هذا ما قرره اجتماع وزراء دول أفريقيا الأطلسية وماذا قالوا عن الملك وكيف تفاعل معهم بوريطة
الكاتب :
"الغد 24" و(و.م.ع)
أشاد وزراء الدول الأفريقية الأطلسية، اليوم الأربعاء 8 يونيو 2022، في الرباط، برؤية الملك محمد السادس من أجل جعل الفضاء الأفريقي الأطلسي إطارا لتعاون أفريقي عملي وملائم.
ورحب الوزراء، أيضا، في "إعلان الرباط"، الصادر في اختتام أشغال الاجتماع الوزاري الأول لدول أفريقيا الأطلسية، المنعقد في الرباط بدعوة من المغرب، بالتزام الملك من أجل إعادة تفعيل هذا الإطار الجيواستراتيجي للتشاور بين البلدان الأفريقية الأطلسية.
وبعد الإشارة إلى أن هذا الاجتماع ينعقد في سياق إقليمي ودولي جد خاص، وحافل بالتحديات بالنسبة لبلدان المنطقة، جدد الوزراء التأكيد على إرادتهم القوية لمواصلة الحوار بشأن المبادئ المشتركة، والرهانات والمصالح المتوافقة، في أفق جعل الفضاء الأفريقي الأطلسي منطقة للسلم والاستقرار والازدهار المشترك.
وإقرارا منهم بالمؤهلات السياسية والاقتصادية والأمنية التي يزخر بها الفضاء الأفريقي الأطلسي، عبر الوزراء عن عميق انشغالهم بشأن التهديدات متزايدة التعقيد التي يطرحها الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، والقرصنة البحرية، وحدة التحديات البيئية وعواقبها على الأمن الغذائي وتدفقات الهجرة الانسانية، وايضا رهانات التنمية الاقتصادية والبشرية، والتنافسية والاستقطابية.
وشكل الاجتماع، الذي عرف مشاركة 21 بلدا مطلا على الواجهة الأطلسية، من بينها 15 بلدا ممثلا على المستوى الوزاري، مناسبة لبلورة رؤية أفريقية مشتركة حول هذا الفضاء الحيوي، والنهوض بهوية أطلسية أفريقية والدفاع بصوت واحد عن المصالح الاستراتيجية للقارة.
وتمحورت أشغال الاجتماع حول ثلاثة مواضيع تتعلق ب"الحوار السياسي، والأمن، والسلامة"، و"الاقتصاد الأزرق والربط"، و"البيئة والطاقة"...
الاتفاق على إعادة تفعيل الأمانة العامة الدائمة للمؤتمر
من جهة أخرى، اتفق وزراء الدول الأفريقية الأطلسية على إعادة تفعيل الأمانة العامة الدائمة للمؤتمر، الكائن مقرها بالرباط، والمكلفة بتنسيق العمل والتحضير للاجتماعات.
وأبرز الوزراء، في "إعلان الرباط"، أن هذه الأمانة العامة الدائمة ستعمل بصفتها منصة للتبادل بشأن التحديات والفرص في الفضاء الأفريقي الأطلسي. وقرروا، كذلك، إرساء المسلسل الأفريقي الأطلسي للرباط، من أجل تعزيز التعاون بين الدول.
ودعا الوزراء، من جانب آخر، إلى تعزيز التعاون الأطلسي مع الدول المجاورة للمحيط الأطلسي، خاصة بلدان أمريكا اللاتينية.
الاتفاق على عقد الاجتماع المقبل في المغرب
في السياق نفسه، قرر وزراء الدول الأفريقية الأطلسية عقد الاجتماع المقبل في المغرب، إذ بحسب "إعلان الرباط"، فإنه "في أعقاب مباحثاتهم، قرر وزراء الدول الأفريقية الأطلسية عقد الاجتماع الوزاري الثاني للدول الأفريقية الأطلسية بالمملكة المغربية".
من جهة أخرى، دعا الوزراء إلى تعزيز التعاون العابر للأطلسي مع الدول المحاذية للساحل الأطسي لاسيما مع بلدان أمريكا اللاتينية. كما قرروا الالتقاء على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، في شتنبر 2022".
