للتواصل معنا
البريد الإلكتروني: [[email protected]]
خلال سَنوات 2020 في المغرب، تَكَرَّرَت ظاهرة اللُّجُوء إلى "الإضراب عن الطّعام" كأسلوب للاحتجاج على الظُلم، أو لِلمطالبة بِحُقـوق مُغْتَصَبَة. وأصبح كثيرون من المناضلين يعتـقدون أنه أسلوب نضالي عَادِ، وَرَاقِ، وَفَعَّال. وهذا السلوك يشكّل تـراجعًا إلى الوراء في أساليب المقاومة والنضال الثوري
وإن كُنـتُ شخصيا أتـفـق على أن حياة كلّ مُضرب عن الطّعام قد تُصبح بِسُرعة في خطر، وأتـفـق على ضرورة اِبْتِكَار وَخَوْض كل أشكال النضال المُلَائِمَة للضغط على الدولة المغربية من أجل إطلاق سراح المعتـقلين السياسيين، فَإِنَّنِي أرفض هذا الأسلوب بشكل عامّ وأرفض اعتباره أسلوبًا نضاليًّا عَادِيًّا أو مَـقبولًا
بعد التـفكير في تجارب "الإضرابات عن الطعام"، وفي مُخَلَّفَاتِهَا المُعَـقَّدة، المتـنوّعة والمتـعدّدة، على الدّماغ، وعلى الأعصاب، وعلى باقـي أعضاء الجسم، أصبحتُ مُـقتـنعًا أنه لا يحقّ لأيّ مناضل ثوري إِهْلَاك نَـفسه بِنـفسه، إذ المطلوب أن يُحافظ على أحسن صِحّة مُمكنة، لكي يستمرّ في كِفَاحه خلال أطول عُمُر نِضالي مُمكن
يظهر المُضرب عن الطعام كَأَنَّه يقـول لِعَدوّه: "بِمَا أنك تَهْلِكُنِي، فَأَنَا أيضًا سَأهلك نـفسي، وَلَن أتوقّـف إلّا إذا توقّـفـتَ أنـت عن هَلَاكي، وَلَوْ كان مَصِيري هو المَوت"! لكن الجَلَّادِين لَا يُبَالُون بِسَلَامة أعدائهم الذين يمكن أن تتعرض بعض أعضائهم إلى أضرار فَادِحَة وَدائِمَة والذين يُعانون مِن أمراض مُزْمِنَة قد تَتَأَزَّمَ أوضاعهم الصِحِّيَة وقد يـموتوا أو أن يُصَابُوا بِعاهات دَائِمة
يتوجّب على المُعتـقل السياسي أن يَتَـفَادَى أسلوب الإضراب عن الطعام، وأن يَتَجَرَّأَ على المُقاومة، والنِضَال، وأن يُفَكِّرَ عَمِيـقًا في ابتـكار وَتَـنْـفِـيذ أساليب أخرى لِلمُقاومة، وللنضال، ولو بأشكال جديدة، أو مُبْدِعَة، أو سِرِّيَة، أو مُتواضعة، وَيُستحسن أن تـكون مُتصاعدة، مع محاولة التـنسيق، مع قِوَى تَـقَدُّمِيَة مُساندة، سَوَاء في داخل البلاد أم في خارجها
المقال السابق
المقال الموالي