الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
مشهد من الحادثة التي راحت ضحيتها التلميذة غزلان "شهيدة لقمة العيش"

"شابات من أجل الديمقراطية".. حملة من أجل إنصاف غزلان "شهيدة لقمة العيش" وكل العاملات الزراعيات

 
إنصاف الراقي
 
ما تزال لحادثة وفاة الشابة غزلان، يوم 29 غشت الماضي، جراء انقلاب سيارة "البيكوب" كانت تقلها رفقة شقيقتها و14 عاملة، غصة في حلق سكان دوار "الزاوية بجماعة أكلو" بأقليم تزنيت.. ذلك أنها لفظت أنفاسها الأخيرة في مكان الحادث، وهي توصي شقيقتها الكبرى بأمها، ملتمسة منها أن تصبر على فراقها، حيث نطقت بعبارة أخيرة "قولي للوالدة تصبر" ثم غادرت في صمت، وسط ذهول وتأثر باقي العاملات اللواتي أصبن بدورهن في الحادثة، بجروح متفاوتة الخطورة.
 
 
 
رحلت غزلان، وفي قلبها حلم استكمال دراستها.. كانت تلميذة طموحة ومجدة في التحصيل الدراسي، إذ رغم اشتغالها اليومي في المزارع والضيعات، وقطعها مسافات تتجاوز 50 كيلومترا في اليوم، إلا أنها ظلت ترى في دراستها المخرج الوحيد من الفقر والهشاشة التي تعيش فيها وأسرتها بدوار تنعدم فيه أبسط شروط العيش، وكان هذا الإصرار والتحدي، دافع قوي مكنها من الحصول على معدل 14 في مستوى الأولى باك هذا العام.
ولأن غزلان قضت نحبها في حادثة سير في طريقها للعمل إلى المزرعة، آثرت "مجموعة شابات من أجل الديمقراطية"، أن تصفها بـ"شهيدة لقمة العيش"، وأن تخوض حملات للوعية بمآسي ومعاناة النساء المزارعات، وفي إطار دعمها ودفاعها عن حقوق العاملات الزراعيات، بالدرت إلى زيارة عائلتها بدوار "الزاوية بجماعة اكلو"، البعيد عن تزنيت بحوالي 15 كيلومترا.
هناك، التقت المجموعة بشقيقة غزلان البالغة من العمر 27 سنة، وهي بدورها عاملة زراعية، بدت منكسرة لفقدان شقيقتها الصغرى.. إذ في بوح حميمي، تحدثت عن طموحات "الشهيدة" ورغبتها في الذهاب إلى أمريكا لاستكمال دراستها، وكيف كانت مفعمة بالحماسة والحيوية ومواجهة الصعاب.. كانت في مقتبل العمر، ما تزال صغيرة على العمل في المزارع، بالكاد تودع مرحلة الطفولة وتستقبل، بشراهة الحياة، مرحلة اليفاعة بكل ما لها من تحولات نفسية وجسدية على الذات، لكن للأسف، تقول شقيقتها، تحملت المسؤولية وهي صغيرة من أجل كسب لقمة العيش، حيث تقول في شهادتها عن المعاناة اليومية التي كانت تجعلهن يستيقظن على الساعة الثالثة صباحا، أنهن كن يتوجهن إلى إحدى "الفيرمات" جماعة على متن سيارة "بيكوب" تحمل أكثر من 16 امرأة.. هناك، يعملن في كل الأشغال الشاقة وينتظرن "الكانزة" (أداء الأجور كل أسبوعين)، كي يُفرحن أنفسهن وعائلاتهن. ومن هؤلاء العاملات الزراعيات فتيات ونساء ومتزوجات ومطلقات كلهن يعشن أوضاعا اجتماعية مزرية يعانين الأمرين لتدبير لقمة عيش لأسرهن...
وأي أجرة هاته؟ تتساءل شقيقة غزلان، حيث لا تتجاوز 70 درهما في اليوم، وأحيانا تنخفض إلى 65 درهما، في غياب أبسط شروط العمل، ودون حماية اجتماعية، بل ومعرضات دائما لخطر الموت في حوادث الطريق، وللعنف باعتبارهن نساء، بعيدات عن محيطهن الأسري.
الآن، لا تريد شقيقة غزلان شيئا، فقط تريد حق شقيقتها الذي يكفله القانون، وأن تنتهي معاناة العاملات الزراعيات وأن تكون وفاة "غزلان" سببا في حصول هذه الفئة المهمشة على كل حقوقها.
من جهة أخرى، وفي السياق نفسه، تستعد "مجموعة شابات من أجل الديمقراطية"، لتخليد أربعينية وفاة "شهيدة لقمة العيش" غزلان بمحل سكناها مع عائلتها، كنوع من الدعم والمواساة من جهة، والتذكير من جهة أخرى بمطالب هذه الفئة التي سبق أن عبرت عنها في حملتها "يودا". كما وضعت المجموعة الرقم الهاتفي الآتي (0635073190)، لمن يريد دعم عائلة الضحية غزلان والعاملات المقيمات بالدوار نفسه.
يشار إلى أن مجموعة "شابات من أجل الديمقراطية"، كانت أطلقت حملة تحسيسية، في عز بداية الحجر الصحي، على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن الافتراضي إلى العمل الواقعي الميداني كلما توفرت شروط ذلك، للتحسيس بحجم ما تعانيه العاملات الزراعيات من قهر واستغلال، وجاء عنوان الحملة هو "يودا"، ومعناه بالأمازيغية "باركا" و"كفى"، من أجل أن تتكاثف جهود جميع القوى الحية من أجل وضع حد لهذه المآسي، التي لا تبدأ باستغلال قوة العمل، ولا تنتهي بالاستغلال الجنسي...