الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

التدين الاستعراضي.. تْسنَّى أولد (...) نصلي الظهور ونرجع نهرس لدين امك الضلوع!

 
محمد الخدادي
 
"تْسنَّى أولد القـ(...) نصلي الظهور ونرجع نهرس لدين امك الضلوع".
هكذا توعّد بائع زميلا له خلال نزاع في سوق نموذجي للخضر والفواكه.
"كتنصح الناس بذكر الله، وانت باغي تقتل عباد الله؟!"
هكذا سأل شرطي مرور سائقا تجاهل إشارة الضوء الأحمر، وتعمد خرق قانون السير، في ملتقى طرق، وهو يثبّت على الزجاج الخلفي لسيارته عبارة "لا تنس ذكر الله"، التي غالبا ما يكتبونها خاطئة هكذا "لا تنسى"، ولما أوقفه الشرطي، جرّب التوسل والاستعطاف، ثم التلميح إلى "التدويرة"، قبل أن يخضع لغرامة المخالفة مكرها.
شكَل ترويج الوعظ على زجاج السيارات مصدر دخل ورواج لمن يصنعون ويبيعون هذه الكتابة، في سياق المتاجرة برموز التدين الاستعراضي، مثل "دينار الصلاة" على الجبين، واللباس الأفغاني للنساء والرجال، الذي تريد بعض الفتاوى أن تكرسه "لباسا إسلاميا"، ويجاريها في ذلك منطق التجارة، وغطاء الرأس للنساء، والمسك والسواك... 
وبما أن المال لا دين له ولا وطن، حسب القاعدة الذهبية للنظام الرأسمالي، فقد كان الصينيون (أصحاب النظرية البراغماتية العجيبة لـ"اقتصاد السوق الاشتراكي") أفضل من انتبه إلى شساعة سوق استهلاك الرموز الدينية في العالم الإسلامي، فسوَّقوا ساعات ناطقة بالأذان، ومزينة بالآيات القرآنية وصور الكعبة...
إبراز الروح الدينية لدى صاحبها، وإشهارها في الشارع أمام الآخر، وفي الوقت نفسه، الإخلال بقانون السير والإرشاء من طرف الشخص نفسه المنتصب داعية وواعظا، يحيل على سؤال مركزي في موضوع الهوية والديمقراطية والحداثة: كيف يتمثل الإنسان المغربي نفسه، وكيف يحدد ذاته في العلاقة مع الآخر؟ هل يعتبر نفسه مواطنا أولا، أم هو مؤمن في المقام الأول؟