قدّم الناشط الصحراوي المبعد من مخيمات تيندوف إلى موريتانيا، مصطفى سلمة ولد سيدي مولود، دعوة إلى المغاربة لإنهاء مخيمات تندوف، عبارة عن مقترح بالتبرّع بمبلغ 300 درهم لكل مواطن مغربي، من شأنه أن تصل حصيلته إلى مبلغ 12 مليار درهم، وهو مبلغ كفيل ببناء مدينة في منطقة يجري اختيارها بين الكويرة والعيون، وستستوعب مجموع سكان المخيمات... أما ردود الفعل، فقد كانت مفاجئة! هذا ما رد به المغاربة، وهذا موقف سكان المخيمات.. تابع الموضوع من خلال تجميع تدوينتين للقيادي السابق في البوليساريو مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، كتبهما على صفحته في الفايسبوك...
300 درهم لإنهاء مخيمات تندوف
قرأت تدوينة لاحد المدونين المغاربة، أثارت إعجابي، لا لأنها استثنائية ولكن لتعبيرها عن الحس المدني والإنساني. فلا توجد رسالة سلام وإخاء أبلغ من أن تقول لمن يشهر السلاح في وجهك مهددا بقتلك إن استطاع إليها سبيلا، أن بيتك مفتوح له ولأسرته حتى يتسنى له استئناف حياته بشكل لائق.
فقلت، وأنا العارف بمن يسكن في المخيمات التي عشت بها، ماذا لو حوّلنا هذا الحس الراقي إلى رؤية استشراقية تبسط علينا فك طلاسم هذا النزاع الذي أعيانا ضجيجه.
فالشاطئ الأطلسي الصحراوي من "طاح" إلى "لكويرة" ممتد على مسافة تزيد عن 2000 كلم.
على طول هذا الشاطي لا توجد سوى 3 مدن: العيون وبوجدور والداخلة. بين الواحدة والأخرى مئات الكيلومترات.
84000 هو الرقم الذي تعتمده جبهة البوليساريو كعدد للبالغين الصحراويين، الذي توقفت عليه عملية تحديد هوية من تحق له المشاركة في تقرير مصير الإقليم المتنازع عليه، التي أشرفت عليها بعثة المينورسو سنوات تسعينيات القرن الماضي. نصفه مسجل في المخيمات ونصفه مسجل في المغرب.
لنفترض أن هذا الرقم ما زال كله في المخيمات، وأنه تضاعف ليصل إلى 108300 بالغ، حسب الأرقام، التي صرحت بها جبهة البوليساريو والجزائر للمفوضية السامية لغوث اللاجئين المنشورة على موقع المفوضية كإحصائية رقمية لسكان المخيمات سنة 2018، منهم 52900 نساء.
لنفترض أنه لا يوجد أعزب بالمخيمات، وأن عدد الأسر بالمخيمات هو بعدد النساء، أي أن بها اليوم حوالي 60000 أسرة.
وحسب نفس الإحصائية الرقمية لسنة 2018، فإن عدد من تقل أعمارهم عن 18 سنة هو 65300. بمعدل أقل من طفلين للأسرة الواحدة.
وأصغر الشقق تُؤوي أسرة من 4 أشخاص.
فمدينة متوسطة على شاطئ المحيط الأطلسي كفيلة بإيواء كل سكان المخيمات.
إذا افترضنا أن الشقة الواحدة تكلف 200 ألف درهم، ما دامت الأرض عطاها الله، فإننا سنحتاج فقط إلى 12 مليار درهم لحل مشكلة سكان المخيمات.
عندما يُفتح صندوق تبرعات ويساهم كل مغربي فقط بمبلغ 300 درهم، نبني مدينة ساحلية باردة، تستوعب إخواننا في مخيمات تيندوف، دون أن ينقص فلس واحد من ميزانية الدولة، ونهدي خيام لحمادة إلى الجزائر. وننهي صداع نزاع الصحراء...
حشّمتوني يا اولاد عمي!
كتبت منشورا قلت فيه إننا عندما نتكلم بلغة الارقام، فإن حل نزاع الصحراء في متناول البسطاء المغاربة. وإذا كان البسطاء يستطيعون حسمه بأن يتعاونوا على إيواء من في المخيمات، فالشركات والدول ربما قد لا يظهر رقم 12 مليار درهم مغربي في ميزانياتها. وما بالك دول المنطقة والمجتمع الدولي الذين سيخجلون من الاجتماع لتحصيل هذا المبلغ الزهيد، وقد جمع بسطاء المغاربة ضعفه ثلاث مرات السنة الفائتة لصالح صندوق جائحة كوفيد 19.
كنت أريد تبيان، بلغة الأرقام، أن التجلي الوحيد للنزاع هو آلاف الخيام المتناثرة في حمادة تيندوف في ظروف بائسة منذ عقود، وأن حل تلك المأساة رقم مهمل لو توفرت الإرادات.
لم تكن دعوة إلى التبرع، إلا أن الكثيرين من البسطاء المغاربة أعربوا عن رغبتهم واستعدادهم لدفع أضعاف مضاعفة من الرقم الذي أوردته، واستغربت كيف أنه لم يقل أي منهم "لن أساعد بشربة ماء من يحمل السلاح في وجهي ويعيرني ويسبني ويشتمني ليل نهار"...
بينما انبرى بعضٌ من أبناء جلدتي باسم الكرامة!! يسبون ويشتمون من يقول إنه مستعد دون أن تطلب منه لتقاسم رغيف خبز أبنائه معهم!!!
خجّلتوني صراحة يا اولاد عمي.
وإذا كنتم تعتقدون أن المخزن، كما يقول البعض، يتحكم حتى في أزرار كل هاتف وحاسوب في المغرب، لا في عقول المغاربة فحسب، فـ"باز" لهذا المخزن، و"باز" لمن ما زال يحلم بمحاربته...