حسب البلاغ الصادر عن وزارة القصور الملكية، تم تأجيل الخطاب الملكي إلى يوم السبت 7 نوفمبر 2020 على الساعة التاسعة ليلا، وهو الأمر الذي جاء حفاظا على الأمن الصحي وحياة الجميع، ولو كان الخطاب قد تم إذاعته رغم إصابة تقني بالفيروس لاعتبره البعض، ممن يزايدون على الخطاب، استهتارا للدولة بأرواح الأبرياء...
الملك رئيس الدولة يقدم المثال في احترامه للبروتوكول الصحي حفاظا على حياة الجميع، ملكا ووليا للعهد والأمير مولاي رشيد، وكذا باقي العاملين والتقنيين، الذين يشرفون على إذاعة وبث الخطاب.
المضحك بل المبكي هو أن يتم ربط الأمر بالانتخابات الأمريكية، هؤلاء الذين مازال يسكنهم الاستعمار رغم انهم "صدّعونا" بالدعوة إلى التحرر، لأن الخطاب الملكي، خاصة خطاب المسيرة الخضراء، يكون، عادة، أولا احتفائا، احتفاء بالحدث وبالمشاركين، ويذكّر بالأجواء الوطنية التي نظمت فيها المسيرة...
المستجد الحقيقي هو قرار مجلس الأمن ومسودة القرار، التي أعدتها الولايات المتحدة الأمريكية، ولمن تابع الانتخابات الأمريكية وخطاب المرشح الديمقراطي الموجه للخارج، سيكتشف أن بادين لو فاز لن يغير من علاقته مع المغرب، بل في عهد الديمقراطيين تعززت الشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وفي عهدهم تجاوزنا حالة الشك التي كانت سنة 2012، ولكم أن تعودوا إلى مختلف مسودات مشاريع القرارات، التي اقترحتها أمريكا منذ سنة 2013، وإلى قرارات مجلس الأمن منذ نفس السنة، وهي السنة التي أصبح فيها الحكم الذاتي جزءا أساسيا من الحل، ومخرجا معترفا به من طرف الإدارة الأمريكية سواء كانت ديمقراطية أو جمهورية، ويكفي فقط العودة للنقاش الذي كان عندما عين ترامب جون بولتون مستشارا للأمن القومي، فخرج البعض يهلل علينا بكون الولايات المتحدة الأمريكية تريد تقسيم الصحراء، وكنا عندما نفنّد ذلك، كانوا يختزلوننا في كوننا مجموعة من "العياشة"، ونبيع الوهم! وفي النهاية، تبين أن أولئك المنتقدون المختزلون هم "العيّاشة"، مثلما تبيّن أن جون بولتون لم يقترب من نزاع الصحراء، بل أكثر من ذلك، تقدمت الولايات المتحدة الأمريكية -وبولتون مستشار للأمن القومي- بمسودات مشاريع قرار لصالح المغرب، وتدعم الحل السياسي، الذي اقترحه المغرب، وثبتت صحة وجهة نظرنا، لأننا نؤمن فقط بأن المغرب قد استطاع فرض استقلالية قراره الخارجي، من خلال الاستراتيجية التي وضعها الملك، والتي ترسمت في خطاب المسيرة الخضراء لسنة 2015، وفي خطاب القمة المغربية-الخليجية...
لو كان المغرب يرهن قضيته الأولى الوطنية بالخارج وبالولايات المتحدة الأمريكية لخضع للإدارة الأمريكية عندما كانت تضغط عليه في صفقة القرن، ولما استطاع المغرب ان يحتج لدى ترامب وهو رئيس قوي، وقد رأيناه كيف كان يعامل رؤساء دول تعتبر نفسها قوية في المنطقة بالكثير من الرعونة، وهو ما لم يستطع القيام به مع المغرب، ولم تستطع عدة دول رغم مناوشاتها للمغرب في قضيته الوطنية أن تُخضعه وتجعله جزءا ضمن خطتها في الشرق الأوسط، ولنعد لموقف المغرب المتفرد من الحصار على قطر، ومن المؤامرة التي كانت تحاك على الملك الاردني عبد الله، كيف دعّمَ المغربُ الأردنَ واستقبل العاهل الأردني ووقفا معا ضد أي ضغوطات خارجية تم من خلالها استغلال بعض أدواتها في الأردن لإثارة الفتنة. للأسف، هذا البعض، الذي يصر على أن يكون بلدنا تابعا، لم يستوعب بعد أن المغرب بلد حر ومتمسك بقراره السيادي...
الأمر بسيط جدا: خطابٌ تأجل خوفا من انتشار فيروس كورونا، ومن انتقال العدوى إلى الملك وإلى محيطه وإلى العاملين بالإذاعة والتلفزيون... قرار يؤكد أن أرواح الناس أهم لدى الملك من خطاب يمكن أن يتم تأجيل إذاعته وبثه...