وشكل الاجتماع الوزاري مناسبة لبلورة رؤية أفريقية مشتركة حول هذا الفضاء الحيوي، والنهوض بهوية أطلسية أفريقية والدفاع بصوت واحد عن المصالح الاستراتيجية للقارة.
من أجل حكامة للهجرة متشاور بشأنها
وأكد وزراء الدول الأفريقية الأطلسية، كذلك، على أهمية الاستفادة المثلى من الفضاء الأفريقي الأطلسي من أجل تدبير أكثر تشاورا وتنسيقا لحكامة الهجرة.
وبهذه المناسبة، عبر الوزراء عن دعمهم الكامل للاجتماع الوزاري للدول الأفريقية الأطلسية باعتباره إطارا ملائما للاستفادة من فرص التعاون المفيدة لجميع الأطراف، ومن بينها الآليات الإقليمية، ودون الإقليمية وبين الإقليمية الموجودة، وذلك بهدف التوصل لتوافقات، وتقديم إجابات ناجعة واستباقية بخصوص التحديات التي يواجهها هذا الفضاء المشترك، ولاسيما من خلال تحديد نقط التواصل المخصصة للتعاون الأفريقي الأطلسي.
وفي هذا الصدد، ذكر الوزراء بمختلف الإعلانات المتمخضة عن الاجتماعات الوزارية السابقة، في إطار التعاون الذي انطلق سنة 2009، ولاسيما إعلان الرباط بتاريخ 4 غشت 2009، الذي يعد الوثيقة التأسيسية والمرجعية للمسلسل الأفريقي الأطلسي.
وأخذا بعين الاعتبار هذه التحديات، أكد إعلان الرباط على الحاجة إلى التحرك الجماعي من خلال تنسيق التحركات حول مجموعة من المواضيع الاستراتيجية والقطاعات المهيكلة، من أجل تقديم إجابات بخصوص متطلبات الأمن والتنمية المستدامة والرخاء بهذه المنطقة المشتركة.
من جهة أخرى، شدد وزراء الدول الأفريقية الأطلسية على أن دول المنطقة تقع على عاتقها المسؤولية الأولى في تقوية قدرات هياكل الدول، والدفاع عن الوحدة الوطنية والترابية بما يتماشى والقانون الدولي.
والتزم الوزراء بمواصلة محادثات التعاون والتنسيق، داعين إلى حوار سياسي وأمني يتمحور حول مواضيع مكافحة الإرهاب، ومكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود بكل أشكالها، والقرصنة البحرية، وتهريب المهاجرين، وعمليات الاختطاف في البحر. كما دعوا إلى تعميق النقاش بهدف الاستفادة من الفرص التي توفرها قطاعات الاقتصاد الأزرق، والربط البحري، والطاقة، فضلا عن المشاورات المتواصلة لرفع التحديات البيئية.
ولبلوغ هذه الأهداف، قرر وزراء الدول الأفريقية الأطلسية خلق ثلاث مجموعات موضوعاتية، مكلفة بالحوار السياسي والأمن والاقتصاد الأزرق والربط البحري والطاقة والتنمية المستدامة والبيئة. وفي هذا الإطار، تم تعيين ثلاث دول لقيادة المجموعات الموضوعاتية الثلاث، وهي، على التوالي، نيجيريا والغابون والرأس الأخضر.
وقد شكل الاجتماع الوزاري الأول للدول الأفريقية الأطلسية، المنعقد بدعوة من المغرب وبمشاركة 21 بلدا مطلا على الواجهة الأطلسية، من بينها 15 بلدا ممثلا على المستوى الوزاري، مناسبة لبلورة رؤية أفريقية مشتركة حول هذا الفضاء الحيوي، والنهوض بهوية أطلسية أفريقية والدفاع بصوت واحد عن المصالح الاستراتيجية للقارة.
