الزاهيد: في رخاوة التضامن وضرورة التنظيم.. 2/1 - رسالة إلى الذين فرض عليهم التعاقد ولكل أسرة التعليم
الكاتب :
مصطفى الزاهيد
مصطفى الزاهيد
إلى كل الأصدقاء والصديقات ممن فرض عليهم التعاقد في هذا البلد، الإكراه هنا يعني سياسيا إقفال جميع الخيارات في الشغل من طرف الدولة أمام مواطنيها، وهذا في العمق إخلال بالتزاماتها ووظيفتها التاريخية والتقليدية، وقد تم التفصيل في هذا الموضوع في مقال يوجد رابطه على النت ونشر في الجرائد الورقية تحت عنوان "التعاقد" على التعاقد في المغرب؛ تأملات في ماهية التعاقد"، للرد على مغالطات الحكومة السابقة بخصوص أن توقيع العقد لا يمنح الحق في الاحتجاج.
أعود لأقول لكم/لكن، في نفس التأملات، والتي هي في الأصل تدوينة كتبت قصيرة للنشر على الفايسبوك، لكن ما وقع جعلني أمددها، إلى أن ظهر لي ضرورة تقاسمها مع القراء وطرحها للنقاش مع الفضلاء، أقول لكم إنه يخجلني كتابة العبارة التقليدية: "كل التضامن/أتضامن معكم"، "لا لتعنيف الأستاذ"، وغيرها، أعتقد أن هذا الهذيان، هو نوع من المرض الأخلاقي في قلب الحضارة البشرية، والذي يجب أن نتأمله فلسفيا وسياسيا، فهذا الذي يقول لكم "أتضامن معكم"، يدفعني للسؤال ماهي القوة التي يملكها والتي تمنحه هذا الحق في أن يكون قادرا على منح هذا التضامن؟
لقد استخدمنا العبارة ومازلنا، لكننا ننازع هنا في التصورات والمعاني التي علقت لدينا بخصوصها، فالتضامن لا يصدر سوى عن الأقوياء والأغنياء وأصحاب السلطة السياسية والقانونية والدينية...، التضامن، في نظري، وجه آخر من أوجه الصفح والغفران، لأنه يمنح شخصا ما القدرة على أن يهب ما لا يحتاج إليه، وأن يساند ما لا يمكن أن يستفيد منه.
في الوضع القائم الآن، وضع التسلط والقمع الإداري والقانوني والسياسي للحق في الإضراب بجميع السبل وبتوظيف جميع المغالطات، هل يحق لمدرّس ما أن يتضامن مع مدرس آخر؟ بأي حق ووفق أي وضع اعتباري وقانوني وسلطوي يمكنه ذلك؟ هل يمكن القول إن هناك مدرس اليوم في المغرب يملك وضعا أقوى من الآخر؟ من الناحية السياسية العميقة، وحين نتأمل ماهية الدولة، منذ واقعة نبش وتكسير شاهد قبر إدريس بنزكري، ربما صار للدولة اختيارات أخرى أو عادت لطبيعة اختياراتها -ما قبل مسلسل الإنصاف والمصالحة- فالوقوف عند ماهية الدولة وما تصرفه اليوم من قرارات في مختلف الاتجاهات، وما تقوده من هجومات على حقوق ومكتسبات المستخدمين والموظفين ومختلف الفئات هو دليل قاطع على هذا المسار، الذي يستهدف الجميع.
