الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

المتنكرون لمواقفهم من عقوبة الإعدام.. شيء من الحشمة!

 
مسعود بوعيش
 
ما يثير الشفقة والامتعاض ليست حرية التعبير لدى المدافعين عن عقوبة الإعدام...
 
الشفقة تثيرها تدوينات أفراد ينتمون لهيئات حقوقية أو حزبية سبق لها أن اتخذت مؤتمراتها وهيئاتها التقريرية والتنفيذية مواقف مناهضة لعقوبة الإعدام..
 
لا نجد تبريرا مقنعا لهذا الانهيار سوى الشفقة..
 
بالأمس القريب كانت هذه الهيئات تضم أصواتها إلى حركة المطالبين بانضمام الدولة المغربية إلى البروتوكول الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، يعني أن هذا البروتوكول يدعو ويحث الدول الأطراف فيه على إلغاء عقوبة الإعدام من تشريعاتها..
بالأمس القريب كانت لائحة البرلمانيين ذكورا وإناثا الذين يناهضون عقوبة الإعدام ويطالبون بإلغائها من مجموعة القانون الجنائي المغربي.. كانت لائحة الأسماء تتجاوز 200 برلماني... أرشيف المؤتمر العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام المنعقد بمدريد / إسبانيا في يونيو 2013 خير شاهد على ما نقول...
 
جهود متواصلة في الترافع والإقناع لتفعيل كل التوصيات الختامية لتقرير هيئة الانصاف والمصالحة المتضمنة في التقرير الختامي (2006)، ومن بينها توصية بإلغاء عقوبة الإعدام، وتوصيات بتجريم التعذيب والاختفاء القسري والاعتقال التعسفي أو السري.. والتاكيد على ضمان الحق في محاكمة عادلة وقرينة البراءة..
 
كل المنظمات والجمعيات الحقوقية المغربية المنضوية تحت لواء الائتلاف المغربي لأجل مناهضة عقوبة الإعدام تطالب الدولة المغربية بالانضمام إلى البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية...
 
أرشيف المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف (2008-2019) يحتفظ بكل التدخلات للوفود المغربية الرسمية بمناسبة تقديم التقارير الدورية أو الفحص الدوري الشامل EPU حول مدى التزام الدولة المغربية الطرف في اللجن التعاقدية والآليات الأممية الأخرى بتطبيق وإعمال التوصيات الصادرة .. أرشيف يشهد عن انزياح المغرب إلى تعليق تنفيذ أحكام بعقوبة الإعدام خلال 27 سنة مضت على تنفيذ آخر حكم بالإعدام...
 
أرشيف الإعلام الوطني المغربي، السمعي، البصري، المكتوب، الرقمي... شاهد على أنشطة الحركة المطالبة بتصويت المغرب بالإيجاب في الجمعية العامة للأمم المتحدة بمناسبة عرض القرار الداعي إلى تعليق تنفيذ الأحكام القاضية بعقوبة الإعدام (Moratoire) الذي يتزايد عدد الدول في كل مناسبة بالتصويت بنعم في الوقت الذي يلتزم المغرب للمرة السابعة الامتناع عن التصويت...
 
حرية التعبير عن الغضب والإدانة للأفعال الإجرامية التي تزهق الأرواح والأصوات المطالبة بإصدار عقوبة الإعدام في حق الجاني أو الجناة.. حريات تعبر عن إحساس إنساني عميق وصادق وعن أشكال التضامن والمواساة والحلم بعدم تكرار ما جرى من فضاعة... تعبيرات يتعين الإنصات الجيد لنبضها وصراخها، وقد تسائل الباحثين المهتمين المختصين في علم النفس الجماهيري أو علم الاجتماع أو علم الإجرام... تسائل ايضا الترسانة القانونية الوقائية والحمائية للطفولة.. تسائل المؤسسات المربية والمكونة والمؤطرة من أسرة ومدرسة وإعلام ومراكز البحث والدراسات... الخ. تسائل تقاعسنا المريب أمام تنامي ظاهرة استسهال العنف الرمزي واللفظي والمادي في علاقاتنا المجتمعية..
 
ما يثير الشفقة هو مواقف من كانوا بالأمس القريب، أي قبل 7 شتنبر 2020 (تاريخ اختفاء المرحوم الطفل عدنان بمدينة طنجة)، من المدافعين عن إلغاء عقوبة الإعدام... ما يثير الانزعاج والقلق هو حالة الارتجاج والانحياز المتعمد إلى حجب كل التناقضات في المواقف والآراء بين الاتجاهات الفكرية المتعددة المنبع والمصب، يعني محاولة علنية وبينة لحجب حقيقة الخلاف بين نزعات الانطواء والانغلاق التي تقاوم الطموحات وانزياح التراكمات الإيجابية إلى الإصلاح والتحديث وملاءمة القوانين وسمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنية والارتقاء بقيم الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة إلى روح العهود والإعلانات الحقوقية الكونية التي انخرط فيها المغرب...
 
لا ندري كيف ستتعامل الهيئات الحقوقية والحزبية المعنية مع مواقف أفرادها الأعضاء الذين تنكروا لمواقفها وأساؤوا لأدبياتها... ظواهر تثير الشفقة وتطرح أسئلة عن خلفياتها..
 
شيء من الحشمة...
 
فاعل حقوقي