الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

مبادرة الاستعراض الخاص للمندوب الوزاري لحقوق الإنسان وأسئلتها المشتعلة

 
 
عزيز إدمين
 
كنت ومازلت متتبعا لكل أعمال المؤسسات الرسمية المعنية بحقوق الإنسان في المغرب، وذلك من موقع مدني وغير حكومي.
 
العديد وقع لهم خلط بين التتبع والمواكبة والتقييم مع مفاهيم أخرى من قبيل الانتقاد والتهجم والتنمّر.
 
سياق التقديم يأتي بعد الاطلاع على الحوار، الذي أجراه المندوب الوزاري لحقوق الإنسان، أحمد شوقي بنيوب، مع أسبوعية "الأيام"، والذي أعلن فيه عن العناصر الكبرى لمبادرته المتعلقة بالحوار العمومي، والتي أسماها "الاستعراض الخاص".
 
الصورة من غلاف أسبوعية "الأيام" العدد 967 - 18-24 نونبر 2021
 
تجاوزا لكل الإشكالات الدستورية والقانونية، التي سبق طرحها، وفي إطار واقع الأمر بوجود مؤسسة رسمية، والواقعية السياسية (في مجال السياسة الحقوقية) بالإعلان عن مبادرة حوار عمومي بخصوص التوصيف والتحليل لوضعية الحريات والحقوق، فإنه لا يمكن إلا استقبال هذه المبادرة بتفاعل إيجابي ومحمود، ولا أقول بحسن نية، فلا وجود للنوايا الحسنة في عالم حقوق الإنسان.
 
وعليه، فإن المبادرة قد تعطي زخما جديدا للنقاش الحقوقي وفق العناصر الثلاثة التالية:
 
أولا: ماهية المبادرة
 
تحدث المندوب الوزاري في حواره الصحفي بقرب نشر تقرير الاستعراض الخاص، المرتقب في منتصف الشهر المقبل. وهنا لابد من طلب التوضيح، هل سيكون التقرير تقريرا جوابيا على تقارير المنظمات الحقوقية؟
 
فإذا كان ذلك، فإن مآل المبادرة الفشل.
 
أما إذا كان عبارة عن أرضية للحوار والنقاش العمومي، يقتصر فيه على طرح الإشكاليات، وترك مخرجات التقرير في تلاقي وتقاطع كل الأفكار والأطروحات والمبادرات الموازية لمختلف الفاعلين: رسميا، مدنيا، أكاديميا...، فأكيد أنها ستكون إضافة نوعية في الممارسات الفضلى في مجال حقوق الإنسان.
 
ثانيا: موضوع الاستعراض الخاص
 
هناك سؤال سيطرح بقوة بخصوص المبادرة: هل نحن أمام جهة تحاول نفي الادعاءات؟ أم جهة ستكون محايدة للاستماع لمختلف الآراء والروايات؟ هل هي جهة تحاول رمي عبء النفي على الجهة المدعى عليها (المنتهكة) كما هو معمول به وفق المعايير الدولية؟ أم جهة ترمي عبء الإثبات على الضحية المفترضة؟
 
بلاغ المندوب الوزاري يختلف عن حواره الصحفي، ففي البلاغ يُستقرَأُ منه أنه جاء لدحض مزاعم وادعاءات الانتهاكات، أما في الحوار، فيستبطن منه أنه جاء من أجل الحماية ورفع الظلم، خاصة مع موقفه المتعلق بمعتقلي الريف، وعدم سقوطه في الروايات الرسمية بخصوص معتقلي الرأي والصحافة.
 
ثالثا: "زبناء" المبادرة
 
كلمة زبناء موضوعة بين قوسين، والغاية مناقشة من هو الفاعل في المبادرة؟ هل هو المدافع عن حقوق الإنسان التقليدي والمخضرم؟ خاصة بعد تعليقه الإيجابي حول موقع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في الخريطة الحقوقية، أم أنه سوف يستعين فقط بزيون عبارة عن "مسخ" حقوقي؟ هذا الأخير له الحق التواجد، ولكنه غير مؤهل لبناء استراتيجية حقوقية أو المساهمة الجادة والصادقة لتطوير منظومة حقوق الإنسان الوطنية.
 
المبادرة وجب انفتاحها على الكل، مع إعطاء لكل مكانته المعنوية لما يمتلكه من شرعية قانونية أو رأسمال تاريخي أو نضالي أو مساهمة معرفية وتقنية.
.
عموما يهدف هذا التفاعل الإيجابي مع مبادرة الاستعراض الخاص، إلى الأهداف التالية:
 
- البناء المشترك للمفاوض الحقوقي داخل دواليب السلطة، بعد اختفاء وتدمير كل القنوات التواصلية مع الدولة في مجال حقوق الإنسان.
 
- إحراج المندوب الوزاري من خلال تعاقد حقوقي يمنح له مشروعية الدعم في مجال الاقتراح والمبادرة من أجل الانفراج الحقوقي.
 
- وأخيرا، لا يمكن رد مبادرة للحوار إلا بأحسن منها.
 
خبير حقوقي دولي مغربي مقيم في فرنسا