للتواصل معنا
البريد الإلكتروني: [[email protected]]
ذكر القرآن لفظ "استهزاء" متحدثا عن "المشركين" وعن "المنافقين"، ولم يرتب على ذلك جزاءات معينة أو عقوبات دنيوية، بل دعا المسلمين إلى الإعراض عن "المستهزئين" عندما يخوضون في نقد القرآن أو السخرية منه، تاركا محاسبتهم لله. أما الفقه الإسلامي، فقد سعى، كعادته، إلى الانتقام في الدنيا قبل الآخرة
تراجع السخرية العلنية بالإسلام بسبب الخوف من العقاب ليس معناه أن الشعب لا يسخر في الحياة الخاصة، فالسخرية لا تتوقف، أما من يعتبرون الدين والمعتقد خطًّا أحمرَ لا يقبل التجاوز، فهم لا يفهمون أن الأولوية إنما للإنسان ولكرامته، وأنه في حالة إهانة هذه الأخيرة لا توجد أية قيمة أخرى تستحق الاحترام
الأنظمة تتعامل مع الاستهزاء بالاعتقال والمحاكمة، وتبرر ذلك بـ"حماية" المستهزئ، والسؤال: أليس ذلك بسبب مواقف سياسية معارضة، وليس الدين إلا ذريعة تغطي بها السلطة على غطرستها وترمي عصفورين بحجر واحد: تتخلص من الشباب المعارض لنظامها العام والمتخلّف، وفي الوقت نفسه ترضي المجتمع المتعطش لممارسة القهر على أفراده
كلما صار الدين شأنا فرديا كلما تراجعت لدى الأفراد الرغبة في الإساءة إليه، وكلما زاد احترام بعضهم لبعض نظرا لاستيعابهم لمعنى المسؤولية. والعكس صحيح تماما، فكلما كان الدين نظاما سلطويا عاما كلما تأثر برغبة الناس الملحة في التحرّر والانعتاق، وهكذا تصيبه سهام النقد مثل باقي نواحي الحياة العامة
المقال الموالي