الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

ذكرى ميلاد ولي العهد.. الأمير مولاي الحسن يشعل شمعة أول يوم في سنّ العشرين

 
تحل، اليوم الأحد 8 ماي 2022، الذكرى التاسعة عشرة لميلاد لميلاد ولي العهد الأمير مولاي الحسن، الذي شكلت بشرى مولده في الثامن من ماي سنة 2003، حدثا سعيدا، احتفت به الأسرة الملكية ومعها المغاربة في أجواء البهجة، وعمت الأفراح مختلف أنحاء البلاد، وشملت مختلف الشرائح والفئات الاجتماعية...
 
 
وشكلت الاحتفالات، التي اشتركت فيها الأسرة الملكية ومختلف مكونات المجتمع، صورة متجددة للتلاحم الوثيق بين العرش والشعب، خصوصا أن هذا الحدث يرتبط، لدى المغاربة، برمزية قوية، تتعلق بعنوان للسيادة الوطنية، التي يمثلها العرش العلوي، الذي ينتقل بالوراثة، وفق مقتضيات دستورية، إلى الولد الذكر، الأكبر سنا، من ذرية الملك.
 
وكان بلاغ لوزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة حدد الوقت بالتحديد للميلاد السعيد، إذ أكد أن "المولود ميمون الطالع، ازداد في تمام الساعة السادسة وأربعين دقيقة من صباح اليوم الخميس 6 ربيع الأول 1424 هجرية، الموافق لـ8 مايو 2003 ميلادية"، وتابع البلاغ قائلا إن الملك محمد السادس ارتأى أن "يسمي ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن باسم جده الملك المقدس صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، تيمنا بهذا الاسم الجليل".
 
رمزية اسم الحسن
 
ولاسم "الحسن" رمزية تاريخية كبرى لدى الأسرة العلوية، التي تعاقب عليها في قيادة الدولة المغربية ملكان حملا الاسم ذاته، الحسن الأول، ابن السلطان محمد الرابع، والحسن الثاني ابن الملك محمد الخامس. وقبل تسع عشرة سنة، هلت على المغاربة بشرى ميلاد ولي العهد الأمير مولاي الحسن، ابن الملك محمد السادس.
 
عُرف الحسن الأول بأن عرشه كان على صهوة جواده، لكثرة تنقلاته بين أرجاء البلاد، متفقدا أحوال وأوضاع العباد، ووصفه المؤرخ المغربي عبد الهادي التازي بأنه كان "فلتة من فلتات التاريخ"، اعتبارا "لذكائه ورؤيته السياسية ودهائه الدبلوماسي"، فضلا عن جهاده القوي في مواجهة المطامع الاستعمارية الأجنبية.
 
وعُرف الحسن الثاني بأنه "موحد البلاد"، و"صانع المسيرة الخضراء"، و"باني السدود"، لدوره الكبير في مسارات الكفاح الوطني ضد الاحتلال الأجنبي، حيث قاسى، إلى جانب الأسرة الملكية، مِحنَ حصار قوات سلطات الاستعمار، وتعرض للمنفى رفقة والده الملك محمد الخامس، ولعب دورا تاريخيا في بناء وتوطيد دعائم الدولة المغربية الحديثة...
 
 
ويأتي إطلاق اسم مولاي الحسن على ولي عهد الملك محمد السادس تعبيرا عن قيم ومبادئ الوفاء لملكين كبيرين في تاريخ البلاد، وتجسيدا لاستمرارية العرش واستقرار البلاد وتماسكها عبر التاريخ.
 
إن إحياء ذكرى ميلاد ولي العهد الأمير مولاي الحسن مناسبة يتجدد فيها عمق التلاحم بين العرش والشعب، واستمرارية العرش في أبعادها التاريخية والدستورية والقانونية، ومناسبة كذلك تتوهج فيها فرحة المغاربة، التي تعكس تطلعاتهم العميقة إلى استمرار العرش، باعتباره ضامن وحدة البلاد وتماسكها واستقرارها، والتي تجعلهم مطمئنين على المستقبل، في ظل الجهود، التي يبذلها الملك محمد السادس، والأوراش الكبرى المفتوحة، لبناء مغرب ديمقراطي حداثي...
 
