أصدرت ما يسمى باللجنة الوطنية الصحراوية بمخيمات تندوف، وهي واحدة من الآليات التي خلقها تنظيم البوليساريو في محاولة يائسة لاستنساخ تجربة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بيانا تهاجم فيه البلاغ، الذي كان أصدره المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في موضوع الانفصالية سلطانة خية، واصفة البلاغ بـ"الكاذب والمنافي للحقيقة في مسعى دنيء وخسيس يروم الهروب إلى الأمام وذر الرماد في الأعين"، دون أن توضح طبيعة هذا الكذب...
وكان وفد عن اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالعيون الساقية الحمراء، قام، يوم 13 فبراير 2021، بزيارة لمحل سكن سلطانة سيد إبراهيم خيا، بمدينة بوجدور، واستمع أعضاء الوفد إلى تصريحات المعنية، التي ادعت فيها تعرضها للرشق بالحجارة من طرف أحد عناصر القوات العمومية.
وبناء على ذلك، راسل المجلس الوطني لحقوق الإنسان النيابة العامة المختصة لإجراء بحث بهذا الخصوص، أمام تضارب معطيات حيثيات الحادث، ولاتخاذ ما تراه النيابة العامة المختصة ملائما من إجراءات قانونية في حال صحة ما ادعته المعنية بالأمر ونشر نتائج البحث...
واللافت أن هذه اللجنة المزعومة، المسماة "اللجنة الوطنية الصحراوية بمخيمات تندوف"، التي لم تناقش يوما الوضع الحقوقي داخل المخيمات، ولا تطرقت لحالات الانتهاكات الخطيرة التي تعرض لها النشطاء داخل المخيمات، ولا ناقشت أو طرحت موضوع نهب المساعدات الإنسانية الموجهة للمخيمات، أصدرت هذا البيان المهزوز والعجيب مستهدفة فيه المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو استهداف يأتي بعد مسرحية سلطانة خايا، التي لمن لا يعرفها هي نفسها من سبق لها أن قدمت صور أطفال غزة ضحايا القصف الإسرائيلي سنة 2010 على أنهم ضحايا "القمع المغربي لأطفال صحراويين"! إن من يقوم بهذا الفعل الشنيع، الذي أدى بكبريات الصحف الإسبانية، التي اكتشفت هذا التضليل وهذه الفبركة، إلى سحب تلك المادة التي نشرتها، استنادا لما صرحت به هذه السيدة، فهي قادرة على القيام بأي مسرحية، ومسرحية اليوم الهدف منها ليس النضال من أجل حرية الرأي والتعبير لأنهما كانا دائما مضمونين داخل الأقاليم الصحراوية الجنوبية، ويكفي الإشارة إلى أنها تتنقل بحرية من وإلى الخارج منذ سنوات، وتعبر عن مواقفها السياسية إن جاز تسمية ما تصرح به بالموقف السياسي، دون أن تتعرض للاعتقال ولا إلى التضييق...
الجلي هذه المرة أن الاستهداف كان موجها للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ولجانه الجهوية الموجودة بإقليم الصحراء الغربية-المغربي، استهداف لهذه الآلية الوطنية التي تأسست على الأشغال من خلال معايير باريس والتي أهلها منذ سنوات لتكون المخاطب المحلي والوطني في كل ما يتعلق بوضعية حقوق الإنسان في الصحراء، فهي مخاطب لدى مجلس حقوق الإنسان، ومخاطب لدى المفوضية السامية لحقوق الإنسان.. وهو مكسب تحقق من خلال ما تم مراكمته من عمل مؤسساتي لهذه المؤسسة منذ تأسيسها، ثم دسترتها، وإلى الآن...
السؤال اليوم هو: لماذا تنكرت سلطانة خايا للاستقبال، الذي خصته لها عضوة المجلس؟!
