الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
#

الخط السياسي المعتدل

 
سامر أبو القاسم
 
في فضاء تغيب فيه شروط إدماج الأطر والكفاءات والرغبة في الحصول على ثقة الناس وتقدير الفاعلين واحترام الخصوم، يصبح الخط السياسي المعتدل سبب معاناة حقيقية.
 
فممارسة العديد من المنتمين حزبيا دون إدراك منهم للمرجعية الفكرية والخط السياسي والبرنامج النضالي، يصعّب ثقة الناس في جدية أي مشروع.
 
وفي بلدنا، حيث يتميز الوضع بضعف كبير على مستوى الثقافة السياسية والديمقراطية والحقوقية، حتى في صفوف النخبة، يصعب تمثل الحزب كفاعل سياسي مستقل، ولا يسمح سوى بالترويج لثنائية تميز بين الموالي والناقم.
 
في بلدنا حيث يتميز الوضع بضعف كبير على مستوى الثقافة السياسية والديمقراطية والحقوقية يصعب تمثل الحزب كفاعل سياسي مستقل ولا يسمح سوى بالترويج لثنائية تميز بين الموالي والناقم
 
وهو وضع ينعكس على الكفاءات التي يزخر بها الحقل الحزبي، سواء من حيث التموقع على المستوى التنظيمي الداخلي، أو من حيث التموقع على مستوى مواقع الفعل السياسي داخل الساحة ومؤسسات الدولة.
 
وهو وضع لا يسمح بلعب دور سياسي وازن، ولا يتيح سوى إمكانية لعب أدوار لحظية وآنية ذات صلة بإقامة توازنات عددية على مستوى التمثيلية داخل المؤسسات.
 
وضع حزبي يبعث على التأمل، فلا هو يحظى بثقة الدولة ودعمها وتذليل الصعاب من أجل القيام بمهام التنظيم والتأطير والتوجيه والتمثيل، ولا هو قادر على فرض الثقة في ما بين مختلف مكونات الساحة السياسية، ولا هو في مستوى نيل ثقة الفئات والشرائح الاجتماعية.
 
وهذه الفئات والشرائح بدورها لا تسلم من الارتباط غير العادي ببعض آفات التزلف والانتهازية والسطو على المواقع بالنسبة للمستفيد منها، وبالتقاعس والاتكالية والتراخي بالنسبة للمتضرر منها...
 
هذا الوضع غير السوي، هو الذي يدفع بمكونات الحقل السياسي إلى الدخول في حروب هامشية غير مفهومة تارة، وفي توافقات سياسية غير ذات معنى أو مردودية على الواقع المعيش، وهو ما يقوي شرط إفقاد المصداقية للعمل السياسي والحزبي بصفة عامة.
 
هذا ما يدفع بمكونات الحقل السياسي إلى الدخول في حروب هامشية غير مفهومة تارة وفي توافقات سياسية غير ذات معنى وهو ما يقوي شرط إفقاد المصداقية للعمل السياسي والحزبي بصفة عامة
 
وبذلك يضعف منسوب الثقة، إن لم نقل ينعدم. ويراد للجميع أن يكون في جلباب هذا أو ذاك، دون ترك مساحة لإمكانية الانتقاد أو إبداء الرأي أو التموقع أو المبادرة.
 
فلا الإصلاحات الدستورية والانتخابية تغير من طبيعة وشكل توزيع السلط، بما يفيد التطور نحو الأحسن. ولا المقتضيات المستجدة الخاصة باستقلال السلطة القضائية تؤدي إلى تغيير في الميدان عبر نتائج عملية واضحة. ولا انتخابات تشريعية وترابية تساهم في خلق مؤسسات منتخبة ديمقراطية ومستقلة، ولا أحزاب قادرة على المواجهة والتنافس لإحداث التغيير المطلوب. ولا إعلام قادر على مواكبة الانتهاكات الجارية، سواء على مستوى تدبير الشأن العام أو على مستوى ما يجري في واقع العلاقات والتفاعلات في المعيش اليومي.
 
بل ولا اعتبار لتقارير المؤسسات الوطنية والدولية الكاشفة باستمرار للعديد من أنواع وأشكال الاختلالات في تدبير وتسيير المرافق العمومية. ولا محاسبة ولا عقاب يترتب عن تحمل مسؤولية الأخطاء في حق المواطنات والمواطنين. وسيادة العديد من السياسات غير الرسمية والأشكال المختلفة للضغط والتأثير لتحقيق الهيمنة على المؤسسات والمجموعات والأفراد. ولا التزام بالإصلاحات الديمقراطية والتنموية والحقوقية المطلوبة لإحداث نوع من العصرنة في الحياة المدنية للشعب بكل مكوناته.
 
وبالرجوع لشعار الانتقال الديمقراطي، الذي شكل عنوان مرحلة بكاملها، يتضح أن التحولات الاقتصادية والسياسية التي عرفتها بلادنا زهاء عقدين من الزمن ونيف، لم يفض إلى ما كان متوقعا من حكامة في تدبير وتسيير الشأن العام، ولا من تحسن في مؤشرات المستوى السوسيو اقتصادي، ولا من تأهيل للاندماج السياسي والاجتماعي، ولا من استقرار للمؤسسات الديمقراطية، ولا من احتكام للقانون كقاعدة لفرض الانضباط والمشاركة وبناء التوافق وتحسين فعالية الموارد وتقوية قدرات التوجيه واستدامة الفعالية الاقتصادية وأنظمة الرعاية الاجتماعية، وتنظيم الحياة عبر ضبط العلاقات والتفاعلات داخل المجتمع.
 
فاعل سياسي ومدني