الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

من انهزم في انتخابات شتنبر 2021؟ وما العمل؟

 
عبد الله بنان
 
الكل يجمع أن حزب العدالة التنمية هو الخاسر الأكبر. هذا صحيح، وقد قدمت قيادته، وبدون تأخير أو تماطل، استقالتها في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة الحزبية. لم تنتظر انعقاد مؤتمر أو برلمانا حزبيا.
ومن يليه يا رفاق من الخاسرين؟
وأنا أقرأ استجوابا للأخ علي بوطوالة (الكاتب الوطني لحزب الطليعة) مع جريدة إلكترونية (أنفاس بريس، 10 شتنبر 2021) حول نتائج انتخابات 2021، تبين لي أن اليسار لو بقي على هذا الحال، لن تقوم له قائمة. فالآخر، كان خصما طبقيا أو رفيق طريق، فهو المشكل ولا غير، أما الذات فمعافاة. اجْمع راسك يا صاحبي وانتبه لما تقول.
فما يسمى باليسار الحكومي أحرز على مقاعد جديدة كما يعلم الجميع. فحزب الاتحاد الاشتراكي قفز من 20 نائبا برلمانيا إلى 34، وحزب التقدم والاشتراكية هو الآخر انتقل من 12 نائبا برلمانيا إلى 21. إنه تقدم ملحوظ من استشارة 2016 إلى استشارة 2021 في اتجاه الأحسن عدديا، لا ينكره إلا قصير نظر. لا يمكن للمرء إلا تهنئة قيادتي الحزبين، المشار إليهما أعلاه، على النتائج الجيدة المحصل عليها.
بالطبع لنا ملاحظات كثيرة حول سيرورة (Processus) التحضير للانتخابات والبروفايلات المختارة والمقدمة لعملية التنافس الاننخابي. لكن في المجمل هناك تقدم ملحوظ لأحزاب تحسب في آن واحد على اليسار والوسط.
ماذا عما يسمى باليسار الديمقراطي الغير الحكومي (اليسار الجذري)؟
بالمقارنة مع 2016، تغيرت الوجوه، لكن لم يتغير العدد. اثنان لا شريك لهما. في هذه المرة من نوع مختلف، مناضلتين. فبين استشارتي 2016 و2021، فعدد المستشارين الجماعيين انتقل إلى رقم أدنى.
فما زال اليسار الديمقراطي الجذري يراوح مكانه. وهو بالتأكيد خسر رهان انتخابات 2021، وربما سيخسر الرهان في المستقبل إن بقي الوضع على حاله سواء من حيث المقاربة المعتمدة التي ترى في الدولة وأحزابها مصدر الشرور، أو كل منافس من أهل اليسار. أما الذات فهي عن مَنأى من كل سوء، معافاة ومقاومة للأشرار من أي موقع. إن اليسار الديمقراطي الجذري من أكبر الخاسرين، وعلى من يتقلد زمام أموره أن يقدم الحساب.
فحزبيا، ربط المسؤولية بالمحاسبة تعني تقديم الحساب وربما تقديم الاستقالة كما فعل قادة اليمين المحافظ.
إن الانتماء لليسار يقتضي أن يكون الإنسان مسؤولا عن تصرفاته ومثالا يقتدى به. أما إن كان في قيادة حزب يساري فالمسؤولية تتعاظم، حيث تصير مرتبطة بالمحاسبة الحزبية والشعبية وفق الاهداف المسطرة والمتفق حولها. فالجهاز التنفيذي عليه أن يقدم الحساب بدون تأخير أو تماطل أو انتظار مؤتمر ما أو برلمان حزبي.
بقدر ما نقدر حجم المحاسبة القاسية التي تلقاها حزب العادلة والتنمية شعبيا، بقدر ما نحترم جرأة قيادة هذا الحزب في تقديم الاستقالة الجماعية في إطار المحاسبة الحزبية.
فماذا عن أحزاب اليسار الجذري وتياراته؟
فالى متى سننتظر تقديم الحساب وفق ما أفرزته صناديق الاقتراع؟
الجميع يعلم أننا في ديمقراطية ناشئة، لسنا في الدنمارك أو السويد. لكن عليكم أن تتعلموا، حزبيا على الأقل، من اليمين المحافظ المحلي، كيف تُربط المسؤولية الحزبية والشعبية بالمحاسبة؟
أما خطاب الصعود إلى الجبل لتغطية الهفوات والنواقص والاختلالات، فقد عفت الممارسة العملية عنه.
فلا يصح إلا الصحيح، حيث لم يكن اليسار عاقرا يوما...
 
فاعل مدني وسياسي