وعليه لا يوجد، في نظري، أي فرق بين مدرس يعلن تضامنه وآخر تم توقيفه، إلا من الناحية الشكلية "مرسم/فرض عليه التعاقد" بينما واقع القمع الإداري ووضع الحرية السياسية والنقابية والوضع المادي والاعتباري" تتلاعب به مختلف الأجهزة الإيديولوجية مدمرة رمزية المدرسة والمدرس بناء على مغالطات عديدة لا يحضر فيها المتعلم سوى باعتباره أداة لتبرير مختلف أشكال الهجوم أو التنصل من الواجب والإصلاح الحقيقي، لذلك فإعلان نفسك متضامنا أمر مقرف لأنه يعبر في الصميم عن غياب عميق للفهم أولا؛ لفهم وضعك وما ينتظرك من إجهاز وتصفية لحقوقك ومكتسباتك، وثانيا؛ أن ما يمنح اليوم لمدير إقليمي أو لأكاديمية أو مسؤول أن يحرك مساطره التسلطية في وجه زميل لك، يمنحه غدا تكرار ذلك في حقك اللهم إن كنت جاهزا لتقمص هوية "الخروف".
إن عبارات "التضامن" ربما هي من عادات اللغة ومن المستحكمات في اللسان، لكن معانيها هي ما يجب أن يتغير فلا يمكنك أن تتضامن مطلقا بخلفية أنك قادر على ذلك، لأنك لست قويا لتهب وتمنح ما لست في حاجة إليه لتعتبره تضامنا، أنت مطالب وأنا والآخرون بأن نرى في ما تعرض له أغيارنا من الزملاء، وفي توقيفاتهم رسائل لنا، ومصيرا ينتظرنا، إن قاومنا التنزيل الاستراتيجي المقيت للدولة لتصورها السلطوي للجهوية، التي لا تمنح حقوقا على غرار الأنظمة الفيدرالية، بل جهوية تخدم التسويق السياسي لقضية وطنية بدون أي رغبة في تجذير جهوية حقيقية، بينما داخليا يكشف الواقع عن الهشاشة السياسية لما يسمى بالجهوية، فالجهوية التي تبقي على سلطة عليا للولاة والعمال والقواد والباشاوات الذين يتدخلون في تفاصيل المجتمع المدني بل في صناعة مجتمع مدني موازي ومساند، لا يمكنها أن تسمح للحرية المدنية والسياسية أن تنبثق فوق أرض الدولة-الجهوية-، لذلك يجب التفكير في النظر بشكل وحدوي لهذه المصائر الممزقة اليوم والتي يتم الإعداد لتمزيقها، بل يجب أن تنظر لهذه المعركة ولهذا الهجوم باعتباره اعتداء عليك وعلى حرمتك وأبنائك عاجلا أو آجلا، فلا يمكن للإنسان أن يترك الذئب حرا إلى أن يسرق أغنامه بل عليه الخروج باكرا لإبعاده أو القضاء عليه إن استطاع ذلك.
لذلك وفي هذا الوضع، يبدو لي وفي نظري وموقفي الشخصي أنه لا يجب أن ننسى المرور ولو بشكل مستعجل على هذا الوضع، لتشخيصه واستشراف سؤال العمل لمواجهته، فالجميع يعلم أن ما قادنا لهذا الوضع هو الهشاشة الداخلية لوحدتنا النقابية ومواقفنا السياسية مما يحدث، فالجميع يكتفي بأخذ راتبه ودفع فواتيره دون أي اعتبار لما يتعرض له هذا الراتب من تقزيم بمبرر إصلاح مزعوم للتقاعد، فالدولة تجيد تاريخيا ومن تجارب الأمم تصريف العنف -(الإجهاز على حقوقنا المادية للإشارة ادراج التوقيفات في تصوري للوضع ضمن أشكال العنف التي تمارسها الدولة)- فهي تصرفه بشكل منهجي وبتدرج لتتجاوز وتضمن لكل مستوى من مستويات العنف ما يوازيه نفسيا واجتماعيا وثقافيا من قبول وتطبيع، وحين يتحقق لها هذا القبول والتطبيع مع العنف الذي مررته تمر لمرحلة ومستويات أخرى من العنف، وهكذا استفاق الأساتذة اليوم وقد بدأ هذا العنف يبلغ مستويات كبيرة تصل إلى حد أبسط حقوقهم (تعويضات الرتب المجمدة مثلا وهي حقوق تم سحبها بل التفاوض عليها/استفسارات بالجملة/اقتطاعات الإضراب/أنظمتهم القانونية الأساسية المنظمة/تسلط في مرافق إداراتهم الإقليمية والجهوية والمركزية...).
