الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
اخترنا لكم الصورة الأكثر احتشاما (صورة أرشيفية)

بين "كيف نحط ماكياجي" و"روتيني اليومي".. سنوات ضوئية للوصول إلى المغربيات الحرّات والقادّات

 
حكيمة أحاجو
 
 
بمجرد ما تدخل إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وبالخصوص "فايسبوك" و"إنستغرام" و"يوتيوب"... تطالعك فتيات مغربيات من كل حدب وصوب، ومن كل شكل وملبس، من قميص النوم إلى "لبْساتْ من غير هدوم"... يستقطبن آلاف المشاهدات، من "كيف نحط ماكياجي"، إلى "روتيني اليومي"...
 
آسفة ولكن هذه ليست صورة المغربيات اللواتي أعرفهن، لا أعرف ماذا حدث ولا ماذا تغير في عاداتنا، فالأخبار التي نتابعها جميعا عن ظهور "جيل" جديد من المغربيات مخجلة، وتجعل الواحدة منا تحوقل وتبسمل وتدعو الله ألاّ تستيقظَ ذات يوم على واحد من تلك الفيديوهات، التي نتابعها عنوة عبر استقبالها على هذا الموقع أو ذاك التطبيق، وبطلته إحدى قريباتنا أو معارفنا.
 
ما الغاية وما القيمة المضافة لهذا الغزو من شرائط الفيديو لعدد من "نجمات اليوتيوب" صاحبات روتيني اليومي وما الفائدة التي يقدمنها للجمهور العريض الذي يتابعهن غير استعراض أنوثتهن في غير موضعها
 
لا شك أن الكثيرين حائرون ويتساءلون مثلي، ما الغاية وما القيمة المضافة لهذا الغزو من شرائط الفيديو لعدد من "نجمات اليوتيوب" صاحبات روتيني اليومي، اللواتي لا يمثلن إلا أنفسهن، ومع ذلك أصبحت صورة المغربيات في مواقع التواصل الاجتماعي مقرونة بهن، وما الفائدة التي يقدمنها للجمهور العريض الذي يتابعهن غير استعراض أنوثتهن في غير موضعها...
 
لنلقي نظرة على واقع المغربيات كيف كن وكيف أصبحت أخبارهن موسومة بقتل وتعذيب الربائب بصورة متواترة، فهذه قتلت أبناء زوجها في مراكش، وأخرى عذبت ابنة زوجها الطفلة ذات الست سنوات بأسلوب سادي، دون أن يرف لها جفن في مكناس، وتلك تهين وتعذب ابن زوجها من ذوي الاحتياجات الخاصة في طنجة، وأخريات لا يتوانين في تصوير مشاكلهن الخاصة، وأمور تعتبر من صميم حميمية البيوت، وينشرنها للعموم دون أن يشعرن بذرة من الحرج، ناهيك عن اللواتي أنشأن قنوات للدجل وتعليم الشعوذة.
 
ومما يزيد الطين بلة، أن صاحبات "الروتين" اللواتي يتلقين كمّا من السب والشتم الذي لا يمكن تصوره، تراهن فرحات بما أتاهن لأن به يحصلن على مئات آلاف المشاهدات وأضحى لهن متابعات ومتابعون في كل بقاع العالم، في مقابل انزواء الملايين من المغربيات اللواتي يعملن بجد على أكثر من جبهة، ومنهم الطبيبات وسيدات الأعمال والأستاذات المربيات والمحاميات والناشطات النسائيات والحقوقيات، دون أن ينتبه لهن أحد، رغم أنهن يشكلن الأغلبية، ومنهن طبعا الملايين من أمثال أمهاتنا وأخواتنا من المغربيات البسيطات الباحثات، بكل جهد وحتى إجهاد، عن استقرار وإسعاد أفراد أسرهن، كل أفراد أسرهن، من الآباء والأمهات والأزواج والأبناء والإخوة...
 
