الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

الجوع القادم.. ما عندها معنى نبقاو ندلّعو فمالين المحروقات والمدارس الخاصة ومقالع الرمال والرخام

 
سعيد جعفر
 
اللي هجموا على رحبة أزماط في الحي الحسني في الدارالبيضاء مزاليط وما خايفينش من الحبس، وهوما اللي كيصوتوا، وغدا هوما اللي غادا تحاور معاهم السلطة...
 
أطونسيون القضية حامضة وكتستدعي تدخل عاجل لتفادي الأزمة...
 
ما حدث في رحبة الحوالا في الحي الحسني يمكن النظر إليه ليس فقط من زاوية القيم والقانون، يمكن نشوفوه أيضا من زاوية المجتمع.
 
اللي وقع بدون شك عندو جواب أمني وقانوني، السرقة الموصوفة مع سبق الإصرار والترصد وتكوين عصابة إجرامية وترويع مواطنين آمنين. وبدون شك عندو عقوبات.
 
الجزء 2 من الواقعة أخطر وأقبح: هاد السلوك ما جديدش فـتاريخ المغاربة. الناس اللي عاشوا بوهيوف كيعرفوه مزيان. اللي عاشوا الجفاف والجوع كيعرفوا بلي هاد الغارات كانت عادية ومنتظرة، ولهذا مالين المال كانوا كيديروا 2 ولا 3 زطاطة باش يحميوا رزقهم من الغارات.
 
هاد الشي كان كيوقع فبلاد السيبة وفبلاد المخزن، وما كانش هناك من حل من غير كل واحد يحضي رزقو ولي عندو المال زايد كان كيخلص اللي يزطط عليه، يا الزاوية يا رجال صحاح...
 
هاد الشي كان من بكري فـالمغرب وغير المغرب. سيدنا عمر بن الخطاب نفسو فعام المسغبة (الجوع) سمح بسرقة ما يسد الجوع لكل أب عندو وليدات وخافهم يموتوا بالجوع. والجوع ضرب زمان سيدنا محمد فاش گال لعباد الله هبطوا للحبشة حقاش كاين النيل، وضرب فعهد سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر وقبلهم ومن بعدهم.
 
اللي وقع فرحبة الحوالا فـالحي الحسني خاصوا يتعاقب وتكييف العقوبة.
 
المشكل واش هادوك اللي هجموا وسرقوا طايطاي واش فعلا خايفين من الحبس؟ واش فعلا غادي يخلعهم الحبس؟
 
كاين زاوية أخرى لفهم ما حدث. ماشي زاوية القانون والردع. هادي زاوية مهمة وضرورية ولكن ليست حلا مستداما. هي فقط عقوبة للتأديب. كتجبر الضرر وكتحمي جزء من المجتمع من بطش وعنف جزء آخر منو وبالتالي هي مقاربة مزيانة.
 
المشكل هو أن الفئة اللي دارت الفعلة ماشي كلها مجرمة بطبعها. فيهم نساء وأطفال وشباب. يعني هذا سلوك عندو دوافع أخرى غير الدوافع التقليدية للجريمة.
 
حسب الفيديوهات المنشورة، كاين ثلاثة المعطيات متداخلة:
 
1- الكسابة كيصرحوا بلي ابتزاز رجال السلطة ليهم خلاهم يضوبلوا ثمن الحولي يعني حولي ألف درهم ولّى بألفين، وحولي 1500 درهم، ولا بـ3000 درهم، وهكذا...
 
2- سكان الحي كيصرحوا بلّي مضاعفة أسعار الحوالا قلقْ بنادم، خصوصا وأنه كاينة أزمة مالية حقيقية والناس مزيرة...
 
3- أفراد من الحي تكلموا على الجوع، ومنهم من گال بالحرف: راه أخويا الناس جاعت وبدات كتخطف...
 
إلى برونشينا لخيوط ديال الأطراف بثلاثة غادي تخرج لينا واحد النتيجة صعيبة وغير مطمئنة:
 
ابتزاز رجال السلطة = نتج عليه رفع أسعار الحوالا = نتج عليه هجوم الناس وسرقة الحوالا...
 
وخارج الرواية الرسمية والضرورية اللي كتحرص على الأمن والقانون وحماية ممتلكات الناس، كاين زاوية التحليل الاجتماعي لما حدث، اللي ماشي بالضرورة شبيه بما ذكره اليفراني والزياني وابن خلدون وغيرهم حول ثورات الجوع في المغرب الأقصى خصوصا، ولكنه يلتقي معه في بعض هاد الأحداث العفوية غير الموجهة، واللي كتوقع فأزمنة الوباءات والكوارث الطبيعية...
 
كاين فرضية منطقية أن اللي هجموا وسرقوا ما كانش همهم هو العيد في ذاتو والتقرب من الله. هذا مستبعد ومستبعد جدا.
 
اللي سرقوا إما كان غرضهم يعاودوا البيع فالحولي المسروق، وهذا احتمال أهون، أو كان غرضهم هو اللحم باش ياكلوه. هاد الاحتمال 2 خطير جدا لأن الدافع صعب. كيسرقوا الحولي باش ياكلوا اللحم أه اللحم. هذا صعيب وبزاف لأن عندو علاقة بالجوع.
 
الحاصول وبغض النظر على العقوبة القانونية اللي هي واجبة وضرورية لحفظ الأمن وتعويض المضرورين، يجب قراءة بحال هاد الأفعال كمؤشرات لفهم اشنو ممكن يوقع إلى تطور الوضع الاجتماعي.
 
واحد الحل أصبح ملحا جدا هو مساهمة الأغنياء في الاستقرار الاجتماعي. ما عندها معنى نبقاو ندلعو فمالين المحروقات والمدارس الخاصة ومقالع الرمال والرخام ومالين المطاحن وغيرهم... ما عندها إلا معنى واحد ومآل واحد.. راكم عارفينو!
 
رئيس مركز التحولات المجتمعية والقيم في المغرب وحوض المتوسط