير متاعب اقتصادية واضطرابات اجتماعية، مشيرا إلى أنه بات واضحا اليوم أنه يجب على الحكومات أن تفعل المزيد للإصغاء إلى من يطالبون بالتغيير وفتح قنوات جديدة للحوار واحترام حرية التجمع السلمي.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، في هذا اليوم الدولي للديمقراطية، إلى اغتنام هذه اللحظة الفارقة لبناء عالم أكثر مساواة وشمولا واستدامة، تكون فيه حقوق الإنسان محل احترام كامل.
وعلى المستوى الوطني، حظيت استجابة المغرب لأزمة (كوفيد-19) بإشادة واسعة على المستوى الدولي. وما يصنع التفرد المغربي هو حجم تدابير الدعم المتخذة قصد الحد من العواقب الاقتصادية والاجتماعية للجائحة، والتأسيس لـ"ميثاق اجتماعي" بين السلطات والمواطنين ينبني على الثقة بين الجانبين.
وبذلت المملكة، بكافة مكوناتها، مجهودات جبارة للتصدي للمعلومات الخاطئة أو المضللة التي من شأنها تقويض الثقة مع المواطنين، وأطلقت استجابة فعالة تعتمد بالأساس على إتاحة معلومات دقيقة وواضحة، ومحاربة المعلومات الكاذبة والمعلومات المضللة وخطاب الكراهية الذي ينتشر بشكل أكبر إبان الأزمات.
ولطالما حرص المغرب على ترسيخ أسس الصرح الديمقراطي وتعزيز المكتسبات على كافة الأصعدة. فقد انخرط منذ عقدين، تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بثبات في دينامية إصلاحية رائدة تكرس الخيار الديمقراطي وتؤكد عزم المملكة الراسخ على المضي قدما في إضافة لبنات أخرى إلى صرحها الديمقراطي وتوطيد أسس دولة الحق والقانون.
وتجسدت هذه الإرادة في جملة من الإصلاحات تشمل إقرار مدونة الأسرة وإحداث هيئة الإنصاف والمصالحة سنة 2004، باعتبارها مبادرة غير مسبوقة على صعيد العالم العربي، وإطلاق مشروع الجهوية المتقدمة سنة 2010، واعتماد دستور متقدم سنة 2011، وإصلاح منظومة العدالة سنة 2017، فضلا عن إجراء مختلف المحطات الانتخابية في جو من الشفافية ووفق معايير الممارسة الديمقراطية السليمة المتعارف عليها دوليا.
ومن بين التطورات المسجلة أيضا، اعتماد خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان 2018-2021، والتي تأتي استجابة لتوصية المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان المنعقد سنة 1993 بفيينا. وهكذا، بات المغرب أول بلد في المنطقة يعتمد خطة عمل وطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان تشمل 430 إجراء تتوزع على أربعة محاور، هي الديمقراطية والحوكمة، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وحماية الحقوق حسب الفئات، والإطار المؤسسي والقانوني.
ويواصل المغرب مسيرته من أجل ترسيخ الديمقراطية، من خلال انخراطه في برنامج التنمية المستدامة في أفق سنة 2030، الذي يتناول موضوع الديمقراطية من خلال هدف إرساء مجتمعات سلمية ومنفتحة، وولوج الجميع للعدالة، وإحداث مؤسسات على كافة المستويات تتسم بالفعالية والمسؤولية والانفتاح على الجميع.
يشار إلى أن العالم يحتفل باليوم الدولي للديمقراطية، يوم 15 شتنبر من كل سنة، بعدما أقرته الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة سنة 2007، حيث تشكل هذه المناسبة فرصة للوقوف على تطور الممارسة الديمقراطية، وإيجاد حلول للتحديات الهيكلية التي تواجهها، خصوصا في ظل تداعيات الأزمة الوبائية الراهنة.