الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

الجزائر شعب بنظام عسكري قاتل

 
يونس وانعيمي
 
تثائب أشباه خبراء وأشباه صحافيين ومعلقين (معلق ليهم المخ) وسددوا رصاصات طائشة صوب السفير عمر هلال، ممثلنا الدائم بهيئة الأمم المتحدة. انتقدوا تصريحه الأممي غير المسبوق والمطالب للمنتظم الدولي بحق "شعب القبايل" في تقرير مصيره ودعمه في نضال الاستقلال.
قبل أن أدخل في تفاصيل هذا الموضوع، سأزيد "فيه" قليلا وأطالب المنتظم الدولي بدعم الشعب الجزائري قاطبة في حصوله على حق تقرير مصيره أمام بطش "نظام عسكري" قاتل، أدخل شعبا كاملا واحتجزه داخل ثكنة بلا قوانين ولا مؤسسات، ليس لها أية مواصفات دولة.
لنرجع إلى تصريح السي عمر هلال.
1- فقط الجاهل هو من لا يعلم أن تصريحات رجل دولة في منصب السفير عمر لا يكون كلاما شعوريا يتفوه به الرجل حسب ميولاته ومواقفه، بل تتسم تصريحاته حيث يعمل، بمنسوب عال من "الرسمية"، يتشاور في صياغتها مع الجهات العليا بالنظر لوقعها الخطير وتداعياتها المكلفة على الدولة وسيادتها.
طبعا، ليس السي هلال مستعليا على النقد، لكن انتقاده ليس انتقادا لشخصه بل لنظام الدولة بأسره. والأخطر أنها انتقادات بكلفة دبلوماسية كبيرة، لأن خصوم الدولة لا ينتظرون سوى التقاط انتقادات يرتفع ثمنها كلما كانت صادرة من داخل المغرب.
2- خسر المغرب نفسا طويلا وجهدا قاتلا وهو يغالب الدفوعات الدولية لبعض الجهات المعادية المطالبة بحق "الشعب الصحراوي" في تقرير مصيره. وكم قاومت أجهزتنا الديبلوماسية بضراوة هذه الدفوعات التي كانت الجزائر وإسبانيا وألمانيا أبطالها المستيقظين حيث ينام الجميع ليرددوها كلازمة أغنية بئيسة.
المغرب لا يحب تشكيلة جوار انفصالي ويعقد العهد على مؤازرة دول معيارية كاملة السيادة ودامجة لمكوناتها الأنثروبولوجية المتنافرة. المملكة المغربية طيلة قرون حياتها كانت تقاوم نزعات ونعرات القبايل الزائغة عن لحمة كوسموبوليتانية تتمتع بها الدولة المغربية. وللدولة معرفة طويلة بتدبير الاختلافات الإثنية واللسنية والعرقية التي جعلها النظام المركزي تدور حوله بتناغم فسيفسائي. والمغرب لا تزعجه طقطقات مطالبة "شعوبه" بحق تقرير المصير، لأنه حق لا يطالب به أي مغربي. تصريح السفير هلال تنبيهي حيث ستسوء علاقات الجوار إن استمرت هذه الدول "تقللز من تحت الجلابة"، وتطالب المنتظم الدولي بتشتيت مفاصل دولة عريقة ومهمة لقارتين متجاورتين.
3- على الجزائر أن تُرجعَ للجزائريين والجزائريات، وعلى هذا المنتظم الدولي الذي أصبح انتقائيا في قضاياه أن ينصت حقيقة لشعب جزائري يئن تحت بطش نظام عسكري عنيف.. لماذا فتحت تحقيقات دولية في شأن إبادة الشعب الرواندي والشعب السلافي وإعدام رؤساء دول (صدام حسين) لأنه "أباد" الأكراد.. ولماذا فتح المنتظم الدولي بشكل مسرحي هزلي "ملف" إبادة الأرمن من طرف العثمانيين وإبادة الصين لأقلية الروهينغا المسلمة؟؟ ولم يفتح هذا المنتظم ملف إبادة الجيش الجزائري للشعب الجزائري إبان العشرية القاتمة الدموية التي عاشتها الجزائر...؟ هل لأن الجزائر سخية مع فرق التقصي الأممية وكريمة مع وسائل الإعلام بأوروبا، تمولهم من مال شعب غدَا جائعا من فرط البطش.. أهو الصمت مقابل النفط.. على منوال النفط مقابل الغذاء، الذي كشف كيف إن هذا "المنتظم الدولي" شركة صعلوكة مجهولة الاسم...
4- السفير عمر هلال لم يكذب على القبايليين فهو مطلب ملح ورسمي تم وضع كل أوراقه لدى الأجهزة الأممية والحقوقية المختصة.. ولم يقل عيبا مادام يعيد "الصرف" لنظام عسكري يدعو علينا في "صلواته وصالوناته" بالتشتت والاختفاء. والأهم أنها ورقة ظل المغرب يؤجلها أربعين سنة حفاظا على "الصواب" مع الجزائر. مرد ذلك أننا ننظر للجزائر كشعب وليس كنظام.
ففي سؤال تم توجيهه للراحل الملك الحسن الثاني حول إمكانية سقوط النظام في تونس، أجاب الملك الراحل أنه مادام الشعب التونسي حي يرزق فلا خوف على تونس كيفما كان النظام الذي يحكمها. في الجزائر سيسترجع الشعب الجزائري كل ما سرقه منه صعاليك مسلحون، طال الزمن أو قصر...
 
باحث مغربي