لذلك لا يجب أن نستمر في خداع أنفسنا وبإقحام النفسيات والشخصي في نقاشاتنا، وذلك عبر طرد الأحقاد خارجا من قبيل: -(هؤلاء استفادوا في اتفاق يناير ونحن لم نستفذ/ هذا الرأي مادامت طرحته جهة ،أختلف معها ايديولوجيا فأنا أرفضه رغم سلامته وواقعيته...)- هذه من الأمور التي يجب أن نتجاوزها اليوم، لذلك وحتى لا نسمى ممن يطعن في قلب محاربين في داخل معركة، يمكن أن نعرج على العموميات وحول الأمور العملية بخصوص ما نتعرض إليه:
يمكن ونحن نسعى للدفاع عن حقوقنا، أن نبدأ بمحاسبة ذواتنا أولا عن التخلي الشامل من طرفنا على بناء إطارات مؤسساتية، لها شرعية من الناحية الإتيقية دوليا، وهي مؤسسة النقابة "أطروحة النقابات فاشلة وفاسدة"، ويجب تجاوزها هو نفس الخطاب الذي روج منذ الثمانينيات من طرف السلطة وعملائها بغاية إفراغ النقابة وعزلها عبر هذه الدعاية، حين تقول: "النقابة باعت /النقابات يجب تجاوزها"، فأنت هنا تردد كلاما ترغب الدولة-السلطة المهيمنة- في تفشيه وانتشاره، لأنه يمزق مؤسساتك السياسية والتي تعبر عن سلطتك المعارضة لهيمنة الدولة، وللأسف يتم هذا التمزيق والتدمير بيديك، فالنقابة ليست جهازا منعزلا عنك ولا عني، مهما كان اسمها وتوجهها، إنها تعبير عن إرادة وقوة وصلابة أعضائها، وحين لا يصبح لها أعضاء تفقد هذه القوة في المعارضة للسلطة المهيمنة، مما يتيح للقيادات الارتماء التلقائي في يد السلطة، لأنها تفقد أوراقها التفاوضية -الجماهير-، وعليه فالنقابة هي نحن في النهاية، أردنا أو كرهنا، ويجب أن نفكر في تعزيز جبهاتها، النقابة مثل الجيش، لا يمكن لجيش قوي أن يكتفي بفضل قيادته فقط مهما كانت حنكتهاـ بل قوته وانتصاراته نابعة من مدى انتشاره وكثرة جنوده في الميدان وهذا هو حال النقابة، لذلك القول الشائع عن النقابات، هو نتاج سوء فهم وبكل مرارة نتاج توقف عن القراءة والتكوين الذاتي والسياسي، مما يسمح للآراء الشائعة والأحكام المسبقة أن تتسلل إلى تفكير المدرسين، وتصبح عادة متوارثة في موقفهم وفهمهم للوضع النقابي، لذلك البداية تكون في أن يعود المدرسون للتكوين الذاتي والسياسي، ولا يجب أن يفهم من قولي هذا أنه استعلاء أو تشكيك، فالتكوين هنا لا نقصد به الشواهد الجامعية فهذا يليق للحصول على وظيفة وتحقيق نجاح مهني، أما التكوين الذاتي الحقيقي الذي نقصده فهو ذاك الذي يمنح صاحبه رؤية وفهما يجعله متشابكا سياسيا وثقافيا مع كافة السلط التي تحاول تحريف وقلب وعيه الحقيقي بوجوده الاجتماعي بوعي زائف يدفعه في خلسة منه لخدمة السلطة المضادة لمصالحه، ويجعله يرى أهم أداة تاريخية في نضاله وهي النقابة مجرد جهاز لا فائدة منه، وبتخليه عن ذلك تحقق السلطة مرادها فتنال منه، قد يحاجج ماركسي علينا بكون النقابة نفسها جهاز أيديولوجي للدولة، صحيح لكن المضمون الطبقي الذي يمكن أن تعطيه طبقة ما لهذه الأداة هو الذي سيحدد ما يمكن تحقيقه وعمله عبرها، فالنقابة ليس غاية بل أداة للتحقيق في الحدود الاجتماعية الحالية ما تسعى اليه هذه الفئات لضمان وجودها المادي وتحصينه.
