يظهر واضحا أن النظام الجزائري نجح في خطته في شحن جزء غير يسير من الجزائريين بالحقد على المغاربة وتهييجهم للتعبير عن هذا الحقد بطرق مغرقة في العنصرية وبشكل يجعل الأخوة بين الشعبين المغربي والجزائري تصاب في مقتل، ويجعل الأفق المغاربي الذي تطلّعنا إليه، وسعت إليه الحركات الوطنية المغاربية أثناء نضالها المشترك ضد الاستعمار ودعمها لاستقلال الجزائر بكل الطرق والوسائل مند خمسينيات القرن الماضي، أفقا ينغلق ويحل محله التحريض الرخيص ضد الشعب المغربي...
ويكذب من يدعي اليوم أن الصراع، كما توجهه حثالة الجنرالات المسيطرة في الجزائر، هو صراع أنظمة وإيديولوجيات، كما كان يظهر في زمن مضى، لأن التعابير العنصرية المقيتة والمرفوضة في العالم أجمع اليوم، والمجرّمة في القانون الدولي والقوانين الوطنية لدول العالم جمعاء في إطار الملاءمة مع الاتفاقيات الدولية، التي رددها الجمهور المعبّأ في لحظة مفروض أن تكون رياضية لدى افتتاح الشان في الجزائر، مُدانة دوليا، ومن المثير أنها تترجم تعبيرات استخدمها المستعمرون العنصريون في زمن مضى ضد الأفارقة، وضد غير الأوروبيين عامة، الذين كانوا يعتبرون السود والملونين قردة وليسوا من فصيلة الإنسان...
وهي تعبيرات تجد جذورها في مجمع بلد الوليد الذي طرح فيه السؤال البليد عن التعامل الممكن مع سكان القارة الأمريكية المكتشفة من "الهنود الحمر" وقتئذ، وهل يمكن اعتبارهم فصيلة إنسانية، وبعد ذلك في الكتابات العرقية العنصرية الأوروبية التي روّجت للأصل الآري لسكان أوروبا، واستند إليها المجرم النازي هتلر في دعايته التي ترتب عليها إزهاق عشرات الملايين من الأرواح في حرب شاء من خلالها السيطرة على أوروبا البيضاء من أجل إخضاع العالم لسلطته النازية.
ولا فرق بين الشعارات العنصرية، التي رددها الجمهور المهيج أثناء افتتاح الشان، وبين ما تعرّض له السود في دورة الألعاب الأولمبية في ألمانيا سنة 1936، ففي الحالتين نجد أنفسنا أمام تصرفات عنصرية ذات مرجعية واحدة، مع فارق أن المهيجين من الجزائريين من طرف نازيين جدد تصرفوا بعنصرية اتجاه شعب يشتركون معه في الكثير، وكل ما صدر عنهم ضده يعنيهم هم أيضا وبالضرورة إذا كانوا لا يعلمون، أو إذا كانت آلة الدعاية البئيسة قد أنستهم ذلك.
احتجاج الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم لدى الكاف احتجاج معقول ومطلوب، وليس مجرد تكتيك كما قد يتصور ذلك فاقدو التفكير السليم والعقل المتزن، ومن المفروض أن يصل هذا الاحتجاج إلى مختلف المنظمات والآليات الدولية المناهضة للعنصرية والعداء للأجنبي، لأن ما تردد بشكل جماعي ومنسق ضد الشعب المغربي في افتتاح الشان من كلام عنصري لا يمت بصلة للانفلاتات والتجاوزات الفردية، أو تلك التي يمكن أن تصدر عن مجموعة من عديمي الأخلاق والتربية، وإنما كان محضّرا له سواء شارك الفريق المغربي للمحليين أو لم يشارك، والبيّن أنه لو كان حاضرا، ومعه الجمهور المغربي ومسؤولو الجامعة المغربية، لكانت الأمور أسوأ وأخطر، ولتجاوزت حد الاعتداءات التي كان قد تعرض لها فريق من الأطفال المغاربة في وقت سابق في الجزائر من طرف اللاعبين والجمهور الجزائريين على مرأى ومسمع من الأمن الجزائري.
الاحتجاج رسميا وبكل الطرق على هذه العنصرية المقيتة والمرفوضة يجب أن يبقى ملتزما بالتحضر وما يستدعيه من سلوكيات، وأن يترفّع، وبالخصوص في مواقع التواصل الاجتماعي، على الردود المتشنجة التي يرغب في توليدها المتخلفون. لا يجب الرد على عنصريتهم بعنصرية مضادة، لأن العنصرية مرفوضة ومدانة في كل الأحوال.
أكيد أن الذباب الإلكتروني المسخّر من طرف المخابرات الجزائرية المتخلّفة بقرون من الزمن عن هذا العصر، سيزداد هيجانا وسيلجأ للقواميس القذرة والمزابل العفنة في الأيام القادمة، وقد لاحظتم أن أحدهم ممن لا يوجدون في قائمة الأصدقاء المقبولين في هذه الصفحة (الفايسبوكية)، قد تسرب ونفت سموما حذفتها، وليس غريبا أن تجدوا هذا الذباب يسعى إلى التسرب إلى صفحات أخرى، لكن كونوا متأكدين أن الفشل والإحساس بالخسارة والضعف وفقدان الأفق، بل والخوف من الانهيار التام لسردية ولنظام، هو ما يجعل الجنرالات وأتباعهم في حالة هيجان وجنون، وجنونهم هذا يمنعهم من التفكير في ما يلحقونه بالجزائر والشعب الجزائري من إساءة، لأن العنصرية المعبر عنها في افتتاح الشان تسيء إليهما أكثر مما تسيء للمغرب والمغاربة إن كانوا لا يعلمون.