الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
هؤلاء وجب اعتقاله فورا وتقديهم للمحاكمة أو طردهم إلى شرق الجدار الأمني لو استطاعوا العيش في المخيمات

عملاء الطابور الخامس.. هذه صفاتهم وملامحهم وعلى الدولة تحييدهم فقد يكون الثمن غاليا لكل تردد معهم

 
جلال مدني
 
في فترات الأزمات والحروب، يظهر عملاء "الطابور الخامس" بشكل جلي، قد يكونون متسترين، أو يمارسون التقية، لكنهم عند الحاجة يجب أن يظهروا للعلن ويُظهرون لأسيادهم أعمالا نظير الأجور والتعويضات، التي يمنحها لهم أولئك الأسياد...
 
والطابور الخامس، كما هو معلوم، مصطلح شاع في الأدبيات الاجتماعية والسياسية، كناية على ما قام به أفراد ومجموعات خلال الحرب الأهلية الإسبانية، (1936)، بقيادة الجنرال فرانكو، وهذا المصطلح من ابتكار الجنرال غونزالو كوايبو ديلانو، الذي كان هاجم العاصمة مدريد، التي كانت تحت سيطرة الحكومة الجمهورية، بأربع فرق عسكرية (طوابير أربعة) من الجهات الأربع، إضافة إلى "طابور خامس" من داخل المدينة، يتشكل من العناصر الفاعلة الموالية والمخلصة له، ومن مجموعات من العملاء السريين، مهمتها إثارة التشكيك، والرعب، والفزع، والبلبلة، والقيام أحيانا حتى بأعمال حربية، وإشاعة فوضى، لتهتز الجبهة الداخلية، ومن ثم تسقط العاصمة المحاصرة من كل الاتجاهات! وكانت هذه الفكرة بالفعل أهم ضربة وُجهت إلى الخصم أو العدو من داخل صفوفه...
 
من هنا انتشر هذا المفهوم، الذي أضحى أحد أبرز دعائم الحرب الحديثة، وأحد أهم الأساليب الحربية المبتكرة، في خوض الحرب النفسية، من قبل مجموعة ما أو جماعة من الأفراد، الذين يمكن أحيانا أن ينتقلوا إلى أعمال تخريبية تنفذها العناصر العسكرية منهم...
وعلى هذا الأساس، بات مصطلح الطابور الخامس تستخدمه وسائل الإعلام والأحزاب السياسية بشكل كبير، ويستعمل، في الغالب، للتعبير عن مجموعة من الناس الذين يخونون وطنهم، ويتآمرون عليه نظير مقابل عبارة عن بعض المصالح الشخصية أو بعض الماديات من جهات خارجية، وقد يكون ضمن الطابور الخامس مسؤولون وسياسيون وصحافيون و"مثقفون تحت مسمى التغيير والتثوير وحقوق الإنسان ومقاومة الدكتاتورية" والاستبداد، كما يعرّفهم الدكتور المصري محمود محمد علي، رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل.
 
في مثل هذه الظرفيات الدقيقة، وهنا نعود إلى الحالة المغربية، وجب على السلطات تحييد عملاء الطابور الخامس، دون أي تردد، ولا انتظار، خصوصا وأنهم بدأوا يخرجون تباعا، وستتلو خرجاتهم خرجات أخرى تصعيدية تدريجيا، حيث يعتبر أي تساهل معهم خطأ قاتلا من قبل الدولة، قد تؤدي ثمنه غاليا، وقد يحاسبها الشعب على خطئها، وقد يكون الحساب عسيرا قد يؤدي إلى تفتيتها... ففي مثل هذه الظرفيات، على الدولة أن تكون مع الوطن، ومع الشعب، وأن تضرب بيد من حديد على كل مكوّنات الطابور الخامس...
عموما، الطابور الخامس يتشكل من فئتين..
 