مولاي الحسن في المدرسة
 
يوم الخميس 9 أكتوبر 2008، شهدت البلاد حدثا بارزا شد اهتمام المغاربة، تمثّل في الدخول المدرسي الأول لولي العهد الأمير مولاي الحسن، كما كان حدثا استثنائيا في حياة الأسرة الملكية. في ذلك اليوم، تابع المغاربة، عبر النقل التلفزي الأمير مولاي الحسن، وهو يتحرك، أنيقا جميلا، بخطوات واثقة، نحو المدرسة الأميرية بالقصر الملكي بالرباط...
 
الظهور الرسمي لولي العهد
 
يعود أول ظهور رسمي لولي العهد إلى سنة 2004، عندما بلغ سموه سنته الأولى، إذ رافق الأمير مولاي الحسن والده الملك محمد السادس في حفل استقبال الفريق الوطني لكرة القدم، الذي كان بلغ نهائيات كأس إفريقيا للأمم بتونس. وبدا مولاي الحسن سعيدا أمام الكاميرا، التي التقطت له صورة تذكارية وهو في حضن والده، يتوسطان أعضاء الفريق. كما شارك والده الملك محمد السادس في مراسيم استقبال الرئيس الفرنسي الأسبق الراحل، جاك شيراك، وكان يرتدي جابادورا أحمر فاقعا، ويتحرك بهدوء واطمئنان في حضن والده.
 
وأعقب ذلك، في السنة الموالية (2005)، حضور مشع وقوي في الاحتفالات بالذكرى الخمسين لاستقلال المغرب، كان مرتديا لباسا عصريا غير رسمي، وهو يتابع فقرات الاحتفالات، بكثير من الانتشاء والحيوية، دون أن يتخلى عن رزانته، ووداعته، التي استأثرت بإعجاب الضيوف والمشاركين، من داخل المغرب وخارجه.
 
في السنة ذاتها، أي سنة 2005، ظهر ولي العهد في نشاط رسمي للملك، خلال افتتاح الملتقى الدولي للفلاحة بمكناس، ورافق والده في جولة تفقدية لمرافق المعرض، مرتديا لباسا عصريا، عبارة عن بدلة رسمية، بربطة عنق، يتحرك في الأروقة بهدوء، ممسكا بيد والده، إلى حين الوصول إلى إحدى الحضائر، حيث أثاره مشهد للأبقار، التي ركز عليها نظره، متأملا في منظرها وحركاتها.
 
ثم أعقب ذلك، ظهور الأمير مولاي الحسن إلى جانب والده في العديد من الأنشطة والاستقبالات الرسمية، منها المشاركة في مراسم استقبال العاهل الأردني الملك عبد الله، وعقيلته الملكة رانيا، في مطار مراكش، بمناسبة زيارة رسمية لهما للمغرب. كما شارك، وهو في سن الرابعة، في حفل تعيين وكيل عام جديد للملك لدى المجلس الأعلى ومدير للشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل، الذي جرت مراسمه بقاعة الاستقبالات بالقصر الملكي بالرباط، وكان يتكئ على الكرسي، الذي يجلس عليه والده، وبالهدوء نفسه، كان يتابع المصورين الصحافيين، وهم يتحركون بكاميراتهم لالتقاط صور للحدث.
 
 
كان ذلك في ربيع سنة 2007، وفي صيف السنة ذاتها، شارك والده في الجولة الملكية للجهة الشرقية، التي أطلق فيها الملك العديد من المشاريع التنموية، وتخللها مشهد شد أنظار المشاهدين المغاربة، الذين كانوا يتابعون النقل التلفزي للنشاط الملكي، حين شارك والده في مراسم تدشين أول شارع يحمل اسمه، بمدينة وجدة، شكل إشارة قوية من الملك محمد السادس، للعناية القصوى، التي يوليها للنهوض بالجهة الشرقية، حين أطلق على الشارع اسم "صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن"، وبدا ولي العهد سعيدا في حضن والده، الذي كان يزيح الستار عن اللوحة التذكارية المؤرخة لهذا الحدث.
 
