الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

الأمم المتحدة تعري كذب الدولة الجزائرية


عزيز إدمين
 
فضيحة حقوقية دولية تنتظر الدولة الجزائرية في الدورة المقبلة (45) لمجلس حقوق الإنسان، المرتقب عقدها ما بين 14 شتنبر و06 أكتوبر 2020، وذلك بعد أن أصدرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان بلاغا بتاريخ 4 شتنبر 2020، تحت عنوان "تسليط الضوء على معلومات مضللة بخصوص الجزائر"، تكذب فيه ما جاء في الصحافة الجزائرية وبعض الإذاعات الدولية.
 
فقد سبق لوكالة الأنباء الجزائرية أن نشرت، بتاريخ فاتح شتنبر 2020، أن "مفوضية الأمم المتحدة بسويسرا رفضت الشكوى القضائية التي تقدم بها نشطاء سياسيون وحقوقيون ضد الحكومة الجزائرية"، وأن "محتوى الشكوى لا يتطابق مع تقارير منظمة حقوق الإنسان بالجزائر، وبعض الموقّعين على العريضة لهم سوابق عدلية، وجميع الموقّعين غير مقيمين بالجزائر لمدة 10 سنوات، ومقدمو العريضة هم مزدوجو الجنسية، ومنهم من لا يملك الجنسية الجزائرية". وأضافت القصاصة الخبرية، التي نُشرت على نطاق واسع من قبل الصحف والمواقع الإليكترونية والقنوات الإذاعية والتلفزية، أن "سكرتير مكتب النزاعات التابع للأمم المتحدة في جنيف، عصام المحمدي، صرح بـ(رفض الشكوى بعد 24 ساعة من إيداعها ودراسة محتواها من طرف المندوبين الحقوقيين)"، وختم بكون ذلك يعكس "تصنيف الجزائر ضمن صدارة الدول العربية، التي تكرس حرية التعبير وحماية حقوق الإنسان"...
 
إلا أن رد الأمم المتحدة، لم يتأخر، فتحت عنوان عريض سجلت أنه "بعد نشر عدد من المقالات المشوهة لسير عمل منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في ما يتعلق بالجزائر"، فإن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان تنشر التوضيح التالي:
 
§ إن وكالة الأنباء الجزائرية استشهدت بمقابلة تم بثها قبل يومين على راديو مونت كارلو من قبل شخص يشار إليه باسم "عصام المحمدي"، الذي تصفه وكالة الأنباء الجزائرية بأنه "سكرتير مكتب النزاعات التابع للأمم المتحدة"، و"قد احتوى مقال وكالة الأنباء الجزائرية على صورة كبيرة لقاعة اجتماعات للأمم المتحدة في جنيف عليها شعار الأمم المتحدة، على ما يبدو لإعطاء المصداقية" للتصريح وللمصرح، وإن "الناطق الرسمي باسم المفوض السامي للأمم المتحدة يؤكد أن هذا المقال غير صحيح".
 
§ إن المعلومات الواردة في المقال ملفقة تماما من البداية إلى النهاية، ولا توجد هيئة لحقوق الإنسان تابعة للأمم المتحدة تحمل اسم "سكرتير مكتب النزاعات التابع للأمم المتحدة"، ولم تتمكن المفوضية السامية لحقوق الإنسان من تحديد أي من موظفي الأمم المتحدة أو خبير مستقل باسم "عصام المحمدي".
 
§ رغم وجود عدد من هيئات حقوق الإنسان، التي تتلقى وتفحص الشكاوى من هذا النوع، إلا أن أيا منها لا يمكن أن تجري عمليةَ تتبّعٍ سريعٍ في مدة 24 ساعة.
 
وطالبت الأمم المتحدة في بلاغها من "الصحافة الجزائرية وراديو مونت كارلو إزالة هذه المعلومات الكاذبة وإزالة أي غموض عن القراء والمستمعين من خلال توضيح القصة"، كما أكدت أن "مواطنين ونشطاء جزائريين قدموا شكاوى في الأسابيع الأخيرة، وأن هيئات حقوق الإنسان ذات الصلة ستنظر فيها في الوقت المناسب".
 
وتأتي هذه الفضيحة الحقوقية الدولية أمام تزايد عدد التقارير، التي ترصد الانتهاكات الحقوقية في الدولة الجزائرية، وخاصة في منطقة "تندوف"، إذ جاء في تقرير الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي المرتقب مناقشته في دورة مجلس حقوق الإنسان المقبلة أنه مع "الأسف رغم موافقة الحكومة الجزائرية على الزيارة القطرية منذ سنة 2014، فإن ذلك لم يتحقق بعد، أمام تزايد استمرار ورود ادعاءات الانتهاكات التي لم تعالج، بما في ذلك حالات الاختفاء القسري، التي حدثت في مخيمات اللاجئين في تندوف، وعدم إتاحة إمكانية الاحتكام إلى القضاء للاجئين الصحراويين أمام القضاء الجزائري". (الفقرة 50 التقرير A/HRC/45/13).
 
وملاحظة الفريق الأممي تتقاطع مع ما سبق أن سجلته لجنة حقوق الإنسان بتاريخ 17 غشت 2018، بكونها "تعرب عن قلقها إزاء نقل اختصاصات الدولة الجزائرية بالفعل، بما فيها اختصاصاتها القانونية، إلى جبهة البوليساريو، وترى أن هذا الموقف يتعارض والتزامات الدولة الطرف باحترام وضمان الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين في أراضيها. ويساور اللجنة القلق أيضاً إزاء ادعاءات بأنه لا تُتاح لضحايا انتهاكات أحكام العهد في مخيمات تندوف سبل الانتصاف الفعالة في محاكم الدولة الطرف" (الفقرة 9، التقرير CCPR/C/DZA/CO/4).
 
ختاما، فالدولة التي تكذب على العالم بخصوص مواطنيها، فطبيعي جدا أن تكون كاذبة بخصوص سكان مؤقتين فوق أراضيها في تندوف.
 
خبير حقوقي دولي مغربي مقيم في فرنسا