الإعلام والحرب.. الرأسمال والهيمنة السياسية على الأنظمة المسماة ديمقراطية
الكاتب :
فجري الهاشمي
فجري الهاشمي
لا يخفى على أحد أن أول شيء تفكر فيه الدولة التي تدخل الحرب هو الدور الذي ينبغي أن يقوم به الإعلام.
فالحرب في حاجة إلى رأى عام داعم أو متقبل للتفسيرات التي تعطى له.
الحرب الإعلامية لها قواعدها فهي تعمل على إظهار الخصم على أنه شرير وهمجي ولا يحترم المواثيق الدولية، وفي الوقت نفسه، تتحدث عن هزائمه... هكذا تقوم هذه الحرب بشيطنة الخصم والادعاء بأنه أكثر عدوانية، ويتم توظيف الأطفال والنساء في هذه العملية لاستدرار تعاطف الناس، في حين تبث أن وحشية جنود الغرب ليس لها مثيل كما فعل الأمريكيون في الفيتنام، وأن وحشيتهم ليس بناء على عداء إيديولوجي بل عنصري أيضا.
الإعلام المنخرط في الحرب يستخدم تقنيات متقدمة في تغليط الرأي العام، لكن السؤال: ما هي قدرة الرأي العام في وقف الحرب؟ ومتى كان الرأي العام قادرا على فرض التراجع عن الحرب؟
لقد عشنا تجربة الحرب على الفيتنام وكيف توقفت الحرب. لم يكن ذلك بسبب الرأي العام (على أهميته بالنسبة للشعب الفيتنامي)، الذي كان نشطا، سواء في المظاهرات القوية التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية على عهد نيكسون أو في مختلف أنحاء العالم، ويمكن القول إنه لم يسبق أن كان اهتماما دوليا بالحرب بعد الحرب العالمية الثانية مثل ما حظيت به الحرب على الفيتنام، كما أن الذي أنهى الحرب هو بطولة الشعب الفيتنامي وانتصاره على أقوى دولة في الحلف الأطلسي والعالم كما تدعي.
لقد تحركت هذه الأيام بعض الضمائر في الغرب للتنديد بانحياز الإعلام وانخراطه في حرب دنيئة وكاذبة ضد روسيا، وبدا بالواضح أن الدول التي تتغنى بالديمقراطية لا يتمتع الإعلام فيها بالاستقلالية، إنه يخدم أجندة الدول، وهذه المرة بوقاحة وفي السابق لم تتحقق للدول هذه الإمكانية في توظيف الإعلام.
ما السبب؟
إن هيمنة الرأسمال السياسية على الأنظمة المسماة ديمقراطية وتحكُّمَه في أحزابها ورؤسائها وإعلامها، هذه الهيمنة أطلقت يديه، وأصبحت له القدرة في التحكم في كل المواقع المؤثرة في صناعة القرار، كل ذلك يجري في وقت أصبحت القوى الديمقراطية الحقيقية في عزلة (موقف Dominique de Villepin المدافع عن روسيا)، وأصبح اليسار المناهض لسلطة الرأسمال في وضعية مؤسفة، لذلك يمكن أن نفهم كيف تعبر أنظمة الغرب على الاستقواء، وكيف تستغل هذه الظروف لفرض هيمنتها على شعوبها وعلى الدول المنافسة لها...
وباختصار، فإن هذه الحماسة، التي يبديها الغرب لهذه الحرب، الهدف منها تمديد هيمنته بعد أن لاح في الأفق من يهددها سياسيا واقتصاديا...
ملحوظة: في الحملة الانتخابية الرئاسية، التي ستجري في فرنسا يوم 10 أبريل 2022، يُلاحَظ أن ماكرون مرتاح وهو متقدم على منافسيه والسبب هو أن الرأسمال يسانده.