الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

حقائق جديدة حول نشأة اليسار الجديد في أسفي

 
 
عبد الهادي الزوهري
 
يريد هذا المقال تقديم معطيات جديدة، تتعلق بعوامل وظروف نشأة ما يسمى بـ"اليسار الجديد"، في إقليم آسفي، إذ سبق لنا أن عالجنا الموضوع عينه، في مناسبتين: الأولى، بصدور كتابنا: "قناعة الاختيار بوحدة اليسار"، والثانية بنشر مقالات حول تاريخ وتطور منظمة العمل الديمقراطي الشعبي في آسفي على صفحتي في الفايسبوك، خلال سنة 2019.
 
وأكدنا في المناسبتين معا، على فرضية التأثير، لكوكبة من الأساتيذ اليساريين، ثقافة وانتسابا، في نشر وشيوع مواقف اليسار الجديد والدعاوى لإيديولجيته في صفوف زملائهم وتلاميذهم بثانويات: ابن خلدون، الحسن الثاني، كشكاط، نذكر من هؤلاء المدرسين: مبارك المتوكل، علال الخديمي، عبد الصمد الديالمي، حسني، المرحوم احمد الحيظوري، القشيري، العربي مفضال...
 
وأوضحنا الدور الريادي، الذي قام به طلبة الإقليم الدارسون بكلية ظهر المهراز أمثال مبارك حنون، عبد الرفيق بوركي، محمد الظريف... من ترويج لأفكار اليسار الجديد بين أصدقائهم وذويهم، طلبة وتلاميذ، حين كانوا يعودون إلى آسفي في العطل الدراسية.
 
إثر إضرابات الموسم الدراسي 1971-1972 في جل المدن المغربية الكبرى اعتُقل متزعمو هذه الحركة التلميذية الاحتجاجية منهم مصطفى اجكوني وجمال البراوي والغالي البركات
 
 
وتطرقنا إلى الاعتقالات التي تعرض لها مجموعة من التلاميذ في الموسم الدراسي 1971-1972، إثر الإضرابات، التي امتد صداها إلى المؤسسات التعليمية في جل المدن المغربية الكبرى، ولم تستثن منها ثانويات الإقليم، وفي هذا السياق سوف يُقبض على متزعمي هذه الحركة التلميذية الاحتجاجية، ندلي بأسماء بعضهم على سبيل المثال لا الحصر: مصطفى اجكوني، جمال البراوي، الغالي البركات...
 
إلا أن الجديد الذي يبشر به البحث، في هذا الموضوع، هو ما كشف عنه المناضل الطاهر محفوظي، أحد مسؤولي النقابة الوطنية للتلاميذ في كتابه "أفول الليل"، لبيان التعالق بين الحركة الاحتجاجية التلميذية والنقابة الوطنية للتلاميذ، يقول "زرت آسفي.. في هذه المدينة، امتد النقاش طويلا... وحين هممت بالرجوع إلى الشماعية... لم أجد ناقلة فبِتّ في أسفي، ليلة 31 دجنبر 1972" ص: 158. ويؤكد رشيد فكاك من جديد هذه المسؤولية التأطيرية في تصريح له: "كان القطاع التلاميذي والطلابي له تنظيم... وكان المسؤولون المباشرون في تلك الفترة (1973) هم: ملوك طه، صلاح الوديع، والطاهر محفوظي" (جريدة الاتحاد الاشتراكي، 28 مارس 2014). ومن المعروف أن للوديع ومحفوظي ارتباطات عائلية بإقليم آسفي، إلا أننا لا نستطيع البرهنة على التزام الوديع بتنظيم تلاميذ آسفي تنظيما مباشرا، في حين أن مسؤولية محفوظي التأطيرية جلية لا تحتاج إلى دليل.
 
كشف محفوظي اختطاف ابن آسفي الأستاذ عبد الواحد كوتري في مارس 1973 رفقة مناضلين من اليسار الجديد كالمرحوم أحمد أمغار وسمهاري وعبد الصمد بلكبير والتجارتي والبريبري
 
 
ويضيف صاحب كتاب "أفول الليل" حدثا دالا، لم نلتفت إليه إلا مؤخرا، وهو اختطاف ابن آسفي الأستاذ عبد الواحد كوتري في الخميسات، في مارس 1973، رفقة مجموعة من مناضلي اليسار الجديد كـ: المرحوم أحمد أمغار، محمد سمهاري، عبد الصمد بلكبير، حسن التجارتي، محمد البريبري... إلخ (ص:163). وستتابع الاعتقالات، في نهاية السبعينيات لتحصد الطالبة الآسفية وداد البواب صحبة رفيقتنا لطيفة اجبابدي وأخريات... فهل لهذين الحدثين الأخيرين وشائج وأواصر، بما أدلى به عبد العزيز المنبهي، في "كرسي الاعتراف"، الذي كانت تنشره جريدة "المساء"، في صيف 2013، وبالضبط في عدد 30 غشت، بحقيقة لم تكن معروفة لدى مناضلي اليسار الجديد الآسفيين، هي حقيقة دراسته بآسفي في مرحلتين، الابتدائي والثانوي في نهاية الستينيات، فهل عقد المنبهي في هذه السنوات صداقات وعلاقات دراسية كانت جسرا إلى تنظيم "أ"؟
 
وكيفما كان الجواب، فهذه أحداث تاريخية سردناها تكشف أن اليسار الجديد، بفرعيه كان موجودا في إقليم آسفي ولم نكن نعلم بهذه "الحقائق" بحكم سرية هذا اليسار إلى أن كشفتها اعترافات بعض الفاعلين في كتابة وصنع تاريخ اليسار الجديد في المنطقة...
 
كاتب وفاعل مدني