حوار ليلي نادر بين الحسن الثاني وبستاني القصر ولهذا قال عن المسؤولين "مابقاش علامن تسلم فهاذ الوقت"
الكاتب :
حسن عين الحياة
حسن عين الحياة
كان الملك الراحل الحسن الثاني عندما ينشغل بأمر ما، أو قبل اتخاذه قراراً مصيريا يجد عزاءه في الليل، فكان حسب الدكتور سعيد هبال صاحب كتاب "أصدقاء الملك"، يقضي ليلة بيضاء.. ليس بغرفة نومه أو بمكتبه أو حتى بإحدى شرفات قصوره، وإنما يقضي الليل كاملا بحدائقها، حيث يمشي ذهابا وإيابا ويديه خلف ظهره يتأمل ويفكر في خلفيات وأبعاد قراره.. إلى جانب ذلك كان الحسن الثاني في عز تركيزه ذاك يدخن بشراهة، ولا يكلم أحدا.
ذات مرة، وبينما الملك في عزلته الليلية تلك، صادف بستانيا مراكشيا عجوزاً ما يزال منهما في تشذيب ورود الحديقة، وكانت له مكانة خاصة في قلب الحسن الثاني، آنذاك سأله الملك باستغراب "واه.. أنت مازال خدام فالليل.. واش هاذ الشي مايمكنش تعملو بنهار..؟" فرد عليه البستاني "لا يا مولاي، هذا الورد بالذات ينبغي سقيه وتشذيبه بالليل، لأن النبات أنواع، وكل صنف له وقته الخاص في العناية".
عموما، يقول هبال، طاب الحديث بينهما، وعندما همَّ الملك بالمغادرة ودع العجوز قائلا "الله يرضي عليك.. والله يعاونك آلحاج"، آنذاك أجابه البستاني "لا نعام سيدي ما تقولش ليا الحاج راه فيها الذنوب".. استغرب الملك تم ضحك بشدة مستفسراً عن الذنب الذي اقترفه في عز الليل، فأوضح له البستاني بأنه "إلى قلتي لشي واحد الحاج وهو ما حاجش راه فيها الذنوب" فرد الحسن الثاني "إيوا نحيدو علينا هاذ الذنوب ونصايفطوك للحج آش فيها كاع". آنذاك أمره بأن يُعِد لائحة بالأسماء ستة أو سبعة ممن يشتغلون بجد في القصر وسيرسلهم معه لأداء مناسك الحج، مؤكدا على أن يتوجه باللائحة إلى الديوان الملكي أو وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية لترتيب الأمر.
دارت الأيام ومرت الشهور وربما السنوات أيضا، والتقى الملك الراحل بالبستاني في حديقة القصر، فبادره الحسن الثاني "إيوا دابا نقول ليك الحاج"، فأجاب البستاني "والله نعام سيدي ما حجيت" ملمحا إلى أنه قام بإعداد اللائحة كما أمره وأرساها إلى الجهات المعنية دون أن يُستجاب لطلبه، آنذاك ،يقول هبال، تسمر الحسن الثاني في مكانه.. أشعل سيجارة وتأمل مليا ثم قال غاضبا "مابقاش علامن تسلم فهاذ الوقت"، وتكلف شخصيا بإرسال البستاني إلى الحج.