استعدادا للاستحقاقات الانتخابية.. أحزاب الميزان والجرار والكتاب تطالب بتعاقد سياسي جديد
الكاتب :
حكيمة أحاجو
كشف الأمناء العامون لأحزاب المعارضة، نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، ونزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، وعبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، في ندوة صحفية "عن بعد"، يومه الأربعاء 22 يوليوز الجاري، بمقر حزب الاستقلال بالرباط، عن الملامح الكبرى للمذكرة المشتركة التي أعدتها أحزابهم للإصلاحات السياسية والانتخابية، والتي سيتم تقديمها لعبد الوافي لفتيت وزير الداخلية.
وفي هذا الصدد أوضح الأمناء العامون للأحزاب الثلاثة، أن الهدف من تقديم مذكرة موحدة جاءت في سياق مطالبة الحكومة بفتح نقاش حول مدونة الانتخابات، ومن أجل طرح مقترحات من شأنها تقوية إعادة الاعتبار للعمل السياسي، استحضارا لمضمون الفصل 11 من الدستور الذي ينص على أن الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي.
وأكد كل من وهبي وبركة وبنعبد الله، أن تقديم مذكرة موحدة جاء انسجاما مع مرجعياتها السياسية والإيديولوجية، والتي تجعل من المسألة الديمقراطية ركنا أساسيا في مشروعها السياسي، مؤكدة أن هدفها لا ينحصر في المسألة الانتخابية فقط، بل تؤكد على ضرورة معالجة أزمة السياسة وأزمة الثقة في الفاعل السياسي وفي المؤسسات المنتخبة، في أفق صياغة تعاقد سياسي جديد، ببنيات سياسة ومؤسساتية قوية، وبقواعد ديمقراطية صلبة.
مذكرة بنفس سياسي
تضمنت المذكرة التي قدمتها أحزاب: الاستقلال والتقدم والاشتراكية والأصالة والمعاصرة مقدمة سياسية، أكدت من خلالها على ضرورة إحداث انفراج سياسي وحقوقي في البلد، وعلى أهمية إعادة الاعتبار لدور الأحزاب، من أجل استعادة ثقة المواطنين في الشأن السياسي.
في هذا السياق أوضحت مقدمة المذكرة التي قدمتها أحزاب الميزان والكتاب والجرار، أن المشهد السياسي المغربي السياسي يعاني من حالة الترهل والإجهاد على جميع المستويات، جراء أسباب ذاتية مرتبطة بطبيعة اشتغال الفاعل الحزبي والمؤسسات السياسية، وبروز ممارسات تهيمن عليها حسابات الربح والخسارة عوض المضمون السياسي والفكري والإيديولوجي، إلى جانب عدة أسباب موضوعية تتعلق بغموض وتداخل أدوار الفاعلين في النسق السياسي المغربي، في ظل عدم قدرة الأحزاب السياسية والمؤسسات المنتخبة على أداء وظائفها الدستورية والسياسية.
وتابعت أن حالة الترهل هاته، تسائل الجميع، لانه رغم ما تحقق من مكتسبات سياسية ودستورية وديمقراطية، فإن فكرة الديمقراطية ما زالت تعتريها عدة أعطاب هيكلية ووظيفية، من قبيل تراجع دور المؤسسات المنتخبة وعدم قدرتها على التجاوب مع انتظارات المواطنين، واستمرار تغليب منطق التحالفات الهجينة على حساب مخرجات العملية الانتخابية إلى غير ذلك من الممارسات التي تعرقل التطور السياسي والديمقراطي ببلادنا.
مشهد سياسي غامض
أقرت أحزاب الاستقلال والأصالة والمعاصرة والتقدم والاشتراكية أن المشهد السياسي المغربي أصبح موسوما بالغموض والضبابية، بفعل عدم احترام قواعد ومبادئ الديمقراطية، والهروب من تحمل المسؤوليات السياسية في تدبير الشأن العام.
