للتواصل معنا
البريد الإلكتروني: [[email protected]]
الشباب والانتخابات والمصداقية على المحك!
خالد أشيبان
سبق أن عبرت عن رأيي في لائحة الشباب، وقلت مرارا وتكرارا إن المشكل لا يوجد في اللائحة، كآلية قانونية، بل يوجد في طريقة تعامل الأحزاب معها.. لكن السؤال اليوم هو: هل يستحق شباب الأحزاب لائحة تمكّنهم من الولوج المباشر إلى البرلمان؟!
الجواب، في تقديري المتواضع، هو لا.. لأنه لا وجود للشبيبات الحزبية على أرض الواقع، ما عدا بعض الأنشطة، التي تنظمها في ما بينها.. شبيبات غائبة تماما عن أداء أدوارها التأطيرية والترافعية على قضايا المجتمع، إلا من رحم ربك من الأشخاص وليس التنظيمات... ماذا قدمت تلك الشبيبات في العشر سنوات الأخيرة؟! كم أطرت وكم استقطبت؟! أين كانت في الحراكات التي عرفها الشارع في السنوات الأخيرة؟!
لكن المشكل مرة أخرى ليس في الشبيبات، وإنما في الطريقة التي أصبحت الأحزاب تفصِّل بها تنظيماتها الموازية على المقاس.. تقدم فروض الولاء والطاعة، ولا تخرج عن الخط.. مع أن العادي هو أن يخرج الشباب عن الخط!
في تقديري المتواضع، الشبيبات التي لا ترفع السقف، ولا تتمرد، ولا تنتصر لقضايا المجتمع، ولا تؤطر الاحتجاجات، ولا تفتح النقاش مع الشباب في المناطق المعزولة اجتماعيا واقتصاديا، ولا تملأ الفراغ في الساحة، ولا تملأ الدنيا صراخا انتصارا للمظلومين من أبناء هذا الشعب، ولا تعبّر عن مواقفها حتى بتدوينات، ولا تبدع أشكالا تواصلية ونضالية جديدة مواكبة للعصر ووو... لا تستحق اليوم أي امتياز يمكّنها من مقاعد مباشرة في البرلمان!
لكن ما البديل الذي تم تقديمه اليوم، مكان اللائحة الوطنية للرفع من تمثيلية الشباب في البرلمان والمجالس المنتخبة؟!
لا شيء!
من الجيد أن نجوّد القوانين الانتخابية ونرفع من تمثيلية النساء، ولكن أين هي الأحزاب والعروض السياسية، التي يمكنها أن تغري المغاربة بالمشاركة، بعد سنوات من العبث فقدَت فيها كل الأحزاب مصداقيتها؟!
بإمكانك أن تحضر أحسن حفل موسيقي بأحسن منصة وأحسن مهندس ديكور وأحسن مهندس صوت، لكن نجاح الحفل يبقى دائما مرهونا بموهبة المطرب!
واليوم، فباستثناء حزب العدالة والتنمية، الذي يملك كتلة ناخبة ثابتة ومعايير اختيار مرشحيه تحددها حركة التوحيد والإصلاح (الفاعل الرئيسي)، ليس هناك حزب واحد من الأحزاب الكبرى يعتمد معيار الكفاءة والنضال في اختيار مرشحيه.. المعيار الوحيد الذي يتحكّم في العملية برمتها اليوم هو المال و"شحال ضامن من صوت"... وهذا شيء لا يخفى على أحد، والأحزاب لا تتحمل المسؤولية فيه لوحدها، لأنه نتيجة تراكم كبير من الممارسات غير السليمة...
الأحزاب، في الأخير، تستخدم منطق البراغماتية لتحصل على المقاعد وتضمن استمراريتها، وبالتالي تبحث عن "الأقدر" (اللي قادر)، وليس "الأصلح" (اللي صالح) .. والنتيجة، في الأخير، هي برلمان لا يمارس أي صلاحيات، لأن أغلبية أعضائه لا تتوفر فيهم شروط الأهلية، ويعتبرون وجودهم في القبة حقا أدَّوا ثمنه مسبقا، وبالتالي فهم غير ملزمين بأي شيء تجاه أي أحد!
لهذا السبب، كنت دائما مع الرفع من قيمة دعم الأحزاب، وكتبت ذلك مرارا وتكرارا.. لأن أهم مداخل إصلاح المشهد هو تخليص الأحزاب من سطوة "مالين الشكارة"، الذين يتحكمون في الأحزاب في الجهات والأقاليم، ويضعون شروطهم المسبقة قبل توقيع "الشيكات"...
والمواطنون، في الأخير، يجب أن يتحملوا مسؤولية اختيارهم، ويجب أن يفهموا أن العزوف سيُنتِج نفس العبث المتوفر حاليا، وأن أي إصلاح تلزمه قوة ضغط، وأن الحقوق تُنتَزع ولا تُمنَح، وأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم!
والأهم من كل هذا هو أن تتوفر الإرادة السياسية الحقيقية للإصلاح.. حينها يصبح كل شيء ممكنا!
فاعل سياسي ومدني