إننا كإعلاميات وإعلاميين نتحمل جزءا غير يسر من المسؤولية إما بالنشر لهؤلاء والعمل على تسييد نموذجهن وإما بعدم مواجهة هؤلاء "القبيلة" من "قوم" الإعلام الذين لا يقيمون اعتبارا لأخلاقيات مهنة الصحافة
 
في أحيان كثيرة أشعر أن هناك من يلعب في قدر سمعتنا كمغربيات، فبين اتهامنا بالدعارة وربط صورتنا بالسحر والشعوذة خاصة في مخيلة إخواننا المشارقة، جاءت حملة الروتين اليومي، لتأتي على ما تبقى من صورتنا في مخيلتهم مع أنها غير صحيحة ولا تمثلنا...
قد يقول قائل إننا نحن نساء ورجال الإعلام، نتحمل جزءا من المسؤولية في الترويج لهذا النماذج، التي وإن كانت جزءا من مجتمعنا، لكن لا علاقة لهن بواقع غالبية "المغربيات الحرّات"، المشرفات لبلدهن، لأنهن ببساطة رضعن "تمغرابيت" من أثداء أمهاتهن،،، سأرد بالإيجاب، وأقول إننا كإعلاميات وإعلاميين نتحمل جزءا غير يسر من المسؤولية، إما بالنشر لهؤلاء والعمل على تسييد نموذجهن، وإما بعدم مواجهة هؤلاء "القبيلة" من "قوم" الإعلام الذين لا يقيمون اعتبارا لأخلاقيات مهنة الصحافة، ولكن أيضا هناك نصيب من المسؤولية تتحمله مثقفاتنا اللائي اخترن الانزواء وتركن الساحة لصاحبات فيديوهات "شوفوني كنصبن وشوفوني كندير الحنّا في الحمام"...
 
لا شك أننا معنيات ومعنيون جميعا بالدفاع عن صورة المغربيات الحقيقية، بتاريخها، بالأمس واليوم، تلك التي كانت تطبخ وتمسح وتكنس، لكنها تحمل السلاح على ظهرها لدعم عناصر المقاومة المغربية ذات زمن، وتلك التي وقعت على وثيقة المطالبة بالاستقلال، وتلك الموجودة اليوم في الصفوف الأمامية في قطاعات استراتيجية كالجيش والأمن والصحة والإدارة والتعليم والمحاماة وغيرها، وتلك التي تعمل في الحقول والبيوت لإعالة أُسرتها بصبر وجلد قلما تجده عند باقي أخواتها من الجنسيات العربيات اللواتي يتهمنها بأمور مسيئة لا توجد إلا في مخيلتهن.
 
تحية لكل المغربيات الرائدات المنخرطات في مسيرة بناء مغرب الغد مغرب الحرية والعدل مغرب الشموخ والكرامة مغرب الإنصاف والمساواة وفي هذه المعركة تظهر المغربيات "علاش قادات"
 
لهذا سنصرخ بأعلى صوتنا أن مغربيتنا مصدر فخرنا، ويكفينا شرفًا أن عالماتنا سنحت لهن الفرصة للمشاركة في تقديم دروس الفقه والحديث والسنة بين يدي الملك، ومنهن المتصوفات والأخصائيات في العلوم والتكنولوجيا والمعلوميات وربانة الطائرات والسياسيات المحكنات اللواتي يُضرب بهن المثل في الالتزام والمسؤولية والنزاهة، والوزيرات اللواتي يشرفن على تدبير قطاعات وزارية وازنة، والموسوعات الخبيرات في القانون والقضاء والدستور وغيرها من التخصصات، والتي يلزم أولئك الذين يسخرون منا بالقول: "المغربيات رخيصات"، أن يقطعوا سنوات ضوئية لبلوغ مراتبهن، لأنهن ببساطة اخترن أن يكن "مغربيات وقادّات"، مغربيات رائدات، منخرطات في مسيرة بناء مغرب الغد، مغرب الرفعة والشأن، مغرب الحرية والعدل، مغرب الشموخ والكرامة، مغرب الإنصاف والمساواة، وفي هذه المعركة، تظهر المغربيات "علاش قادات"...