وأفادت في مذكرتها التي كشفت عن ملامحها اليوم في ندوة صحفية عن بعد، أن الأغلبية الحكومية تمارس خطاب المعارضة للحفاظ على مكتسبات انتخابية، بينما وجدت المعارضة نفسها في تماهي كبير مع هذا الخطاب، وأصبح المواطن لا يستطيع التفريق بين المواقف، وبين من يتحمل مسؤولية اتخاذ القرار.
وأردفت أن مكونات الأغلبية الحكومية، تروج للعبثية بسبب الصراعات السياسية، وعدم الانسجام والتصادم بين مكوناتها، مما أدخل البلد في المنطقة الرمادية من مساره السياسي والديمقراطي.
حلول مستعجلة أبرزها توضيح دور السياسي والتكنوقراطي
للخروج من الأزمة التي يتخبط فيها المشهد السياسي ولاسترجاع ثقة المغاربة في الفاعل السياسي، دعت أحزاب المعارضة (الاستقلال، التقدم والاشتراكية، الأصالة والمعاصرة)، إلى إبرام تعاقد سياسي جديد، واستثمار المنسوب العالي للوطنية الذي أفرزته جائحة كورونا، على أساس أن يكون المدخل الأساسي لهذا التعاقد هو القيام بالإصلاحات السياسية والمؤسساتية، وتقوية الأدوار الدستورية للأحزاب، وإحداث القطائع الضرورية مع بعض الممارسات المسيئة للمسار السياسي والديمقراطي.
من جهة ثانية طالبت الأحزاب السالفة بتعزيز الاستقلالية والتعددية الحقيقية، وتوضيح الرؤية السياسية، وتوضيح أدوار السياسي والتكنوقراطي في الحياة العامة، وإقرار التكامل بين السياسي والمجتمع المدني، وتطوير المفهوم الجديد للسلطة، لمواكبة تطورات الحقل السياسي والدستوري، وتوطيد التعاون والتكامل مع أدوار الأحزاب السياسية والمؤسسات المنتخبة.
وشددت في السياق ذاته على ضرورة توفير المناخ العام والشروط السياسية الضرورية الكفيلة بإحداث انفراج سياسي وحقوقي، والعمل على تقوية تموقع الأحزاب في الفضاء العمومي والمؤسساتي، وتمكينها من كافة الوسائل والظروف للقيام بمسؤولياتها الدستورية والأخلاقية تجاه المجتمع، وبمراجعة القانون التنظيمي للأحزاب السياسية، بما يجعله قادرا على استيعاب روح الاختيار الديمقراطي الذي جاء به الدستور، والرفع من الدعم العمومي الموجه لها قصد تحفيزالعمل السياسي، وتخصيص جزء منه للكفاءات الحزبية في مجال التفكير والابتكار.
من جانب آخر، طالبت مذكرة الجرار والميزان والكتاب بإعادة النظر في علاقة وسائل الإعلام العمومية بالأحزاب السياسية على أساس تدعيم التعددية السياسية، وتقوية حضور الإعلام السياسي في البرامج والمجلات الإخبارية، وتغيير الطريقة النمطية في معالجة المادة الحزبية والسياسية، وبضرورة تجديد الأحزاب السياسية لنخبها، وتشجيع حضور الشباب والنساء في هياكلها، وبإعطاء المدلول الدستوري والديمقراطي لبرامج الأحزاب السياسية عبر الالتزام ببلورتها في إطار السياسات العمومية، وإعطاء المدلول الديمقراطي لإرادة الناخب في اختيار ممثليه، وكذا تمكينه من كافة الوسائل لمساءلة المنتخب ومحاسبة هيئته السياسية بعد نهاية فترة الانتخابات، ثم على تبسيط الإجراءات والشكليات المتعلقة بتقديم العرائض والملتمسات من طرف المواطنين، وتنظيم وتوضيح العلاقات بين مؤسسات الحكامة والمؤسسات الدستورية الأخرى.
