بوعيش: دعوة للتفاعل.. قراءة أخرى في محاولات اقتحام معبر باب سبتة في اليوم الدولي للديمقراطية
الكاتب :
مسعود بوعيش
مسعود بوعيش
هناك عدّة قراءات لما جرى من محاولات اقتحام معبر باب سبتة الحدودي، يوم 15 شتنبر 2024، الذي يصادف اليوم الدولي للديمقراطية، هذه واحدة منها، من زاوية نظر أخرى مغايرة، لأن واقعة "الهجرة" هي نفسها مغايرة...
أول ملاحظة تفرض نفسها أن السلطات العمومية بمدن وجدة والناضور والفنيدق الحدودية انتقلت من مرحلة التصدي للهجرة السرية الفردية، إلى مواجهة الهجرة العلنية الجماعية، وبالتالي انتقلت السلطات المحلية المعنية من مرحلة مواجهة تحديات الهجرة الغير النظامية السلمية إلى مواجهة تدفقات هجروية علنية جماهيرية عنيفة إجرامية منظمة وخطيرة، بواسطة تكتيكات إجرامية مستجدة، انزاحت فيها الجماعات المنظمة إلى الاستعمال المفرط المقيت لوسائل التواصل الاجتماعي...
لم يحدث، خلال العقدين الأخيرين من تنامي ظاهرة الهجرات العابرة لحدود بلدنا في اتجاه بلدان أوروبا، أن أعلنت جماعات سرية منظمة مجهولة الهوية عن تحديد تاريخ يوم محدد ومكان محدد لتنفيذ عملية هجرة جماعية، لفائدة جميع الوافدين على المكان من مختلف الأجناس والأعمار، باستعمال كل الأساليب العنيفة والتكتيكات الإجرامية المكتسبة من قبل المجموعات السرية المجندة والمسخرة لاقتحام نقط المراقبة الأمنية والجمركية...
ويبدو لي أن قراءة متأنية لما جرى وكيف جرى من تدفّقات هجروية على المعبر الحدودي الفنيدق/ سبتة، يوم 15 شتنبر 2024، أكبر من حكايات وسرديات مواقع التواصل الاجتماعي الداخلي...
أعتقد أن ما جرى من وقائع مادية ملموسة قابلة للقياس أكبر بكثير من أزمة البطالة وقلة فرص الشغل بالنسبة لحاملي الشواهد العليا، أو ارتفاع مستوى أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء ومشتقاتها، أو ومصاريف الدخول المدرسي وحقائبها، أو تبعات وتكاليف شهر رمضان والعيد الصغير و أسعار رؤوس أكباش العيد الكبير وما قبلهما وما بعدهما من احتفالات ومناسبات مكلفة للأسر والأفراد، وبالتالي أكبر من مضامين النقاش العمومي الهادف الجاري ببلادنا بين الفاعلين حول حصيلة الأغلبية الحكومية الحالية، والبدائل التي تقترحها فرق المعارضة البرلمانية والحزبية لحكومة السيد عبد العزيز أخنوش...
يتعين على السلطات العمومية المختصة تقديم مزيد من الأخبار والمعلومات الرسمية لتنوير الرأي العام وتنوير الفاعلين من أحزاب ونقابات وجمعيات بهدف توضيح الرؤية لتجويد النقاش العمومي الجاري حول الهجرة والهجرات والارتقاء به إلى مستوى أعلى من حسابات سياسوية ضيقة تسمو فوق حسابات المتنافسين على بعض المواقع الإلكترونية الربحية والرابحة من تسويق آلام الناس...
ومهما تكن التباينات في قراءة الوقائع والأحداث، لابد من تهنئة مختلف أفراد القوات العمومية المتدخلة لمنع تنفيذ جريمة منظمة عابرة للحدود.
يبدو لي من خلال المتابعات الإعلامية أن عملَ ومجهوداتِ القوات الأمنية توفّقت ونجحت في تحقيق هدف إفشال الجريمة المنظمة بأقل الخسائر، كما أبانت للرأي العام الوطني والدولي عن نهج أسلوب الاستعمال النسبي التناسبي لكل قدراتها ووسائل الردع المشروع، وبالتالي أبانت القوات الأمنية عن مستوى عالٍ من المهنية والاحترافية ورباطة الجأش وتجسيد "ما تهزّك ريح يا جبل"...
ننتظر تفاعلاتكم(ن) مع زاوية النظر هذه.. ونحن جاهزون للتناظر مع العقلاء حول إشكالية الهجرات... وسائل دفاعنا وترافعنا من أجل التبادل والإقناع هي الممارسات الفضلى المتراكمة في مجال الهجرة واللجوء ببلدنا داخل مدرسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان...