الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

ملف الصحراء المغربية قابل للحفظ في الأمم المتحدة

 
حكيم بلمداحي
 
ألم يحن الوقت بعد ليغلق مجلس الأمن ملف الصحراء نهائيا؟ هذا السؤال يفرضه الواقع اليوم. هناك معطيات وتطورات حدثت في الملف منذ عرضه من طرف المملكة المغربية على الأمم المتحدة سنة 1963 من أجل تصفية الاستعمار. ومنذ ذلك التاريخ والملف يأخذ اتجاهات إلى أن بلغنا إلى المرحلة الحالية التي تبين فيها أن الصحراء مغربية وانتهى الموضوع.
 
السؤال أيضا يفرضه الواقع لأن بعثة المينورسو التي تم إنشاؤها سنة 1991 لمراقبة وقف إطلاق النار والسهر على إجراء الاستفتاء في الصحراء لم يعد لها لزوم اليوم. فموضوع الاستفتاء أنهاه المبعوث الشخصي الأسبق للأمين العام للأمم المتحدة جيمس بيكر. كما أن موضوع وقف إطلاق النار أصبح متجاوزا إذا ما تتبعنا بلاغات الأقصاف التي تصدرها يوميا جبهة البوليساريو وأيضا أمام تصريحات قيادة جبهة البوليساريو التي تصر على التنصل من اتفاقية وقف إطلاق النار... من هنا فلا حاجة لبعثة المينورسو لأن مهمتها لم تعد قائمة...
 
يبقى هناك وضع يعرفه الجميع، هو كون مقترح الحكم الذاتي الذي ينوه به كل المنتظم الدولي، باستثناء الجزائر وصنيعتها من الانفصاليين، ينفذ على أرض الواقع من خلال الجهوية التي يعمل المغرب على إرسائها وحقق أشواطا لكي تكون تنظيما يخول للجهات صلاحيات موسعة يكون للمنتخبين فيها مركزا مهما في التدبير. وقد أظهر سكان الأقاليم الجنوبية بالجهات الثلاث انخراطا فعالا ومهما في المسلسل الانتخابي. كما أبرزت الكفاءات الصحراوية علو كعبها في التسيير والتدبير والدليل على ذلك ما بلغته هذه الجهات من تطور على مستوى البنيات التحتية والمشاريع.
 
لقد أكد الأمين العام للأمم المتحدة في تصريحات قبل أسبوع أن الأطراف يجب أن تجد حلا للنزاع في الصحراء. تصريح غوتيريس جاء بعدما وقف مبعوثه الشخصي إلى الصحراء ستافان دي ميستورا على استمرار تباعد وجهات النظر بين كل الأطراف، خصوصا الطرف الأساسي في النزاع الجزائر التي تعرقل كل تقدم من أجل حل سياسي.. وفي الحقيقة فإن حكام الجزائر، منذ سنة 1975 يشتغلون لتمديد أمد النزاع رغبة في استنزاف المغرب وهذا هو قصدهم الأساس من البداية، بعدما تبين لهم أن أطماعهم في الأرض مستحيلة.
 
وإذا دخلت الجزائر إلى النزاع في سنة 1975 باحتضانها لجبهة البوليساريو بسبب أخطاء ارتكبتها الحكومة المغربية حينها، فإن موضوع الصحراء مر بمراحل يجب أخذها بعين الاعتبار. فالموضوع طرح في الأمم المتحدة من قبل المملكة المغربية سنة 1963 من أجل تحرير الأقاليم الجنوبية من الاستعمار الاسباني. وتبع طرح الموضوع في الأمم المتحدة، عرض الملف على محكمة العدل الدولية التي أدلت باستشارتها لتؤكد على نقطتين أساسيتين الأولى كون الساقية الحمراء ووادي الذهب لم تكونا خلاء قفرا لا سكان فيها أثناء استعمارها من قبل الإسبان، بل كانت المنطقة مأهولة بالسكان. النقطة الثانية هو علاقة البيعة التي تربط سكان هذه المنطقة بالسلاطين المغاربة.
 
طبعا تواترت الأحداث بعد ذلك ليوقع المغرب وموريتانيا وإسبانيا اتفاقية تنهي بموجبها إسبانيا استعمارها للصحراء. ثم جاءت المسيرة الخضراء التي أعادت الصحراء إلى أرض الوطن.
 
غير أن الأمور سارت في اتجاه آخر مؤلم بعدما دخل القدافي ودعم شبان كانوا غاضبين من الحكومة المغربية ولجأوا إلى الجزائر في إطار فكرة الثورة على الملكية التي كانت موضة تلك المرحلة بدعم المعسكر الشرقي الممثل هنا من قبل الجزائر. القدافي غير من تفكير الشبان قادة جبهة البوليساريو ووعدهم بالدعم المادي وبالسلاح شريطة المطالبة باستقلالهم عن المغرب. الجزائر لم تبق مكتوفة الأيدي فعملت على إنشاء مخيمات تيندوف بتجميع صحراويين أغلبهم تم اختطافهم من العيون والسمارة، وأضافت لهم العديد من الناس من موريتانيا ومالي والجزائر.
 
هكذا تحولت قضية الصحراء من تصفية الاستعمار الإسباني وعودة الأقاليم إلى الوطن الأم المملكة المغربية، إلى موضوع انفصال بتوجيه من ليبيا القذافي وجنرالات الجزائر. وقد واجه المغرب سنوات صعبة جراء الهجومات العسكرية بأسلحة متطورة تنفذها قوات الجبهة والجنود الجزائريون بأسلحة كوبية وبتمويل ليبي. ولم تخف هذه الهجومات إلا بعدما شيد المغرب الحزام الأمني الذي أنهى الغارات الغادرة.. وفي التسعينيات قبل المغرب بإجراء استفتاء وبوقف إطلاق النار لتنشئ الأمم المتحدة بعثة المينورسو بالمهمة المنوطة بها كما هو مذكور أعلاه..
 
مسلسل الاستفتاء سوف يقبره جيمس بيكر وسوف يأتي بما سمي حينها بالمقترح الإطار الذي قبل به المغرب ورفضته الجزائر والبوليساريو، بل الجزائر سوف تقترح تقسيم الصحراء وهو ما رفضه المغرب.. بعد جيمس بيكر لم يظهر أي اقتراح إلى بداية الألفية حيث تقدم المغرب بمقترح الحكم الذاتي الذي اعتبره المنتظم الدولي جديا وذا مصداقية. في هذا الوقت تبقى الجزائر رافضة لكل حل.
 
غير أن السنوات الأخيرة عرفت تطورات مهمة وجذرية. فقد سحبت معظم الدول اعترافها بما يسمى الجمهورية الصحراوية واعترفت عدة بلدان بمغربية الصحراء منها الولايات المتحدة الأمريكية القوة العظمى والبلد المكلف بتحرير مقررات مجلس الأمن حول الصحراء. ثم فتحت العديد من البلدان قنصليات لها في كل من العيون والداخلة... وبهذا لم يعد هناك لزوم للحديث عن نزاع الصحراء، ولم يعد في المشكل سوى مخيمات تيندوف التي يجب أن تجد لها حلا في إطار المواثيق الدولية للاجئين. والذي يرغب في العودة إلى وطنه فالمغرب طرح منذ سنوات حل الوطن غفور رحيم...
 
إعلامي وكاتب صحافي