الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

حكام الجزائر في الفترة الشنقريحية.. اقتتال وتصفية حسابات من علامات انتهاء صلاحية نظام الجنيرالات

 
محمد نجيب كومينة
 
يتأكد يوما عن يوم أن حكام الجزائر في هذه الفترة الشنقريحية وصلوا إلى درجة من العداء للمغرب والمغاربة لا مثيل لها. ليس الإعلام المعسكر وحده من يكشف هذا العداء، بل التحركات المجنونة للمسؤولين الجزائريين في كل مكان بكل ما يمتلكونه، مع تشديد الضغوط على الشقيقة موريتانيا بشكل خاص.
 
هناك انحراف ذهني في هذه العدائية المتطرفة، التي يرفضها الكثير من الإخوة الجزائريين علنا، ناتج عن أسباب متعددة، ومنها الخوف الذي يساور هؤلاء بالنسبة لمستقبل كانوا يتوهمون انه للهيمنة وليس للتعاون والتكامل المغاربي.
 
الأوضاع الداخلية تخيفهم، لأنه ليس لديهم ما يقدمونه للشعب الجزائري بعدما صار مؤكدا أن زمن عائدات البترول المرتفعة انتهى، نتيجة التحوّل الطاقي العالمي وتراجع القدرة التصديرية للجزائر في ما يخص البترول بما يناهز 40%، فليس في رصيدهم غير الفشل وإهدار الموارد والفرص، وهو ما ستكون له تبعات بعد نهاية كورونا.
 
التطورات الجيوسياسية في المنطقة تخيفهم، لأنهم يكتشفون أن استثمارهم في حركة انفصالية، اعتبروها حجرا في حداء المغرب يعطل حركته، يتجه نحو الإفلاس وضياع ملايير الدولارات، وذلك بعدما تمكّن المغرب، بإمكانيات تقل عما جنته الجزائر من البترول والغاز، من تحقيق إنجازات تنموية كبيرة تثير انتباه الرأي العام الجزائري وتجعله يأسف على ما آلت إليه الجزائر، وأيضا بعدما تمكّن المغرب من إحراز تقدم واضح وملموس على طريق تأكيد وحدته الترابية بالدعم الدولي وأصبح الطرح الانفصالي مرفوضا دوليا وعلى نطاق واسع، وحتى من ينافقون حكام الجزائر ومن يحافظون على إمكانية حلب ما تبقى لها من موارد ليسوا مقتنعين به، وغير خاف على هؤلاء الحكام أن الولايات المتحدة، وحتى قبل الاعتراف الرسمي بسيادة المغرب على صحرائه واعتبار الحكم الذاتي الحل الوحيد، كانت ضد خلق أي دولة أو دويلة جديدة في إفريقيا، وهو نفس موقف مختلف الأطراف الدولية الفاعلة في القارة السمراء مهما اختلفت حساباتها ومصالحها، لأن القارة التي ينشط فيها ما لا يقل عن 17 حركة انفصالية حاليا، قد تتحول إلى مجال للاقتتال ولمزيد من التخلف والمآسي الإنسانية لو تأتّى للنزعات الانفصالية، التي يبدو أن بوليساريو على صلة بالكثير منها، أن تشعل الحروب أو أن تكرر تجربة السودان الجنوبي، ويتبين أن الدول الإفريقية عموما واعية بهذا الخطر، وإن كانت بعض الحسابات الضيقة تجعل البعض منها تغض النظر عنه كما هو الشأن بالنسبة إلى جنوب إفريقيا وأطرافها...
 
كل هذه الأمور يعرفها الجنيرالات الممسكين بالقرار في الجزائر، لكن وبدل أخذها بعين الاعتبار والتصرف بعقلانية وبحساب مستقبلي متحرر من حساب المصالح الضيقة، فإنهم يهربون إلى الوراء يساورهم وهم عودة الأمور إلى الوراء، وهو وهم خطير للغاية، لأنه يقود إلى الهدم، الهدم الذاتي أولا...
 
وفي الواقع، فإن ما يسقط في الجزائر اليوم، بعدما ترسخ طويلا، هو إرث الجزائر الفرنسية الذي رسخه الاستعمار وكان في نيته أن يظل هذا البلد المغاربي الشقيق محافظة فرنسية لما وراء البحار تمكنه من فرض مراقبته على باقي المستعمرات السابقة، وبسقوطه تنتهي صلاحية الجنيرالات الذين عاشوا عليه واستولوا على الخيرات الكثيرة للبلد وحوّلوها إلى الخارج كما ينكشف ذلك في كل لحظة، وأن الاقتتال الجاري وتصفية الحسابات التي لا تنتهي في المدة الأخيرة بين أساطين نظام الجنيرالات علامة من علامة انتهاء صلاحيتهم، واقتراب الشعب الجزائري من مرحلة تحرر ثانية بعدما غُدر بثورته التحريرية بانقلاب صيف 1962.
 
تأجيج الجنيرالات للحقد ضد المغرب والمغاربة جميعهم بلغة تمتح من قاموس العنصرية أحيانا، لن يفيدهم في شيء، لكن لابد من الحذر من تحركات اليائس والفاشل عندما يصل إلى مرحلة شبيهة بالجنون...
 
كاتب وإعلامي واقتصادي