الفئة الأولى تضم العملاء الظاهرين، وفي حالتنا يتعلق الأمر بمن يسمون "بوليساريو الداخل"، وقد قاموا بخرجة بئيسة، شهر أكتوبر الماضي، في مدينة العيون، وأسسوا تنظيما مواليا لعصابة البوليساريو، وهؤلاء أسماؤهم موجودة وصورهم موجودة، وفي مقدمتهم المرتزقة الخائنة أميناتو حيدر، وهؤلاء تصلهم أموال، أحيانا يوميا، مهمتهم استفزاز المغاربة وتأجيج الأوضاع بالأقاليم الجنوبية المغربية، وهؤلاء وجب اعتقالهم فورا وتقديمه لمحاكمة عادلة، أو طردهم ورميهم إلى شرق الجدار الأمني لو استطاعوا أن يعيشوا القهر في مخيمات تندوف...
 
الفئة الثانية، تتشكل من مجموعات متنوعة، وأحيانا حتى متنافرة، وتعمل بالتقية، ومن أبرز هذه الفئات هناك:
 
عملاء الجزائر ممثلون في بعض السياسيين والحقوقيين المغاربة، وهؤلاء وجب ترصدهم وتتبّع خياناتهم لوطنهم وشعبهم، وغالبا يبدأون بمناصرة طروحات الخصوم لفظيا، قبل الانتقال إلى تنظيم بعض الاحتجاجات، وبمجرد ما يرتكبون هذه الأخطاء التي تكشفهم وجب اعتقال قيادييهم، والتحقيق معهم في الأموال، التي يتحصّلون عليها من الخارج، حتى يجري إخراج كل ما في "بطونهم من حريرة"، ومباشرة بعد ذلك تقديمهم للمحاكمة بتهمة الخيانة والعمالة...
 
عملاء إيران، وينقسون إلى فئتين، الأولى تتشكل من الأتباع، الموجودون في التنظيمات الشيعية، في الشمال وفي فاس وفي الدارالبيضاء وحتى الرباط، إضافة إلى شرذمات متفرقة في عدة مدن مغربية.. والفئة الثانية تتشكل من المجندين، وهؤلاء موجودون في بعض التنظيمات القومجية، وأخرى تتغطى بالإسلاموية، أو بمناهضة التطبيع، وهم كثيروا الأسفار إلى لبنان... وهؤلاء وجب مراقبتهم عن كثب، وتتبع تحركاتهم، لأن الجهة التي يسترزقون منها وتموّلهم لا تريد، مؤقتا وتكتيكيا، أن تظهر علنا في الصورة، فحزب الله الإرهابي يكتفي بأنه درّب المئات من عناصر عصابات البوليساريو، بل وأمدها حتى بالسلاح الإيراني لاستعاله ضد القوات المسلحة الملكية، وإيران بدأت تتحرك بالتدريج، وأول خطوة أنها حرّكت قناتها الميادين، التي يديرها المرتزق الإعلامي غسان بن جدو، لبث تغطيات لفائدة البروباغندا الانفصالية... ولذلك، فهؤلاء قد لا يتحركون علنا، بل قد يُدلون بتصريحات مع الوحدة الترابية للتمويه، لكن وجب مراقبتهم، وتتبع تحركاتهم وتصريحاتهم، وعندما يسقطون يجب التحقيق معهم في التمويلات المشبوهة من قبل إيران وحزب الله، بوساطة قنوات تمويهية، من قبيل تعويضات من تنظيم قومجي إسلاموي يشرفون عليه، أو من قناة تلفزيونية يشاركون في برامجها...
 
ويفترض أن تكون الدولة حازمة أشد الحزم، أخذا بالاعتبار أن مثل هذه الأعمال، التي يجب أن تقوم بها، هي من صميم الأعمال المشروعة، التي تمارسها في حالة الدفاع عن النفس، وهي ممارسات تسلكها كل الدول التي مرت من ظرفيات مماثلة للظرفية المغربية الحالية، في حين أن كل تردد في مواجهة عملاء الطابور الخامس تكون نتائجه وبالا قد لا يمكن التكهّن بمصيره، الذي قد يصل إلى السقوط كما سقطت مدريد بيد الجنرال غونزالو كوايبو ديلانو...