تربية ملك المستقبل
 
كانت لحظات قوية في روعتها وجاذبيتها، تابعها المشاهدون المغاربة لحظة بلحظة، تابعوا ملكهم في جولته التفقدية لمرافق المدرسة الأميرية، التي تتكون من كتاب لحفظ القرآن، وعدة فصول دراسية، ثم وهو يسلم محفظات ولوازم مدرسية لمولاي الحسن، ولرفاقه الخمسة في الفصل. وما كان واردا أن يترك محمد السادس الفرصة تمر دون أن يعيش هذا الحدث، ويكون في قلب قوته واستثنائيته. ولعل الملك، وهو يحضر حصة لتلقين القرآن، ويتابع الدرس الأول لولي العهد ولرفاقه في الفصل، في حصة اللغة العربية، وكذا حصة اللغة الفرنسية، قد يكون استحضر، دفعة واحدة، شريطا حافلا بالأحداث، والذكريات، عندما كان وليا للعهد، فآثار سيدي محمد حاضرة في كل مكان من المدرسة، التي قضى بها فترة زاهية من حياته الدراسية والشخصية. وما يفعله محمد السادس اليوم مع مولاي الحسن، عاش مثيلا له مع والده الحسن الثاني، إذ كما هو معروف، دأبت الأسرة العلوية، على مدى تاريخ المغرب، على إعداد ولي العهد، منذ ولادته، لتولي مسؤولية الملك. فالحسن الثاني حرص، شخصيا، على تربية ولي عهده، وعلى تعليمه الديني والسياسي، ومعروف أيضا، بشهادة محمد السادس، أن تربيته كانت حازمة، منذ أن التحق بالمدرسة القرآنية، وعمره آنذاك لا يتجاوز أربع سنوات.
 
وصف الملك محمد السادس أسلوب تربية ولي العهد بأنها "تميل إلى الصرامة، مع برنامج دراسي حافل". وقال "تلقينا تربية دينية جيدة في الكتاب القرآني بالقصر، وأنا حريص على أن يتلقى ابني نفس القواعد التربوية"، وتابع الملك متحدثا عن ولي العهد "إنني لا أرغب في أن تكون شخصيته مطابقة لشخصيتي، ولكن أن تكون له شخصيته الخاصة، وقد كان والدي يحب القول عند الحديث عني (له شخصيته ولي شخصيتي. والأسلوب هو الرجل)".
 
ولي العهد تجاوز سن الرشد
 
رسخت مختلف الأنشطة، التي ظهر فيها ولي العهد، في أنظار المغاربة، صورة مولاي الحسن الأمير الوسيم، الذي لا يفارق ابتسامته الرائقة، وهدوءه واتزانه، ووداعته، التي استقطب بها حبا تلقائيا من قبل جماهير الشعب المغربي، التي زادت حبا لولي العهد عندما بلغ سن الرشد...
 
ففي ماي 2021، بلغ ولي العهد سن الرشد، وفي يوليوز 2020، وكان في عمر 17 سنة، حصل مولاي الحسن على شهادة البكالوريا، خيار دولي، مسلك "علوم اقتصادية واجتماعية"، بميزة "حسن جدا". وبالنظر لظروف الإغلاق بحكم التدابير الوقائية، التي كانت تفرضها الإجراءات المعتمدة للحد من انتشار جائحة كوفيد-19، لم تكن هناك أنشطة أميرية، مثلما هو الحال، مثلا، بالنسبة للسنة التي سبقتها (2019).
 
ففي 30 سبتمبر 2019، مثّل ولي العهد الأمير مولاي الحسن في باريس، الملك محمد السادس، في المراسم الرسمية لتشييع جثمان الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك التي أقيمت في كنيسة سان سولبيس.
 
