الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

لماذا لم ولن ينجح التباعد الاجتماعي في المغرب؟

 
 
حنان درقاوي
 
وعادت إصابات كورونا للارتفاع وشُحذت السكاكين ضد الحائط القصير طبعا وهو المواطن..
 
المغربي عديم التربية، غير منضبط، انقلابي ربما..
 
سلطوا عليه الهراوات وصحافيين ساديين ومقدمي برامج بربطات عنق رديئة ومهنية غائبة يسبّونه علنا وهو المتحكم في نسب المشاهدة وإذا توقف عن مشاهدة برنامج يحذف من تلفزةٍ، برامجُها تعذيبٌ نفسيٌ متواصلٌ للجميع...
 
عادت إصابات كورونا للارتفاع وشُحذت السكاكين ضد الحائط القصير وهو المواطن المغربي عديم التربية سلطوا عليه الهراوات وصحافيين ساديين ومقدمي برامج يسبّونه علنا
 
لم ولن ينجح التباعد الاجتماعي في المغرب! لماذا سيرتفع عدد موتانا ومرضانا؟
 
على امتداد أربعة عشر قرنا ربى الإسلام معتنقيه الصادقين ومحتجزيه قسرا ونفاقا على فلسفة فريدة هي الالتصاق، وفي كل جامع من الجوامع المنتشرة في كل حي ودرب تقام خمس صلوات في اليوم، يدعو فيها الإمام إلى رص الصفوف، بل إلى التلاصق وسد كل فجوة فراغ بين الاكتاف والأرداف كي لا يتسلل الشيطان إلى الجماعة وتضيع ومعها الأمة..
 
يتربى المسلم على أن سلامته الروحية وعزة الإسلام تقوم على الالتصاق، وبقدر ما يلتصق المسلمون يتقاتلون ويتبادلون اللكمات، صارت تبرزها فيديوهات تبادل اللكمات في المساجد..
 
هاته التربية على التلاصق وتزاحموا تراحموا التي يتعرض لها المسلم منذ يفاعته تخلق منه فردا مهتزا لا قيمة مضافة له، يتقاسمها مع الجماعة، لأن ما يربطه بها هو الخوف من الوحدة والشيطان، وأقصى ما تفعله جماعة من هذا النوع هو تبادل مخاوفها أو التوحد على إذكاء الحقد ضد من لا يرص الصفوف ولا يقبل تربية تلاصقوا يرحمكم الله، أقصى ما خلقته روحانيات الإسلام هي تجمعات الإخوة الخائفين الملتصقين كمتشردي الشوارع الذين ينامون ملتصقين من الظهر لكي لا يشعروا بالبرد..
 
بعد أربعة عشر قرنا على التربية على التلاصق يأتي رئيس حكومة وهو زعيم أكثر الأحزاب دعوة للتلاصق، وهو طبيب نفساني، ويأمر المغاربة بأمر متناقض تماما لما يدعو إليه حزبه صباح مساء، هذان الأمران المتناقضان هما أصل الشيزوفرينيا التي هي من أهم أمراض الشعب المغربي، الذي تقول إحصائيات وزارة الصحة نفسها إن ثمانية وأربعين في المائة منه يعانون من أمراض نفسية وعقلية معقدة..
 
على امتداد 14 قرنا ربى الإسلام معتنقيه الصادقين ومحتجزيه قسرا ونفاقا على فلسفة فريدة هي الالتصاق وفي كل جامع يدعو الإمام إلى سد كل فجوة فراغ بين الاكتاف والأرداف كي لا يتسلل الشيطان إلى الجماعة وتضيع ومعها الأمة
 
الأوامر المتناقضة double blind هي لبّ الشيزوفرينيا حسب مدرسة التحليل السيستيمي analyse systémique، التي شكلت ثورة في علاج الشيزوفرينيا، أو على الأقل السيطرة على الأزمات والأعراض الأكثر خطورة، فحين يتعرض الطفل والمراهق إلى أوامر متناقضة يستحيل عليه فهم ما يجب عليه فعله، لأن الأوامر يلغي بعضها البعض، وهي صادرة عن نفس السلطة، ويهرب المريض إلى الهذيان والتيه العقلي..
 
هاته الأوامر تصدر عادة عن أولياء أمور مرضى هم أنفسهم، أو ساديين ويعاقبون بعدها الطفل على عدم تنفيذه لأمر يلغي بعضه بعضا ويُناقض جزءٌ منه جزءًا آخرَ..
 