لذلك وعينا الاستراتيجي لا يجب أن يستمر ضحية هذه "المغالطات"، فهذا يسيء لوعينا بصفتنا نساء ورجال للتعليم، صحيح أن جهاز النقابة يطرح مشكلات نظرية وعملية علينا، لكن يمكن حلها من الداخل عبر تقويض بيروقراطيتها وذلك بالتواجد في أجهزتها المحلية والجهوية والوطنية وتضييق الخناق على الأدوات البيروقراطية للإدارة أحيانا من داخلها، أما القول إنه يمكن التخلي عن النقابة فهو ممكن لكن نظريا وعمليا، ليس الآن وليس في القريب، لأن ذلك مرتبط بشكل المجتمع وبشكل القوى التي يمكنها أن تتصارع فيه والحاجة التي قد تتولد إليها وأيضا الأجهزة التي قد تحتاج إليها، أما من يناضل من داخل الأفق الليبرالي فالأمر لا يتعلق هنا بثورة بل فقط بحراكات وبنضالات مدنية لتحقيق توازن السلط في إطار تحقيق الديمقراطية، والقول بالتخلي عن النقابة حاليا هو شبيه بالقول: إنه يمكن في الوضع الحالي العيش خارج الدولة! وهذا ضرب من المستحيل...
في التنسيقيات
لا يجب أن ننسى أيضا أن التنسيقيات، ليست مؤسسات تنبثق كالفطر إنها في النهاية تعبير عن معاناة ورغبات من تضمهم، لكنها تعبير عن مناورات نقابية، وعن ردود فعل فئات من العمل النقابي والبحث عن حلول مستعجلة لملفاتهم نظرا لزمنها واستعجاليتها؛ وخوفا من انتظار التفاوض النقابي يفرضون أمر الواقع عبر الشارع-(حملة الشواهد/مقصيين/ضحايا الأنظمة السابقة/المتدربين...)- وذلك للدفع بملفاتهم لتصدر مشهد التفاوض النقابي مع السلطة، إنها أدوات تقوي الوضع التفاوضي للنقابات، ولا يجب أن يطرح لنا ذلك أدنى مشكلة، لماذا؟ لأن السياسة هي الوجه الرمزي للنقابة، أما النقابة فهي التعبير المادي عن السياسة في مجال المطالب والحقوق الذاتية، بشكل أو بآخر، التنسيق مع النقابة أمر ضروري، لا يمكن أن نستمر في العزلة، فكما تنسق الدولة عبر مختلف الأجهزة والإدارات في خطواتها، يجب أن تنسق المقاومة في خطواتها، عبر حشد حلفائها مهما تعددت مراميهم، غير أن التنسيقية لا يمكن أن تعتبر نفسها بديلا للنقابة -حاليا-، فذلك يضعفها ويعزلها ويقودها أحيانا لخطوات تنهك أفرادها مجانا، وعليه يمكن للتنسيقية في تصوري أن تكون قوة ضاغطة لتقوي حضور ملفاتها داخل رهانات جميع النقابات، بحيث تصبح مرغمة على أخذ قراراتها ومطالبها بعين الاعتبار، والتنسيق معها على أساس نفعي خالص، لأن أفق التنسيقية وفق هذا التصور هو ضبط وتوجيه النقابة وتقويض بيروقراطيتها، لا أن تنصب نفسها بديلا، لأن فعل ذلك يحولها إلى أداة هشة وبدون فعالية استراتيجية، فمثلا لو تحقق مطلب الدرجة الاستثنائية بعد سنوات من النضال، فأنا على يقين أن التنسيقية ستنحل كما انحلت العديد من التنسيقيات، لكن النقابة ستظل قائمة، لذلك تحصين بعض المكتسبات وضمان سريانها لا يكون عبر التنسيقيات، بل عبر تقوية النقابات؛ فالتنسيقيات قد تسرع تحصيل المكاسب والمطالب الفئوية، بينما الحفاظ عليها هو أمر نقابي، السؤال هنا لماذا فرطت النقابات في المكتسبات وهي الحجة التي يمكن الاعتراض بها؟ الجواب ببساطة شديدة: لأن الأساتذة فرطوا في النقابات، وصدقوا المغالطات فتحولت مؤسساتهم إلى أدوات صورية هشة سهل على الادارة والدولة التلاعب بالبيروقراطية من داخلها وتوجيهها لخدمة مصالحها، وعليه فالقوة لا تقاوم إلا بمؤسسات قوية، وحين تتراجع يتم الزحف عليك ببساطة .
