احتجاجات 20 فبراير بين المطالب الوطنية والاستراتيجيات الدولية
الكاتب :
حميد أحمد المرادي
حميد أحمد المرادي
هذه المقالة كتبتها باسم مستعار (حميد الهاشمي الجزولي) في حينه، إذ نشرت على موقع الحوار المتمدن يوم 25 يوليوز 2011.
"حركة عشرين فبراير" على محك الممارسة السياسية
أعتبر أن ما يصطلح عليه "حركة 20 فبراير" هي قبل وبعد حركة شعبية-شبابية.
تبلورت عبر المطالبة بتحقيق مجموعة من الحقوق الديمقراطية المتعلقة بالحريات العامة والفردية وتكريس بعض الحقوق الاجتماعية.
وتمتد جذورها في التربة المغربية عموما، انطلاقا من طموح مشروع لفئات اجتماعية تحاول تجاوز الأطر التقليدية، التي تكبّل تحوّل المجتمع المغربي.
وليس غريبا أن نجد ضمن المؤسسين للحركة شابات وشباب ارتبطوا ثقافيا بموجة التجديد على مستوى الموسيقى، من خلال البوليفار مثلا.
وليس غريبا أن نجد كذلك ضمن المؤسسين للحركة شابات وشباب ارتبطوا بـ"الحركة من أجل الحريات الفردية(مالي)، التي اختصرتها الاتجاهات المحافظة في "وكّالين رمضان".
كذلك لا ينبغي إغفال مشاركة شابات وشباب من أعضاء شبيبات القوى اليسارية، على خلفية انحسار الإطارات الحزبية، وتآكلها تنظيميا، وعجزها عن إنتاج رؤية سياسية مستقبلية ومناضلة.
ولقد تشكلت الحركة عبر ميكانيزمات تصريف مطالبها ودينامية استقطابها لشرائح أخرى عبر تنظيم التظاهرات.
ولعل في:
- انخراط تنظيمات سياسية، ذات أجندة متقاربة مع مطالب الحركة كشبيبات (اليسار الاشتراكي الموحد، حزب الطليعة، المؤتمر الوطني الاتحادي، الاتحاد الاشتراكي...)،
- وانخراط تنظيمات ذات أجندة بعيدة عن المطالب المعلنة للحركة، باعتبار أن المنطلقات التأسيسية الفكرية والتنظيمية لهذه التنظيمات، تتناقض والكُنه الديمقراطي للحركة مطلبيا وتنظيميا، ومنها تنظيمات موغلة في التخلف الفكري وتمتح من معين فكري سلفي لا يستوي مع ما يعرفه العالم من تطور علمي وما تعرفه المجتمعات من تطور ما بعد حداثي (ونعني بذلك جماعة العدل والإحسان وبعض الجماعات السلفية)،
- كما أن انخراط تنظيمات ما زالت ترتكز في فكرها وتنظيمها على الأطروحات البئيسة للستالينية، ونعني بذلك النهج الديمقراطي وبعض المجموعات من ماوية وتروتسكية...،
قد أعطى للحركة طابعا مختلفا عن انطلاقتها من حيث الشكل ومن حيث المضمون.
وبالتالي، فإن وضع الحركة في المرحلة الحالية، مع الاختلاف بين إقليم وآخر، يتميز بكونها أصبحت رهينة الاستمرارية، التي تختصر عند البعض في الخروج أسبوعيا إلى الشارع. وبذلك أصبح برنامج المطالب خارج جدول الأعمال لأغلب التنسيقيات، من حيث التطوير والتحيين.
وبدأت الحركة في فقدان مركز قوتها، أي أرضيتها المطلبية، التي توحّدت حولها قوى مجتمعية واسعة.
هذه القوى المجتمعية أخذت في مغادرة، وستستمر في مغادرة تظاهرات الحركة تاركة المجال لـ"القادرين" على التجييش لأهداف خاصة، وكذلك لأصحاب المطالب الفئوية الضيقة، التي لا جامع بينها إلا المكان الفيزيقي أي الشارع.
وبالتالي، فالحركة صارت تعيش أزمة تطور، بين اختيار الحرية الذي انطلقت منه، واختيار المشروع الملتبس لدى القوى التي حاولت الركوب لتحقيق أجندتها الغير معلنة.
لذلك، لاحت في الأفق صراعات بين "المستقلين" و"المنتمين"، وبين الاتجاهات "الديمقراطية" والاتجاهات "الشمولية".
وما الصراعات في بعض الجموع العامة للحركة كالدارالبيضاء، والانسحاب الأخير للاتحاديين والطليعيين وأعضاء الاشتراكي الموحد بالرباط، إلا مؤشرات على هذه الأزمة.
فالأسئلة الجوهرية في اعتقادي الخاص هو ماذا تريد الحركة في اللحظة السياسية الراهنة؟ ومن هي القوى صاحبة المصلحة في الذي تريد؟
وهذه الأسئلة، في حقيقة الأمر، تقتضي فتح نقاش سياسي عمومي، بين مختلف الفاعلين، بعيدا عن منطق الكم بالتجييش، وبعيدا عن الشعارات الجوفاء التي تخفي المؤامرة التي تحاك من وراء ظهر الشعب، وأحيانا –للأسف- وراء ظهر المناضلات والمناضلين من ذوي النيات الصادقة.
انتهت مقالة 2011، وهذا رابطها على موقع الحوار المتمدن:
لقد تبين مع مرور الزمن أن المخطط كان أكبر مما تصوره البعض، فمجموعة أوباما-كلينتون، أعدت لعملية تحويل كبرى على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبكل الأدوات المخابراتية والعسكرية والتمويلية، لكن بعد فشل مشروعهم، انطلاقا من التحول الذي عرفته جمهورية مصر العربية، ومن انحسار "داعش"، وتراجع مهمة اللاعب التركي في المنطقة، وفوز "ترامب" بالرئاسة، توارى المشروع إلى الوراء، ومرت مياه كثيرة تحت الجسور.
فمع مخلفات المشروع إياه في تونس وليبيا وبشكل أكبر في سوريا، لا يزال الخطر محدقا بالمنطقة، لأنه ستتم محاولة إعادة تسويقه ولو بطريقة مختلفة، وذلك عبر استعمال إيران وأذرعها لخلق "فوضى خلاقة" جديدة بعد فشل تنظيم "الإخوان المسلمين" لوحده وبقيادة تركية في إنجاز المهمة.
سيكون من السذاجة الفكرية أولا، ومن الغباء السياسي ثانيا، ومن السقوط الأخلاقي ثالثا، قراءة عمليات تحريك "الحراكات" وفتح "ملفات" حقوق الإنسان خارج هذا السياق الجهنمي، في بناء الخرائط العالمية لضمان المصالح المستقبلية التجارية والعسكرية والاستراتيجية.
كل المطالب مشروعة ضمن مناعة ذاتية قادرة على حماية استقلال البلد واستقراره، وتحديد مصيره بإرادة وفي صالح مواطنيه.