على اعتبار أنه يمكن إلغاء فرضية المرض عند طبيب مغرب الاستثناء، الذي تحوّل، بفضل السيد بنكيران، إلى مملكة الموز، لأن طبيبنا الأول مازال عنده قدرة الخيال، بدليل السيناريوهات، التي يكتبها صباح مساء، وتبقى الفرضية الثانية، أي السادية، وهي ليست أول مرة في التاريخ المهني للطبيب الأول، فهو رفض قبل سنوات الالتحاق بمكان تعيينه بمصلحة الأمراض النفسية بالراشيدية، لأنه لا يليق أن يسكن مع أوباش أملاغو وتنجداد وذابحي الكلاب ذات أضحية ملغاة، وعدم التحاق طبيب بعلاج مرضى الوطن مثله مثل انسحاب جندي من ساحة الدفاع عن حدودنا الوطنية، فلماذا يعاقب الجندي المسكين في محاكمة عسكرية، ويُكافَأُ الطبيب المتقاعس بقيادة شؤون وطن بكامله؟
 
الطبيب السادي طلب أن يشحن له المرضى من مغرب المغضوب عليهم في سيارة مديرية الصحة ليكشف عنهم في مكناس الزيتونة حيث يشتغل في خرق واضح لأدنى بروتوكولات العلاج النفسي، التي تفرض إبقاء المريض قريبا من أهله ومن بيئته الأولى تجنبا لمزيد من الانتكاس..
 
هذا هو الطبيب الذي لم يعالج ولم يصُنْ مرضى في عنقه، وهو حلف قَسَم أبقراط، وهذا هو الذي يصدر أمر التباعد الاجتماعي، وهو صعد إلى كرسي الحكم بأمر التلاصق، فكيف يتصرف المواطن المسكين وسط هذا النمط من التواصل السام والمدمر؟!
 
إن كان الطبيب الأول لا يعرف جوهر مدرسة التحليل السيستيمي ورائدها بيتسون، فهذه كارثة عظمى، وإن كان يعرف ويسلط على الملايين أوامره المتناقضة، ويعاقب عليها من لم يفهمها، وهي مستحيلة الفهم، فهذه سادية معلنة، وتآمر واضح مع قوى شيطانية لتدمير عقول المغاربة...
 
إنني اتهم العثماني بالتآمر العلني على صحة المغاربة العقلية وأحمّله المسؤولية المباشرة لانتكاسات نفسية قادمة وانتحارات بالجملة بدأت بعد انتحار خمس أساتذة خلال الحجر التي لم تحرك ساكن أحد
 
إنني اتهم العثماني بالتآمر العلني على صحة المغاربة العقلية، وأحمّله المسؤولية المباشرة لانتكاسات نفسية قادمة، وانتحارات بالجملة، بدأت بعد انتحار خمس أساتذة خلال الحجر التي لم تحرك ساكن أحد..
 
للشيزوفرينيا في التحليل السيستيمي أسباب أخرى من بينها المبالغة في العقاب، وهذه أشياء يتقنها السيد العثماني جيدا، فهو قامع الحريات الأكبر، وساجن الصحافيين وناشري كاريكاتور، وفي عهده ظهر قانون تكميم أفواه مقاطعي بضائع يُسمح بمقاطعتها في كل بقاع العالم، وهو أيضا من يطبخ الآن مع وزرائه قانونا لم نعرفه من قبل أن نعهد بأمورنا إلى طبيب نفسي متقاعس وسادي وهو قانون ازدراء الأديان الذي سيُعاقَب به الجميع دون أن يعرف على ماذا يعاقَب بالضبط، وما هو حدود المسموح به، وعدم وضوح سبب العقوبة هو سبب آخر من أسباب المرض العقلي..
 
إن نجاح التباعد الاجتماعي سيمر في المغرب عبر خطوتين في نظري:
 
أولا، تغيير جذري في التأطير العقدي للمغاربة بشكل عقلاني، ليس أشكال الارتجال تارة باللجوء إلى التيار الإخواني الحنبلي، وتارة إلى التصوف الطرقي المبطل للعقل والداعي إلى المزيد من الالتصاق حد ذوبان الجميع في الجميع..
 
حبذا لو يأتي رجل قدري مثل جيفرسون رئيس أمريكا وكاتب دستورها ويحمل مقصا ويقص الكتاب المقدس ويترك منه مقاصد الدين الكبرى كرسالة حب وإيثار تخص الفرد وحده وجماعة يمارس معها شعائره..
 
ثانيا، دعوة المغاربة حكومة وأحزابا ومثقفين ومخزنا ومواطنين، إلى علاج جماعي يشرف عليه أطباء يلتحقون بتعييناتهم أينما كانت، وهذا الحل هو ثورة حين نطق به بيتسون منذ عقود، وغيّر تماما طرائق علاج الفصام..
 
دراءا للمزيد من الإصابات، أنصح الجميع بارتداء الكمامات، في كل مكان خارج البيت،
وإنني
!j’accuse
 
كاتبة ومحللة نفسانية