وعليه يجب أن نسند بعضنا، ليس باعتبارنا زملاء أو أصدقاء بل انطلاقا من فهم مهني مادي يجعل كل واحد منا ينظر للآخر باعتباره شريكا على ظهر قارب تسربت مياه كثيرة اليه، ومن هنا فالغرق لا يمكن أن يشمل فقط من هم قرب هذا الثقب، بل كل ركاب المركب وعليه فمسألة إفراغه من المياه المتسربة تهمنا جميعا، صحيح أن بعض المواقف الشخصية (لبعض إخواننا المفروض عليهم التعاقد مثل التخوين والتشكيك والرفض) قد تترك أثرا نفسيا يتحول إلى امتناع عن الدعم والمساندة في هذه المعركة؛ لكن المواقف الشخصية والنفسية لا مجال لها في السياسة، لذلك يجب أن نحتوي وأن نجد الأعذار للإساءات الشخصية التي قد تصدر من وضد "المرسمين" أيضا، لأنها سلوكات يتم تضخيمها وليس قاعدة، وحين تضخم ويتم التركيز عليها ينجح الخصم مرة أخرى في التسلل إلينا وتشتيت وحدة مصيرنا، لذلك موقفك الشخصي من إساءة لا يجب أن يتحول إلى حافز للامتناع عن المقاومة وإلا صار فعلك هذا جبنا يبحث لنفسه عن أدنى المبررات للانسحاب.
أعتقد أننا في حاجة لنقد ذاتي حقيقي يؤدي إلى التخلي عن العديد من المغالطات التي ترسّبت في الحقل التعليمي بوصفها حقائق ثابتة حول العديد من الأمور، بينما هي مجرد أوهام مصدرها دعاية السلطة، وهكذا يمكن لفهم جديد حول الذات أن ينتج لنا ممارسة جديدة وفعالة.
بل لابد من توقيف خطاب الكراهية تجاه من لا يجسدون الخطوات النضالية، لأن كل النعوت والقدح والوصم تجاههم ليس سوى رد فعل نفسي عن "تخاذلهم"، ووصمهم بذلك يحرم التنسيقية من العديد من عناصرها بل يعمق الشروخ داخلها ويفتح الفرصة للأحقاد والكراهية، بل يدفع الاخرين للتمركز حول ذواتهم، وهنا تكون الإدارة هي الرابح الأكبر، علينا أن نتعلم التحكم في مشاعرنا ومواقفنا النفسية وأن نتصرف مثل الأنبياء في نضالهم، حيث كانوا لا يملون من دعوة خصومهم ومن يناصبونهم العداء للطريق الحق، لذلك المناضل لا يهتم بتخاذل البعض بل لا يفقد الأمل في الرهان عليه، إن السياسي هو من يترك أصدقاؤه قريبين منه وأعدائه أكثر قربا كما قال مايك كورليوني في رائعة العراب وهذا مبدأ مكيافيللي في السياسة، أليست الدولة الحديثة -وخاصة السلطوية منها- كلها انتصارا للمكيافيللية على أخلاقيات الحكماء الأوائل.