الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

الغلاء في المغرب وشماعة الحرب الروسية الأوكرانية

 
رشيد لزرق
 
صاحبت الحرب الروسية الأوكرانية موجة غلاء غير مسبوقة في المغرب، مما أعاد النقاش حول المنافسة والاحتكار والمضاربات كعوامل مساهمة في ارتفاع الأسعار.
 
ورغم اعتراف مختلف الأوساط التجارية والاقتصادية بأن تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا سببت المزيد من الغلاء، إلا أن الغلاء كان حاضراً بالفعل قبل الأزمة.
 
إن غلاء الأسعار قد عرفه المغرب قبل بداية الحرب الروسية الأوكرانية، والتحليلات التي تربطه بها، تحليلات خاطئة أو مُضللة، يحاول من يروّج لها تغطية عجز الحكومة عن ضبط الأسواق.
 
واقع الحال أن الحرب الروسية الأوكرانية كشفت على أن القطاع الطاقي والفلاحي هو مسألة استراتيجية وسلاح مناعة حقيقي.
 
الأزمة التي يعرفها المغرب اليوم والمتمثلة بالأساس في غلاء الأسعار هي أزمة مركبة لها علاقة بضرورة تحصين السيادة الوطنية بمفهومها الشامل، فمن الأكيد أن ارتفاع أسعار الطاقة هو من تبعات الحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى ارتفاع في الأسعار الدولية. لكن الصحيح أيضا أن جزءا من هذه الأزمة موروث من الحكومات السابقة، هذا الأمر الذي يطرح بقوة العديد من الظواهر التي لم تعالجها تلك الحكومات مثل قواعد المنافسة وتحرير الأسواق، والحد من الاحتكار والمضاربة التي تساهم في الغلاء، وعليه فالحكومة الحالية مدعوة إلى إعادة النظر في ذلك، وهي مناسبة لعقلنة استهلاك الطاقة وتعميق الإصلاح الفلاحي لتحقيق الاكتفاء الذاتي على المستوى الغذائي.
 
وأعتقد أن من الحلول العاجلة لتجاوز الأزمة هي عدم المراهنة على العلاقات الثنائية مع الاتحاد الأوروبي فقط، بل أيضا الاتجاه نحو إفريقيا واستغلال الفرص التي طرحتها الأزمة الدولية للبحث عن تمويل قطاع الطاقة.
 
كما أن الوضع الحالي يفرض على الجميع أغلبية ومعارضة القيام بأدوارهم الدستورية، لكون مواجهة هذه الأزمة هي معركة وطنية تفرض الابتعاد عن المزايدة والشعبوية، فمواجهة الأزمة لا تخضع للون السياسي، ومسألة السيادة الطاقية والغذائية، هي معركة مجتمع من أجل تحصين سيادته.
 
أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية جامعة ابن طفيل القنيطرة