منظومة قانونية معتلة
أكدت أحزاب الاستقلال والأصالة والمعاصرة والتقدم والاشتراكية في مذكرتها لتعديل المنظومة القانونية المؤطرة للانتخابات، أن نزاهة الانتخابات وشفافيتها، هي أحد الأوراش الرئيسية التي ينبغي الانكباب عليها، من أجل تعزيز و حماية العملية الانتخابية وإحاطتها بكافة الضمانات القانونية، والإدارية، والقضائية، والسياسية، موضحة أنه على الرغم من أن التجربة الانتخابية ببلادنا انطلقت منذ بداية ستينيات القرن الماضي، إلا أن المشهد الانتخابي ما زال يعاني من عدة إكراهات واختلالات تحد من نزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها.
ولتوفير الشروط والآليات لتجرى العملية الانتخابية في أجواء يسودها التنافس السياسي الحر بين الأحزاب، طالبت بتشجيع المشاركة السياسية للمواطنات والمواطنين، وبترسيخ الشفافية والنزاهة وتخليق الممارسة الانتخابية، وبتقوية الأحزاب السياسية للقيام بأدوارها الدستورية، وبتوطيد الديمقراطية وتقوية فعالية المؤسسات المنتخبة.
إصلاحات ملحة وآنية
ومن أجل تحقيق الأهداف السالفة دعت إلى اتخاذ عدد من الإصلاحات والتدابير المستعجلة، تهم الهيئة المشرفة على الانتخابات، وذلك إحداث اللجنة الوطنية للانتخابات، تكون بمثابة هيأة مكلفة بالتنسيق والتتبع ومواكبة الانتخابات، تكون ذات طابع مختلط، تتكون، بالإضافة إلى ممثلي الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية الممثلة في البرلمان، من ممثلي الحكومة، والتقطيع الانتخابي، وذلك باعتماد المنهجية التشاركية بخصوص مشاريع التقطيع الانتخابي، وعرضها وجوبا على اللجنة الوطنية للانتخابات واللجان الإقليمية، ونمط الاقتراع بالحفاظ على نظام الاقتراع المزدوج: أحادي / لائحي، في الانتخابات الجماعية، واعتماد الانتخابات باللائحة في الجماعات التي يفوق عدد سكانها 50.000 نسمة، وكذا في الجماعات التي يقل سكانها عن هذا العدد شرط وجود مقر العمالة فوق ترابها، واعتماد الاقتراع الأحادي الإسمي في باقي الدوائر الانتخابية، وتقوية مشاركة النساء والشباب باعتماد لوائح جهوية للنساء،والشباب ذكورا وإناثا، بدل اللائحة الوطنية، مع رفع عدد المقاعد التي كانت مخصصة للائحة الوطنية، في أفق تحقيق المناصفة بالنسبة للنساء، ومراعاة تمثيلية الأطر والكفاءات، وكذا الجالية المغربية بالخارج، واعتماد لائحة نسائية في الجماعات ذات الترشح الفردي، والتنصيص القانوني على تمثيلية النساء في مجالس العمالات والأقاليم والغرف المهنية، وإحداث صندوق لدعم المشاركة السياسية للشباب على غرار صندوق دعم القدرات السياسية للنساء، إضافة إلى تعديلات تقنية همت اللوائح الانتخابية والحملة الانتخابية وتاريخ الاقتراع ويوم الاقتراع وعملية الاقتراع وطريقة احتساب الاصوات، وفرز الأصوات وحفظها، وتصويت وترشيح المغاربة المقيمين بالخارج، وتعزيز نزاهة الانتخابات والعتبة الانتخابية والمالية، وحق الترشح لرئاسة المجالس المنتخبة، ثم نظام تمویل الأحزاب السیاسیة وكیفیات مراقبة النفقات الانتخابية.