أفريقيا الأطلسية لديها كل شيء لتكون منطقة سلام واستقرار وازدهار
في هذا الصدد، أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، اليوم الأربعاء بالرباط، أن أفريقيا الأطلسية لديها كل شيء تقريبا لتكون منطقة سلام واستقرار وازدهار مشترك.
وأبرز بوريطة، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع، أن "أفريقيا الأطلسية لديها كل شيء تقريبا لتكون منطقة سلام واستقرار وازدهار مشترك. على الأقل، لديها الإمكانات لتحقيق ذلك".
وأشار بوريطة إلى أن الملك محمد السادس دعا، منذ سنة 2013، إلى "تفعيل أنشطة مؤتمر الدول الأفريقية المطلة على المحيط الأطلسي وتمكينه من القيام بدوره كاملا".
وأبرز الوزير أن المسلسل، الذي رأى النور في الرباط سنة 2009، يولد من جديد اليوم، وفق منظور جديد، لكن "بنفس الأفق الذي نتقاسمه، من كاب سبارطيل إلى رأس الرجاء الصالح"، مشددا على الأهمية الاستراتيجية الراسخة لهذا الفضاء.
وسجل بوريطة أن الدول الأفريقية الـ23 المطلة على المحيط الأطلسي تمثل 46 في المائة من سكان أفريقيا، مشيرا إلى أن هذا الفضاء يتركز فيه 55 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الأفريقي، واقتصاداته تحقق 57 في المائة من التجارة القارية.
وبعدما اعتبر هذا الفضاء بمثابة منطقة نشيطة ومكان تلتقي فيه الثقافات والأعراق، شدد بوريطة على أن "مجالاتنا البحرية تزخر بموارد هائلة، بيولوجية وغير بيولوجية".
وحرص بوريطة على التأكيد على أن منطقة أفريقيا الأطلسية تعد محط أطماع وتنافس، مشيرا إلى أنها تواجه تحديات أمنية غير مسبوقة، بفعل تصاعد التهديدات غير المتكافئة، والجريمة العابرة للحدود، وانعدام الأمن البحري، والقرصنة، والإرهاب، والجريمة المنظمة.
وتابع الوزير بهذا الخصوص، أن ما يقرب من 90 في المائة من الحوادث البحرية، ومن بينها القرصنة، تم تسجيلها على طول الواجهة الأطلسية للقارة، مضيفا أن "قارتنا التي تعاني من 48 في المائة من الضحايا بسبب الإرهاب في العالم ترى التهديد الإرهابي يستقر على طول السواحل الأطلسية" .
كما أشار بوريطة إلى أن الجريمة العابرة للحدود هي سبب ونتيجة في الآن نفسه لضعف الشبكة الأمنية، وضعف حضور الدولة، والتسلل عبر الحدود وعدم الاستقرار السياسي والمؤسساتي.
وسجل بوريطة أن منطقة أفريقيا الأطلسية تحطم الأرقام القياسية في ما يتعلق بقابلية التأثر بتغير المناخ، مضيفا أن إضفاء الطابع الساحلي على أنشطتنا يؤدي إلى تفاقم المشكلات البيئية، مع عواقب وخيمة على الأمن الغذائي وحالات النزوح مع ما يقرب من 1,4 مليون نازح داخليا مسجلين في منطقة غرب أفريقيا لوحدها.
وأشار الوزير إلى أن "الاحتباس الحراري يؤدي إلى ارتفاع سنوي في منسوب المياه الأفريقية الأطلسية بما يقرب من 3,6 ملمترات، مما يؤثر بشكل مباشر على الأنشطة الاقتصادية والحياة الساحلية"، مذكرا بأن تطوير نظام إنذار مناخي مبكر سيمكن، وفقا لصندوق النقد الدولي، من تقليل المخاطر ذات الصلة بالغذاء بنسبة 30 في المائة في القارة، ولا سيما على مستوى الساحل الأطلسي.