كما حضر ولي العهد الأمير مولاي الحسن في قصر الإليزيه، خلال اليوم نفسه، مأدبة غداء أقامها رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون على شرف رؤساء الدول والحكومات الذين حضروا مراسم تشييع جثمان الرئيس الراحل.
 
وفي 22 سبتمبر 2019، ترأس ولي العهد الأمير مولاي الحسن، بحلبة المدرسة الملكية للخيالة بتمارة، حفل تسليم الجائزة الكبرى لصاحب الجلالة الملك محمد السادس للمباراة الرسمية للقفز على الحواجز.
 
وبأمر من الملك محمد السادس، استقبل ولي العهد الأمير مولاي الحسن، في 22 غشت 2019 بقصر الضيافة بالرباط، الأطفال المقدسيين المشاركين في الدورة الـ12 للمخيم الصيفي، الذي تنظمه وكالة بيت مال القدس الشريف، تحت الرعاية السامية للملك، رئيس لجنة القدس.
 
وفي 28 يونيو 2019، مثّل ولي العهد الأمير مولاي الحسن، الملك محمد السادس، بإقليم الفحص أنجرة (جهة طنجة تطوان الحسيمة) في حفل إطلاق العمليات المينائية لميناء طنجة المتوسط 2، وهي منصة مكّنت من تحويل المركب المينائي طنجة المتوسط إلى ميناء رائد على مستوى البحر الأبيض المتوسط.
 
 
وبأمر من الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، ترأس ولي العهد الأمير مولاي الحسن، في 26 يونيو 2019 بالكلية الملكية للدراسات العسكرية العليا بالقنيطرة، حفل تخرج الفوج الـ19 للسلك العالي للدفاع والفوج الـ53 لسلك الأركان.
 
ويوم 14 ماي 2019، وبأمر من الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، ترأس ولي العهد الأمير مولاي الحسن، بنادي الضباط بالرباط، مأدبة فطور-عشاء أقامها الملك بمناسبة الذكرى الثالثة والستين لتأسيس القوات المسلحة الملكية.
 
وفي 29 أبريل 2019، ترأس ولي العهد الأمير مولاي الحسن، بمقر مؤسسة أبو بكر القادري للفكر والثقافة بسلا، حفل تدشين الإفريز التأريخي الذي أنتجته المؤسسة، والذي يروم المساهمة في إبراز معلمات للذاكرة عند الأجيال الشابة وتعميق الشعور بالانتماء للوطن. ويعرض هذا الإفريز، الذي يحمل عنوان "من الاحتلال إلى الاستقلال"، بالنص والصورة، أبرز المحطات في تاريخ المغرب ابتداء من سنة 1906 بمؤتمر الجزيرة الخضراء، وصولا إلى سنة 1956 باستقلال البلاد.
 
وفي 25 فبراير 2019، شارك ولي العهد في الاستقبال الملكي للأمير هاري، دوق ساسيكس، وعقيلته ميغان ماركل، وذلك بمناسبة أول زيارة رسمية إلى المغرب استغرقت ثلاثة أيام. وسلّم الأمير هاري إلى الملك محمد السادس رسالة خطية من الملكة إليزابيث الثانية.
 
وبهذه المناسبة، أقام الملك محمد السادس حفل شاي على شرف الأمير هاري وعقيلته ميغان ماركل، وكانت المفاجأة أن صور اللقاء انتشرت بقوة لدى المغاربة، وتناقلتها الكثير من المنابر والمواقع والصفحات العالمية... وظلت الصور مثار تعليقات أعداد كبيرة من المغاربة، الذين ظلوا يتقاسمونها على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب "الضحكة الخجولة"، التي ظهر بها الأمير مولاي الحسن، في وقت كانت ميغان ماركل تتحدث بحماسة إلى الملك محمد السادس، الذي كان في الوقت ذاته، يستمع إلى حديث ميغان، ويبادل ابنه ضحكة متواطئة، في مشهد جميل استقطب إعجاب وحب المغاربة...