وللإشارة، فإن سلطانة، بعد أن قبلت استقبالها من طرف عضوة المجلس، تلقت لوما كبيرا و"تجباد وذنين" من طرف أولياء نعمتها من البوليساريو، خاصة أنها، ومن معها، سبق أن تلقوا تقريعا شديدا على ما سموه "تراخي" نشطاء الداخل من الانفصاليين، وعدم افتعالهم لقضايا حقوقية مفبركة... وتأتي واقعة سلطانة، في هذا الإطار، لأن الفيديوهات التي تم توثيقها من طرفهم لم توثق أي تعنيف قد يكون هو من تسبب في تلك "الرضوض" التي نشرتها سلطانة وجماعتها، المشاهد التي تم نشرها، وإن كانت مرفوضة، فهي لا توثّق لأي لَكْمٍ قد تكون تعرضت به، ولا لأي صفع، تم جرها، حسب الفيديو الذي تم نشره من طرفهم، لخارج المنزل، وبعدها تركوها لتقوم بمسرحيتها وتعود لمنزلها... هذا هو ملخص الفيديو المنشور من طرفهم، وبعد بلاغ المجلس الوطني لحقوق الإنسان سيكون على النيابة العامة إجراء بحث في الموضوع تحت إشرافها، ويجب، تنويرا للرأي العام الوطني َ والدولي، أن تخرج ببلاغ توضيحي حول كل ما جرى والآثار القانونية المترتبة على ذلك.
استهداف المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الآن، هو استهداف للآلية الوطنية التي أنشأها المغرب، وتكذيب سلطانة لاستقبالها من طرفهم، هو جاء بعد تنبيهها بقوة إلى كون قبولها الجلوس معهم هو اعتراف بهذه الآلية، وهو ما يُهدم أطروحة البوليساريو السياسية التي تتحدث عن وجود "انتهاكات جسيمة" لحقوق الإنسان في "إقليم الصحراء الغربية" وعدم وجود آلية محلية توفر الحماية للنشطاء، لتبرير موقف توسيع مهمة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، لذلك خرجت قيادة الجبهة، بكل عتادها الإعلامي، ومعها أبواق جنرالات الجزائر، وفي مقدمتهم موقع وقناة "الشروق"، لإنكار واقعة استقبالها من طرف عضوة المجلس، ليُتوّج ذلك بخروج ما يسمى باللجنة الوطنية الصحراوية لتصدر بيانا ميتا، بيانا بحمولة سياسية وليست حقوقية.
في كل ذلك، َ كملاحظة عامة، يبدو أن البوليساريو بعد ثلاثة أشهر من الحرب الافتراضية، و"الأقصاف" الافتراضية، والبيانات التي حولتهم لأضحوكة أمام العالم، وعوا أن حربهم الإعلامية هاته قد فشلت في لفت انتباه العالم والأمم المتحدة إليهم، فما كان منهم إلا أن حركوا كراكيزهم، هذه المرة تم تحريك الكركوزة سلطانة خايا لافتعال واقعة انتهاك حقوقي، لكن من حيث لا تدري قامت بإجهاض خطة من حرّكوها من خلال استقبالها من طرف عضوة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو ما يفسر حالة الهيستريا التي دخلت فيها في ما بعد، بعدما خضعت لعملية "تجباد الوذنين" وتوبيخها بقوة على قبولها لهذا الاستقبال، وهي خطة تفضح مخطط تحويل معركة الجبهة اتجاه المغرب والعودة لمحاولة تحريك دمى البوليساريو بالأقاليم الصحراوية، لإحياء المعركة السياسية، التي فشلوا فيها سابقا، كما فشلوا في معركة "الأقصاف" ميدانيا وافتراضيا، وللتغطية على حالة الرعب واليأس التي يعيشونها هذه الأيام، التي يتهيأ فيها الشعب الجزائري لاستئناف حراكه يوم 22 فبراير 2021، من أجل إسقاط نظام العسكر، لأن تحقيق هذا الهدف سيرتبط بإسقاط البوليساريو، وبجر قادته للمحاكمة على جرائم نهب أموال الشعب الجزائري مع الطغمة العسكرية الحاكمة في قصر المرادية...