الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

تضامن الاتحاد الأوروبي مع الاحتلال الإسباني للأراضي المغربية ينطوي على بعد استعماري مرفوض

 
محمد نجيب كومينة
 
تضامن الرئيس الرمزي للاتحاد الأوروبي ورئيس برلمان هذه المنظمة القارية وأعضاء آخرين، وتأكيد الرئيس على الخصوص على حدود أوروبية تشمل مناطق مغربية تحتلها إسبانيا، يكشف استمرار تعلق الأوروبيين إلى الآن بالمنطق الاستعماري، حتى لما اضطروا إلى تصفية الاستعمار نتيجة نضال حركات التحرر الوطني وقرار الأمم المتحدة.
 
اعتبار سبتة ومليلية حدودا أوروبية، لأنها تحت الاحتلال الإسباني، الذي سيزول طال الزمن أو قصر، فيه تعدّي على الحقوق الترابية والتاريخية للمغرب، وعلى كرامة المغاربة الذين لن يتنازلوا، مهما كان، عن تطلعهم إلى استكمال وحدة ترابهم الوطني وطي صفحة الاستعمار الذي جزّأ وطنهم وقطّع أوصاله في ما مضى طمعا وانتقاما، والتأكيد على الانتقام هنا ليس من باب إطلاق الكلام على عواهنه، ففي لا وعي الاستعماريين الإسبان توجد وصية إيزابيلا بإضعاف المغرب وتشتيت شمله وتفقيره، وهذا ما يفسر نتائج بعض استطلاعات الرأي وسط الإسبان التي تعتبر المغرب خطرا أولا على إسبانيا، وهذا ما يفسر اليوم كيف أن كل المجهود الذي بذله المغرب لتطوير شراكة استراتيجية مع إسبانيا، ترتب عليه انتقال الجارة الإيبيرية إلى أول شريك تجاري متقدم على فرنسا، لم يجد لدى الطرف الإسباني تجاوبا في مستواه، ولم يقابل بمروءة وحسن نية كما يجب من طرف النخبة الجديدة التي تخضع بشكل بيّن لضغوط بوديموس وفوكس الغارقين في الإيديولوجيا وغير المستوعبين للاستراتيجيا والجيوبولتيك وللجغرافيا والتاريخ.
 
سبتة ومليلية والجزر المتوسطية ليست حدودا لإسبانيا أو للاتحاد الأوروبي، وإنما هي أراضي مغربية مستعمرة، بمياهها وأجوائها، موضوع نزاع مستمر قاد إلى حروب في ما مضى، وتكتسي سبتة، التي كانت عاصمة ثانية للمغرب في مراحل سابقة من التاريخ، أهمية قصوى بالنسبة للمغاربة لا تقل عن أهمية القدس بالنسبة للفلسطينيين، وليعلم الإسبان والأوروبيون، وهذا ما يعلمه بعضهم، أن راية الجهاد من أجل التصدي للاستعمار كانت وماتزال، في ما اعتقد، تخزن بضريح أبي العباس السبتي بمراكش وتخرج منه لتعود إليه في وقت السلم.
 
تضامن الاتحاد الأوروبي ومؤسساته مع الاحتلال الإسباني للأراضي المغربية، لمجرد أنهم يتخوفون من الهجرة التي لا تخفى نظرتهم العرقية والدينية لها، غير مناسب وينطوي على بعد استعماري مرفوض...
 
 
كاتب وإعلامي واقتصادي