المغرب وسفير الإمارات والموقف من القضية الفلسطينية
الكاتب :
نوفل البعمري
نوفل البعمري
أغرب ما قيل حول استقبال السفير الإماراتي بالرباط من طرف وزير الخارجية المغربي، هو الربط الغريب بين هذا الاستقبال، الذي جاء متزامنا مع استقبال سفراء آخرين، وبين ما يحدث في الشرق الأوسط، خاصة الاتفاق الجديد بين الإمارات وإسرائيل، وهو ربط في الحقيقة يكشف حالة غباء عند البعض، لا تقدر ولا ترى ولا تلاحظ جيدا المواقف المغربية، وأن جزءا كبيرا من الخلاف المغربي الخليجي كان نتيجة محاولة عدم استيعاب هذه الدول لطبيعة الدبلوماسية المغربية، ولروحها المستقلة، لاستقلالية القرار المغربي الدبلوماسي عن الخليج، وعن باقي الدول، يكفي هنا العودة لموقف المغرب من أزمة الحصار على قطر، ومن صفقة القرن، وكيف كان المغرب محايدا بشكل إيجابي في الأزمة الأولى، وكيف اتخذ موقفا صارما واضحا من صفقة القرن، وما الرسالة الملكية لترامب نفسه باعتباره رئيسا للجنة القدس التي احتج فيها على محاولة فرض القدس كعاصمة لإسرائيل واستقبال العاهل المغربي للعاهل الأردني، لخير أمثلة على الموقف المغربي المستقل أولا والمدافع، المنافح على القضية الفلسطينية.
إن محاولة الربط بين هذا الاستقبال وبين اتفاق الإمارات الإسرائيلي، هو ربط لا يستقيم ولا يراعي تطور الموقف المغربي من القضية الفلسطينية، كما أنه لم يستوعب بعد طبيعة الدبلوماسية المغربية منذ خطاب 2015 لملك المغرب في القمة المغربية الخليجية الذي يتعبر خطابا تأسيسيا لعمل الدبلوماسية المغربية علاقة بالقضية الوطنية، الفلسطينية ومع التكتلات الإقليمية.
المغرب لو أراد فتح علاقة مباشرة أو غير مباشرة مع إسرائيل، فهل كان سيحتاج وسينتظر اتفاق الإمارات أو غيرها مع إسرائيل ليقيم هذه العلاقة؟؟!!
المغرب حدد موقفه من إسرائيل بناء على الوضع الميداني في فلسطين، ومرتبط بتقدم عملية السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وفي كل ذلك كان هناك دائما تنويه ودعم للمواقف المغربية من طرف السلطة الفلسطينية ومختلف القوى الوطنية بفلسطين من فتح إلى حماس، وهنا تكمن قوة الموقف المغربي أنه استطاع توحيد المواقف الفلسطينية حول المغرب ملكا كرئيس للجنة القدس وكأمير للمؤمنين الذي جعلته هذه الصفة مؤتمنا على المقدسات الدينية بفلسطين، هنا يكمن مربط الفرس ومربط الاختلاف بين المغرب وباقي الدول العربية، هو أن المغرب له ملك رئيس لجنة القدس وأمير للمؤمنين.
لذلك وجب وضع هذا الاستقبال في سياقه الدبلوماسي الطبيعي، باعتباره - استقبال السفير الإماراتي- استقبالا يدخل في إطار تطور الدبلوماسية بين البلدين، وتصفية مختلف الخلافات التي طفت على السطح سابقا، وتجاوزها لصالح متانة العلاقة بين البلدين في احترام تام لاستقلالية قرار كل دولة وسياديته واحترام القضايا الحيوية لكل بلد على رأسها احترام ملف الوحدة الوطنية المغربية.