وأبرز رئيس الديبلوماسية المغربية أنه ينضاف إلى ذلك تحديات التنمية البشرية والتنمية الاقتصادية والتنمية المستدامة والتنمية بشكل عام، مشيرا إلى أن الدول الأفريقية الأطلسية لا تتلقى سوى 4 في المائة من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر نحو الفضاء الأطلسي مقابل 74 في المائة بالنسبة لدول الضفة الشمالية، وذلك على الرغم من الإمكانات الاقتصادية المتنامية لأفريقيا الأطلسية.
وأعرب الوزير عن أسفه قائلا "نحن نحكم على أنفسنا بعدم جني إمكانات فضائنا، إذا لم نقم بتعبئة إمكاناته للتعاون. لأنه لا يكفي أن يكون الأطلسي القاسم المشترك. يتعلق الأمر أيضا بتقاسم منظور ورؤية وأفعال"، مشددا على أن هذا الفضاء يجب أن يكون جيوسياسيا، وأن تكون لديه هوية استراتيجية وأن يعمل بشكل جماعي، من أجل الاستجابة لمتطلبات الأمن والتنمية المستدامة والازدهار في هذه المنطقة.
الدعوة إلى هيكلة الفضاء الأفريقي الأطلسي
من جهة أخرى ناصر بوريطة إلى هيكلة الفضاء الأفريقي الأطلسي، مؤكدا أن إعلان الرباط "يؤسس للمسلسل (الأفرو-أطلسي) للرباط"، عاصمة الثقافة الأفريقية هذه السنة، والعاصمة الأطلسية أيضا.
وقال بوريطة إن هذا الإعلان "يكرس رؤيتنا ويتيح مأسسة مقاربتنا ويهيكل فضاءنا. فهو، في الواقع، موجه نحو إعطاء زخم للتنسيق بشأن مجموعة من المواضيع الاستراتيجية والقطاعات المهيكلة، ويؤسس لثلاث مجموعات موضوعاتية، مكلفة بالحوار السياسي والأمن، الاقتصاد الأزرق والربط البحري والطاقة، وأخيرا التنمية المستدامة والبيئة".
وتابع بوريطة أن هذا الإعلان "يعطي دينامية جديدة للأمانة الدائمة للمؤتمر، التي يوجد مقرها بالرباط"، مضيفا أن "هذه المبادرة لا تسعى بأي حال من الأحوال إلى منافسة منظمات إقليمية أخرى أو تكتلات أفريقية أطلسية".
وشدد بوريطة على أنه "نريد أن يُنظر إليه مثلما هو في الواقع، أي كدينامية شاملة من أجل مسلسل حكامة سياسية لفضائنا الأطلسي المشترك، بمفهومها الواسع"، مبرزا أن هذا الطموح لا يتمثل فقط في إعادة تفعيل آليات الماضي، بل تجاوزها. فطموح مسلسل الرباط هو تمكين أفريقيا من الإمساك بزمام الأمور على صعيد الأطلسي، وصياغة مواقف مشتركة، وعلى المدى الطويل، تحقيق الارتباط مع بلدان الضفة الأخرى الجنوبية للمحيط الأطلسي وأمريكا اللاتينية.
وأضاف بوريطة أن "رؤيتنا تتمثل في الاعتراف بأن الرهان هو ألا نكون بلدانا مطلة على الأطلسي وتدير ظهرها عليه"، موضحا أن "المحيط الأطلسي ليس مجرد حد ومصدرا للتحديات ؛ بل هو أيضا ثقافة ووعي وهوية بحرية".
ودعا الوزير، في هذا السياق، إلى نشر روح الأطلسي لدى إداراتنا القطاعية والفاعلين الاقتصاديين والمجتمعات، وتحويل هذا الفضاء إلى قطب استراتيجي واقتصادي، ومنطقة ترابط وتعاون واتحاد.
وقال بوريطة: "إذا كان المحيط الأطلسي يجمعنا من الخارج، فليكن أيضا أمرا يوحدنا من الداخل"، مضيفا أنه "في 8 يونيو من كل سنة، سيكون لدينا حدثان نحتفل بهما: الأول يتمثل في اليوم العالمي للمحيطات، والثاني هو إعطاء دينامية للمسلسل الأفريقي الأطلسي للرباط".