الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

نقاش حول الدخول المدرسي الحالي

 
نوفل البعمري
 
النقاش المفتقد في قرار وزارة التربية والتعليم، هو علاقة الإجراءات المتخذة، المعلن عنها مع ضمان الحق في التعليم، أخذا بعين الاعتبار تجربة نصف السنة من الموسم الدراسي الحالي، حيث فرض انتشارُ الوباء التعليمَ عن بعد، وتعاطت معه غالبية الأسر بإيجابية نظرا لكون الفيروس فاجأ الدولة والمجتمع معا، وبالتالي، كان هناك التماس العذر للوزارة في حال حصل نوع من الارتباك في العملية.
 
فرض انتشارُ الوباء التعليمَ عن بعد، وتعاطت معه غالبية الأسر بإيجابية نظرا لكون الفيروس فاجأ الدولة والمجتمع معا وبالتالي كان هناك التماس العذر للوزارة في حال حصل ارتباك في العملية
 
يبدو من خلال إعلان الدخول المدرسي للوزارة أن الوزير ضيع شهر غشت في العطلة بالمضيق، في عقد اجتماعات حزبية، متناسيا دوره الأساسي في الإعداد الجيد لدخول مدرسي آمن، يضمن تكافؤ الفرص، والمساواة بين مختلف الأسر، خاصة مع التكاليف الإضافية للتعليم عن بعد، في حين كان عليه أن يخصص شهر غشت لعقد جلسات استماع لجمعيات الآباء، ولمديري الأكاديميات، والأطر التربوية، سواء منها العاملة في القطاع العام أو الخاص، والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، أضف لذلك الاستماع للتلاميذ أنفسهم في إطار تقييم شامل للوضعية، للمخارج الممكنة... واحد من التقارير الذي كان على الوزير أن يأخذه بعين الاعتبار بدل قرار رمي الكرة للأسر، هو تقرير المندوبية السامية للتخطيط التي قامت بتشريح للتعليم عن بعد، وقدمت أرقاما صادمة، تؤكد أن الرهان على التعليم عن بعد بالشكل الذي تم سابقا هو رهان على تكرار تمريض الفشل داخل الأوساط التعليمية، مما زاد ضغطا إضافيا على الأطر التعليمية، التي لم يتم إعدادها للدخول المدرسي الجديد.
 
إننا أمام سؤال حقيقي يتعلق بضمان الحق في التعليم لكافة التلاميذ من أسر فقيرة إلى متوسطة، إلى غنية، من تلاميذ يتواجدون بالبوادي، الحواضر، من تجاوز التفاوتات بين التعليم العام والخاص، من ضمان جودة المنتوج التعليمي، وحق التلميذ في حالة الطوارئ التي نعيشها في الولوج الآمن للمدارس، وفي التمدرس... وقد سبق للأمم المتحدة أن أصدرت قرارا يعتبر مرجعيا لمختلف الدول يتعلق بالمعايير الدولية لضمان الحق في التعليم زمن الطوارئ سنة 2010، والذي وضع الأسس الأممية للتعليم في نفس الظروف التي يعيشها العالم.
 
وزارة التعليم أعطت انطباعا سياسيا عن كون الحكومة رفعت يدها عن تدبير الجائحة وتريد توريط الأسر، وتحميلها كامل المسؤولية في أي تطور وبائي محتمل داخل الأسرة التعليمية
 
إن الإشكال اليوم ليس في التعليم عن بعد، لاحضوري، أو تعليم مباشر حضوري، لكن في الكيفية التي أُنزل بها البلاغ، وفي المنهجية التي اعتُمد فيها، ثم، وهذا هو الأهم، أنه كرّس واقعا سلبيا للأسف،، انطباعا سياسيا عن كون الحكومة رفعت يدها عن تدبير الجائحة،، تريد توريط الأسر، تحميلها كامل المسؤولية في أي تطور وبائي محتمل داخل الأسرة التعليمية، دون أن تكلف نفسها عناء الإشراك القبلي لهذه الأسر مادامت معنية بتدبير المرحلة المقبلة، إننا أمام إعلان رسمي عن استقالة وزارة التعليم عن تدبير هذا القطاع،، إنها ستترك الأسر وجها لوجه مع الأطر التعليمية، ومع المدارس الخاصة.
 
الأكيد، والمجتمع يناقش الدخول المدرسي، أن هناك مؤسسة للحكامة معنية بهذا النقاش، هي المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، الغريب أنه يضم من يتحدث يوميا في كل شيء بمختلف وسائل التواصل الاجتماعي، لكن دون أن يتحدث عن مسؤوليته في هذه المرحلة مادام يتحمل مسؤولية العضوية في هذه اللجنة،، وهو ما يجرنا لنقاش آخر حول فعالية الأعضاء الحاليين بهيآت الحكامة كمثال اليوم المجلس الاعلى للتربية والتكوين،، الأدوار المنوطة بهم دستوريا، التي تخلو عنها،مقابل العضوية في هذه الهيآت.
 
مسؤولية الوزارة، اليوم، هي مسؤولية سياسية، وحقوقية، مسؤولية سترهن مستقبل الجيل الحالي الذي سيتأثر بخطه القرارات التي تكرس نوعا من رفع اليد عن تدبير أكثر القطاعات حساسة.
 
محام وباحث في ملف الصحراء