نشرت المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان مقالا (بيانا)، بتاريخ 27 فبراير 2023، تحت عنوان "أخيرا يسقط القناع عن أمنستي" ترد فيه على بيان لفرع منظمة العفو الدولية الإسباني.
بعيدا عن شكل ومضمون المقال (البيان)، وعن سجال المندوبية مع منظمة العفو الدولية، نثير فقط نقطة أشارت إليها المندوبية في الدفاع عن حصيلة حقوق الإنسان في المغرب، وعن الصورة الوردية للحريات والحقوق في بلادنا، وتتعلّق بالاعتراض الرابع، الذي ورد فيه: "تُصر أمنستي على العودة إلى موضوع التعذيب بطريقة مستنكرة، تتجاهل فيها كل التقدم المحرز في التعاطي معه من خلال التفاعل الدولي مع الآليات المعنية وعلى مستوى عمل الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب وتقارير المنظمات الحقوقية. وهكذا، تضيع الحقيقة الحقوقية، منهجا وتقييما، أمام العَمَاء السياسي الذي اختارته أمنستي، طريقاً، وبسبب هذه النية السيئة بالذات، لم يلتفت منشورها إلى عديد التوضيحات والمعطيات المقدمة من طرف بلدنا بمناسبة التفاعل الدولي مع الآليات الأممية المختصة، وهي منشورة ومتاحة للعموم"...
وتعزز المندوبية هذا الاعتراض (الرابع) من خلال الاعتراض السابع، الذي يشدّد على ما يلي: "ولا يسع المندوبية الوزارية إلا أن تُذكّرها (أمنستي) بما يجري الآن، أمام مجلس حقوق الإنسان، بمناسبة اعتماد التقرير الوطني الرابع برسم الاستعراض الدوري الشامل، حيث تُعلن المملكة المغربية أمام المنتظم الدولي الحقوقي سياستها المعتمدة على الانخراط المتواصل في المنظومة الدولية ذات الصلة، وفي اتخاذ التدابير الإجرائية الميسرة للوفاء بالتزاماتها"...
وفي هذا الصدد، نجد أن المندوبية هي التي "تصرّ" (إلحاحا!) على تغطية الشمس بالغربال، وأحيانا باعتماد "حجج" تصيب القارئ بهيستيريا الضحك، عندما تؤكد تعاطيها الإيجابي مع الآليات الدولية لمناهضة التعذيب "وهي منشورة ومتاحة للعموم".
وفي هذا الإطار، نؤكد أن المغرب يعتبر متأخّرًا "جدا جدا" في التفاعل مع لجنة مناهضة التعذيب، إذ كان من المفروض أن يقدّم المغرب تقريره الوطني الخامس في 25 نونبر 2015، واليوم، ونحن على بعد حوالي ثماني سنوات، لم يتمكّن المغرب من الوفاء بالتزامه.
وكانت اللجنة الفرعية لمناهضة التعذيب قامت بزيارة للمغرب في الفترة ما بين 22 و28 أكتوبر 2017، وفي إطار ولاية هذه اللجنة، فإنها تعد تقريرا مفصلا عن زيارتها، ولتشجيع الدول للانخراط في البروتوكول الاختياري المتعلق بمناهضة التعذيب، فإنها تسمح للدول بالاعتراض على التقرير الأولي للزيارات، التي تقوم بها، وهو الاعتراض الذي تقدم به المغرب وطالب بالإبقاء عليه في إطار "السرية"، وهنا نتساءل، عطْفًا على مقال-بيان المندوبية: أين النشر والإتاحة للجميع؟
تقدّم المقرر الخاص المعني بالتعذيب، في إطار الإجراءات الخاصة، بطلب السماح له بزيارة المغرب، في يوليوز 2015، وقد حُدّدت له عدة تواريخ ثم تُلغى في ما بعد، مما حدا به إلى القيام بالتذكير الرسمي، في 4 أبريل 2016، ومنذ هذا التاريخ، وإلى كتابة هذا المقال، لم يُسمح له بالزيارة.
وأخيرا، وللتذكير، كانت لجنة مناهضة التعذيب قدّمت، بتاريخ 15 يوليوز 2013، قائمة بالمسائل موجّهة قبل تقديم التقرير الدوري الخامس للمغرب المفروض تقديمه سنة 2015، وتضم القائمة 48 إجراءً وتدبيرًا، ويمكن لأي مهتم ومتتبع الحصول على هذه المسائل بالبحث عن التقرير رقم CAT/C/MAR/QPR/5، ويقارن بين هذه المسائل والواقع الميداني.
رابط التقرير باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية