الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

عز الدين بونيت يكتب عن الأساتذة الرافضين لتحميل تطبيق "مسار": هاتفي.. وأنا حر فيه!

 
عز الدين بونيت
 
مؤسف ما أقرأه من ردود فعل أخجل من وصفها بأنها صبيانية، لأساتذة يعلنون رفضهم التعامل مع تطبيق "مسار" وتحميله على هواتفهم، بدعوى أنها هواتف خاصة، ولن يضعوها رهن إشارة عملهم المهني.
 
هذه الدعوى، في تقديري، مبرر باهت، ولا مصداقية له من الناحية الفعلية. وهي تبدو مجرد دعوى للاختفاء وراءها من أجل تعطيل هذه الآلية، كما حصل في بداية انطلاق برنامج مسار قبل سنوات في زمن الوزير الراحل محمد الوفا. ولا يستبعد أن تكون الأوساط نفسها التي كانت وراء حملة الاعتراض الأولى هي التي تقف هذه المرة أيضا وراء حملة الاعتراض الحالية؛ وبالدوافع ذاتها، التي تلخصها الرغبة في الحفاظ على مناطق الظل المعتمة في العملية التعليمية. ذلك أن هذا التطبيق يفترض أنه مصمم من أجل الإسهام في إضفاء مزيد من الشفافية على استثمار الزمن المدرسي بشكل أمثل.
 
لو كان هؤلاء المعترضون يحرصون على ترك هواتفهم الشخصية بعيدة عن أناملهم بشكل صارم أثناء ساعات العمل، ولو كانوا يمتنعون تماما عن استعمال أي تطبيق آخر مثبت في تلك الهواتف، خلال وجودهم بالمؤسسات التعليمية، بل لو كانوا يغلقون تلك الهواتف احتراما لوقت العمل وحفاظا عليه، لكان لاعتراضهم بعض المصداقية. أما وأنهم يحملون معهم تلك الهواتف الخاصة إلى أماكن عملهم، ويمعنون في استعمالها أثناء أوقات العمل، قاضمين من ذلك الوقت ما طاب لهم، ولو كان بضع دقائق، فلا يمكنهم أن يزعموا أنهم حريصون على تمييز وسائل العمل عن وسائل اللهو.
 
لن يستطيع أي أستاذ منخرط اليوم في هذه المماحكة البخيلة جدا أن يقنعني، أو يقنع مكونات المجتمع، بتلك الشعارات الرنانة التي يرفعها في كل مناسبة، من أنه يناضل من أجل الحفاظ على المدرسة العمومية، ويتفانى في الرفع من مستواها ومستوى أدائه المهني فيها؛ وأن كل ما يحركه هو فقط هذه الدوافع النبيلة...
 
وأسأل بعض هؤلاء المعترضين أن يتطوع بالإجابة بكل نزاهة عن هذه الأسئلة: لو كنت تشتغل في قطاع التعليم الخاص أو أي قطاع خاص آخر، وأمرك رب عملك بأن تُحمّل ذلك التطبيق أو تطبيقا آخر على هاتفك الخاص، هل كنت ستجرؤ على رفض ذلك والاعتراض عليه؟ وإلى أي حد ستتمادى في العصيان؟ لو كنت أبا حريصا على تتبع الحياة المدرسية لأبنائك، هل كنت ستقبل بهذه المماحكة التي ستحرمك من الاستفادة مما يتيحه لك التطبيق؟ هل كنت سترضى أن يُحرم ابنك أو ابنتك من الاستفادة من مزايا ذلك التطبيق، بدعوى أن الأستاذ لا يريد استعمال هاتفه الخاص، بالرغم من أن ذلك الاستعمال لا يكلفه أي شيء من الناحية المادية؟
 
كيف ستتمكن من التوفيق بين كل هذه الانتظارات؟
 
كاتب وباحث ومخرج مسرحي