مشاكل الشرق الأوسط وخاصة فلسطين المحتلة، لن تحل ولن تتعقد ببقاء الصحراء المغربية محل نزاع مفتعل يستنزف كل مجهودات تنمية المنطقة لإشباع رغبة نرجسية، لطغمة عسكرية جارة، في السيطرة..
مواقف المغرب وموقعه لدى مختلف الفرقاء يؤهله للعب أدوار مهمة في التوفيق بين مختلف القوى والرؤى المتصارعة..
اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء وفتح قنصلية بالداخلة انتصار كبير، يطلق يد المغرب في فتح جسور التواصل، كما فعل تاريخيا بين الإخوة الأعداء في الشرق الأوسط..
الايام القادمة ستكون حاسمة على أكثر من صعيد، فردة فعل جيراننا، وموقف أوروبا وروسيا من هذه التطورات سيكون له ما بعده.. هي بداية معركة جديدة سيكون لها ما بعدها، ونتمنى أن يخرج منها الوطن أكثر قوة ووحدة.. بعد ما يقارب الخمسين سنة من الاستنزاف والمؤامرات...
من حق أي كان أن يرفض التطبيع أو يقبله، ولكل مبرراته، فقط وجب الانتباه إلى شيء مهم وأساسي في إنتاج المواقف من مجريات الأحداث الأخيرة، وهو أن من يربط قضيتي الصحراء المغربية وفلسطين يلعب من حيث لا يدري لعبة الانفصاليين وعرابيهم من عسكر الجيران، الذين لطالما ربطوا بين القضيتين باعتبارهما آخر مستعمرتين في العالم.. وهو أمر غريب أن يصدر عن محللين ومتابعين من بني جلدتنا..
فلسطين في قلوبنا.. وما قدمه المغرب والمغاربة من دمائهم وأموالهم على مر التاريخ منذ عهد صلاح الدين الايوبي وأقام فيها بابا سماه باب المغاربة شكرا واعترافا بجهادهم في سبيل استرجاع القدس مرورا بكل حروب القرن العشرين حيث سالت دماء الجنود المغاربة في الجولان وفلسطين وسيناء، لا يجادل فيه إلا جاهل أو حاقد.
الصحراء قضية المغاربة الأولى وقضية فلسطين لا تراجع عن دعمها..
التاريخ يسير إلى الأمام ولا يرجع أبدا إلى الخلف، وكل الشروط والظروف الحالية تؤكد أن مصلحة المغرب في نزع شوكة الانفصال من قدمه، وأن مغربا أقوى بصحرائه قادر على تقديم المزيد لفلسطين والقدس، أكثر من مغرب تحاك المؤامرات ليل نهار ضد وحدته واستقراره لإضعافه...
دون ذكر أن الكثير من أبناء وتنظيمات فلسطين كانت ومازالت دائما في صف الانفصاليين بمواقف مدفوعة الثمن من جيراننا اللدودين، وكان موقف المغرب وتنظيماته وشعبه دائما موقف الداعم والمساند لكل قضايا فلسطين بغض الطرف عن تلك المواقف التي لا تمثل كل إخواننا الفلسطينيين..
الحديث العاطفي عن فلسطين والقضية والتطبيع والخيانة قديم قدم القضية نفسها..
الجديد اليوم والذي يبدو أن كثيرين لم يروه بنظاراتهم هو الاعتراف الواضح والقوي بلا لبس بسيادة المغرب على كل صحرائه من طرف القوة الأولى في العالم وتأكيدها فتح قنصلية بالداخلة.. مع ما يستتبعه ذلك من خلخلة التوازنات الإقليمية بالمنطقة بما في ذلك مسألة ترسيم الحدود البحرية الجنوبية للمملكة مع اسبانيا والجزر الخالدات..
وللتذكير، في الاتصال الهاتفي بين الملك ورئيس السلطة الفلسطينية، حسب بلاغ الديوان الملكي، جاء فيه:
"شدد جلالة الملك على أن المغرب يضع دائما القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية، وأن عمل المغرب من أجل ترسيخ مغربيتها لن يكون أبدا، لا اليوم ولا في المستقبل، على حساب نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه المشروعة".
وهو ما أكده ملك البلاد أيضا في اتصاله مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب..