عبد السلام فزازي: ما هكذا قيل لنا... أي معنى لكل تلك الأحاديث الماكرة عن المواطنة!
الكاتب :
عبد السلام فيزازي
عبد السلام فزازي
في خضم المتغيرات، التي يعيشها العالم عامة، والعالم العربي خاصة، والمغرب تخصيصا؛ كثيرا ما تستوقفنا هذه المتغيرات لنسائل أنفسنا ونحن نلتقط تفاصيل ما خلفته استحقاقاتنا الانتخابية وما خلفته من سلبيات لا يمكن أن نتصور انعكاساتها على المواطن المغربي، الذي وجد نفسه في آخر المطاف الخاسر الوحيد في لعبة سياسية ماكرة، وأصلها كان معروفا مسبقا على أن اللعبة حين نتقبلها، علينا تحمل تبعاتها، ما دامت هي لعبة تحتمل الربح كما تحتمل الخسارة.. الربح طبعا لصانع اللعبة، أما الخسارة فلمن يقبل المغامرة في تقبلها سواء عن حسن نية أم بمكر لا يختلف عن مكر الصانع؛ أم أن الأمر كان يجب أن لا تنطلي لعبته على الخاسر أصلا...
لكن ما دامت اللعبة تحمل شعار المواطنة، التي أصبحت فاقدة لتعريف واحد، بل كل مقامر سياسي ماهر، يحاول أن يجد لها تعريفا، فحتى إذا ما خضع لا قدر الله لأي محاسبة كائنا من كان، سيجد لها ألف تفسير، وألف تأويل، فيخرج في آخر المطاف منتصرا شعاراتيا وتطبيقا في واقع اشتغل عليه مع لوبياته منذ أمد غير قصير...
فالمواطنة لها دلالات عديدة وعميقة لا حدود لها، والداخل إلى دهاليزها مفقود أما الخارج منها فمولود.. وهكذا أصبحت مثل هذه المفاهيم الفضفاضة من المستحيل القبض على تلابيبها: الحرية، التسامح، حقوق الإنسان، الديمقراطية، الإرهاب... مفاهيم تدخلنا رغم ما أوتينا من آليات مرجعية في تجاويف مفاهيمية في كشكول من الاختلالات حتى ولو حاولنا استحضار ثقافتنا المختلفة عن باقي الثقافات رغم بعض التقاطعات الشكلية، ناهيك عن أدبياتنا، وصولا إلى أنظمتنا، التي يؤول إليها، في آخر المطاف، مصيرنا، وهنا ما على المواطن إلا أن يبحث له عن مكان قصي، ويجلس القرفصاء منتظرا الذي يأتي ولن يأتي أصلا...
فأي مواطنة يمكن الكلام عنها حين تشعر بالإعاقة المستدامة لمجرد أنك صدقت للمرة الألف سماسرة الانتخابات، فلما تمكنوا منك، جعلوك توا مجرد قراد يراقص القرود وهو لا يعلم أن داروين قد تنبأ له بسلالته، فإن لم يصل إليها نظريا فها هو قد وصل إليها واقعيا...
أكيد أن الله كرم بني آدم، لكن بالمقابل كان هناك من ينتظر سحب هذه الصفة المقدسة عمن كرمه الله، وخذله أخوه الإنسان، وهذه مفارقات غريبة غرابة الإنسان حين يدخل مستنقعا لا يدخله إلا من لا يخاف الله، وما أكثرهم...
فمن كان يتصور مآل الإنسان في خضم هذه المتغيرات، التي لم يحصد منها إلا على الغبار السياسوي والتوابع والزوابع، والغلو، والفوضى التي ما بعدها فوضى، شتّتت الإنسان شذر مذر؛ وجعلت المجتمعات عبارة عن أنعام تهيم دون هدى...
من هنا انبثقت الحروب المعلنة وغير المعلنة، وتداعت القيم التي كانت أصلا على شفى حفرة من النار؛ وفُقد التواصل وصلات الرحم، وحقوق الانسان، علما أن الكلام عن المواطنة لا يستقيم في غياب هذه الدعائم الأساسية...