الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

عسكر الجزائر وعقدة المغرب.. إلى متى؟!

 
أحمد حريري التجاني
 
ما يقوم به جنرالات النظام الجزائري لتنفيس الأزمة الداخلية، التي خرج الشعب الجزائري من أجل إدانتها والمطالبة بإسقاط من كانوا سببا فيها، لا يمكن أن تنسينا أن التاريخ والجغرافيا يحكمان على شعبينا الشقيقين بالعيش المشترك والتوجه نحو المستقبل بنفَس وحدوي ومتفائل..
 
كل ما يحيكه النظام الجزائري وجنرالاته الحمقى والمرضى بعقدة المغرب لن يؤدي إلا إلى تقوية الحراك الشعبي ومطالبه العادلة في العيش بكرامة وحرية وسلام، ضدا في من يقومون بكل شيء من أجل إيهام الشعب الجزائري أنه في مواجهة عدو خيالي خارجي عوض التركيز على أعداء الشعب داخليا..
 
الطعن في رموز الشعب المغربي وقيادته إعلان عن الإفلاس السياسي والأخلاقي للطغمة المتحكمة في المرادية واعتراف بهزائمها المدوية والمتتالية سياسيا واقتصاديا ودبلوماسيا..
 
رغم خيرات وثروات الجارة الشرقية، فإن نظام العسكر انتهى، بغبائه، إلى القضاء على كل أمل في الخروج من عنق الزجاجة ومنح الشعب الجزائري ما يستحقه من عناية حرية وكرامة وعدالة وتقدم.. لقد سيطر الجنرالات على كل مقدرات الجزائر وسخّروها لمصالحهم الشخصية، وصرفوا الملايير على وهْم صنعوه وصرفوا عليه الملايير من أجل استغلاله كفزاعة ضد كل من يعارض سياستهم ويدين فسادهم.. صرفوا اموال الجزائريين على عصابة أخرى ولدوها قيصريا من أجل تأكيد أنهم في حرب ضد عدو خارجي ومرروا كل صفقاتهم الكريهة على ظهر العصابة المتحكمة والمتحكم فيها في تندوف..
 
وفي الوقت الذي يصارع المغرب الزمن ويسابقه بنجاح من أجل السير قدما بمشاريعه رغم قلة الموارد وكثرة المعيقات.. وفي الوقت الذي يتسع هامش الحريات والنقاش العمومي وتدبير الاختلاف بهذا الجزء العزيز من العالم.. تمشي عصابة المرادية بالجزائر في اتجاه المجهول، ولا عقيدة ثابتة لديها سوى معاداة المغرب ومصالحه ووحدته..
 
المغرب ليس جنة ديمقراطية ولم يصل إلى كل ما يتمناه شعبا وقيادة، ومشاكله لا حصر لها، ولكنه أثبت أنه قادر على اللعب مع الكبار في هذا العالم، وتدبير أموره بحد مقبول، بل وعالٍ، من الحرية والإنصات لنبض الشارع والتضحيات، بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء.. ما مكّنه من تثبيت مكانته الدولية وموقعه كرقم صعب تجاوزه على الرقعة المغاربية والعربية والإفريقية، وفرض نفسه كشريك أساسي واستراتيجي للقوى العالمية من أوروبا إلى أمريكا مرورا بالصين..
 
رغم الجائحة وقلة الموارد الطبيعية وبعمل مستمر وذكي واستراتيجي، استطاع المغرب وقيادته فرض الأمر الواقع والشرعي في صحرائه، وفرض سيطرته على كل شبر من ترابه، باعتراف صريح من أكبر قوة دولية، وضمني من كل القوى العالمية الفاعلة على الرقعة السياسية الدولية... واستطاع أن يمتّن ارتباطه بأبنائه من الأغلبية الساحقة من الصحراويين، الذين أصبحوا أكبر مدافع ومقاوم لترهات عصابات تندوف والجزائر الذين لم يعد النوم يعرف طريقا لعيونهم لكثرة ونوعية الضربات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية التي تلقوها من المغرب..
 
نستحق جميعا العيش بسلام وفي تناغم وتواصل وتعاون، ولن تفرقنا مؤامرات الجنرالات الذين مازالوا يعيشون في وهم الحرب الباردة التي استفادوا منها من أجل تقوية مواقعهم وتضخيم أرصدتهم البنكية ولجم كل صوت تواق للحرية والكرامة لدرجة أصبح حتى الإعلام لديهم ناطقا ببغاويا بأوامر وترهات عصابة العسكر اللئيمة.. المستقبل للشعوب الحرة ودائما خاوة خاوة مع إخواننا شعب الجزائر..
 
كثير من عقلاء وحكماء الجزائر خرجوا للتنديد بحقارة ودناءة الهجمات الإعلامية المنظمة بالجارة الشرقية والتذكير بأن ما يروجه إعلام العسكر وذبابه الإلكتروني لا يمثل في شيء قيم ومواقف الشعب الجزائري الذي لا تهمه في شيء الحروب الدونكيشوطية لعسكر المرادية وجنرالاته، بقدر ما يهمه العيش بسلام مع جيرانه وبكرامة داخل حدوده وأن يرى خيرات وطنه تعود بالنفع عليه وعلى أبنائه...
 
لقد دعم المغرب حركة التحرر الجزائرية ضد المستعمر الفرنسي، وقدم لها المال والملجأ والسلاح، وربط مصيره وهو حر بمصيرها وهي تحت نير الاحتلال، واعتبر محمد الخامس أن استقلال المغرب ناقص مادامت الجزائر مستعمرة فرنسية..
 
وسنظل نعتبر أن رفاهنا وتقدمنا سيظل ناقصا مادام شعبنا بالجارة الشرقية يعاني من ويلات سياسة حاكمين جعلوا معاداة المغرب عقيدة سياسية ثابتة لهم... سنظل نعتبرهم إخوة ونتمنى أن نسير معا في طريق التقدم والرفاه مجتمعين... فنحن معا نستحق الأفضل ولنا من الإمكانيات ما يكفي لتحقيق أمانينا...
 
كاتب رأي