الأنطولوجيا العبدية الحمرية.. صدور مؤلف جماعي "أنطولوجيا آسفية في زمن الحجر.. صرخة ريشة وقلم"
الكاتب :
"الغد 24"
مريم معاد
زمن كورونا، كما سبق وأشرت في العديد من المقالات، هو زمن جديد بكل المقاييس، كان وسيبقى له تأثير على نمط عيشنا، اقتصادنا، ثقافتنا، فعلى المستوى الثقافي والفني، أنتج مجموعة من الإبداعات سواء على مستوى الغناء، الفن التشكيلي، الشعر والزجل، ليكون للفن صرخته أيضا في زمن الوباء، ليعبر عما بدواخل الفنان بطريقة فنية وأدبية، وكان لآسفي نصيب من هذا الإنجاز، المتمثل في أنطولوجيا تضم مجموعة من الفنانات والفنانين التشكيليين، الزجالات والزجالين والشعراء، الذين نسجوا إبداعاتهم في زمن الكورونا، وجمعوها في كتاب "أنطولوجيا آسفية في زمن الحجر... صرخة ريشة وقلم"، حيث صرخت الريشة مبدعة أروع اللوحات معبرة عن الوضعية الوبائية والاجتماعية بألوان الألم والأمل في لوحة ببعد إنساني، وصرخ القلم بقصائد ونصوص زجلية وصفت الواقع في ظل أزمة الوباء والحجر.
يمكنني القول إن هذه الأنطولوجيا، هي تصور للوضعية الوبائية والاجتماعية الحالية بعيون الفنان، والتي تطرقت لموضوع الاختلاف والتعايش معها، والهدف المنشود هو التأريخ لهذه المرحلة بشكل إبداعي، لنترك للجيل القادم شيئا من أمل التغلب على المعاناة العالمية التي نعيشها الآن والتمرد عليها.
"أنطولوجيا آسفية في زمن الحجر" مؤلف جماعي ضخت فيه دماء 29 فنانا (زجالين وفنانين تشكيليين) وكانت نجمته والمايسترو هي الأستاذة نجيمة فرطميس، التي سهرت على إخراج هذه الفكرة الرائعة إلى الوجود، واشتغلت بجد على جمع الإبداعات والتنسيق بين المبدعين والتواصل معهم طيلة فترة الإعداد للكتاب، الذي كان مشروعا ناجحا موفقا، كما أكد ذلك الناقد الأدبي لكبير الدادسي، الذي اعتبر هذه الأنطولوجيا "تعبيرا عن الفوضى المنظمة والخلاقة التي تسم عصرنا".
وكما تقول الأستاذة نجيمة فرطميس: "هذا العمل هو إهداء لكل الجنود المرابطين في الصفوف الأمامية لمحاربة الجائحة والتصدي لها، وهو أيضا تعبير للقضاء على المد العنصري، وأتاح العمل فرصة للتعرف على مجموعة من المبدعين في حصيلة واحدة وهذه "التويزة" كنا نصطلح عليها في ثقافتنا الشعبية، تحاول أن تقربنا جميعاً على حبل الإبداع في ظل التباعد الاجتماعي المفروض، في تكامل بين النص والصورة".
وبما أنه كان لي شرف خوض غمار هذه الأنطولوجيا عبر المشاركة بمجموعة من القصائد، رفقة الرائعة نجيمة، فقد كانت لنا أحاديث مطولة وجلسة رائعة، استنتجت من خلالها أن النجم هو الذي يشتغل ليبرز ضوء الآخرين وإبداعاتهم وتميزهم، وهكذا هو حال الزجالة المبدعة نجيمة فرطميس المعروفة باسم إيزة، التي اخرجت هذا النسق الجميل الذي ترك فيه كل هؤلاء المبدعين بصمتهم لتاريخ القلم والريشة، وكما قال الناقد لكبير الدادسي رغم المسحة الحزينة والسالبة التي تكسو معظم النصوص واللوحات، إلا أن هذه الأنطولوجيا العبدية الحمرية ستبقى وثيقة للتاريخ...