الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

حقوقي بريء أبله

 
يونس وانعيمي
 
الدولة تصفح عادة بدون تصريحات.. الدولة يمكن أن تلين وتخفّف من بعض متابعاتها القضائية ضد "حقوقيين"، لكن بدون تبرير ذلك في تصريحات.. الدولة آلة كتومة.
 
وبالمقابل، فإن من يفاوض الدولة ويواجهها، عليه أن يكون ذكيا في تواصله حولها ومعها. في نظري، فإن تصريح السيد المعطي منجب، فور خروجه المؤقت من السجن، والذي تحدث فيه عن "بوليس سياسي" وأخطاره المحدقة بحياة المغاربة، هو تصريح "عاطفي" غير ممحص أعوزته العقلانية والتكتيك، خصوصا وهو ما يزال قيد التحقيق والمتابعة..
 
تصريحه لا يخدم قضية حريته وإمكانيات إسقاط التهم عنه. تصريحاته ستستوجب، اتباعا، تقديمه لدفوعات دفاعية جديدة تدل على اتهاماته المصرح بها للعموم، والا سيسقط في مدلول جناية جديدة.
 
مع الأسف، سيُفهم من تصريحه أنه يؤكد عداءه الممنهج لأجهزة الدولة واتهامها العلني (أمام قنوات مغربية وأجنبية) بالبطش والشطط والقهر المنهجي للمواطنين.. وبالتالي عليه أن يستدل على تلك الاتهامات الخطيرة بقرائن مادية، وأن يقاضي الدولة حالا، وأن يفيد الحقوقيين والمتتبعين والمتعاطفين بهذا "الخطر الحال" المحدّق بحرياتهم.. أو أن يتحمل، في غياب ذلك، ثقل القرائن الإضافية، التي من الممكن أن تضيفها الدولة المتقاضية معه، لملف تظلمها منه أمام القضاء.
 
بلاغ وزارة الداخلية ليس بلاغا إخباريا عاديا، بل إشارة لمن يهمه الأمر أنه اقترف في حق مشروعية قضيته خطأ منهجيا فارقا وقاتلا. وأعطى الدليل، حسب بلاغ الداخلية، على "عبث خطاب" من يظنون أنفسهم خصوما للدولة، بإضافة احتمائهم بالجنسيات المزدوجة و"الوطنية المزدوجة". ينجح تخوين الحقوقيين بسرعة وسهولة عندما ينكّلون بأجهزتها بلا أدلة فارقة.
 
يبدو لي أن على الخطابات الحقوقية لبعض الحقوقيين أن تتسلح بالروية والكياسة في إطار الحكمة المغربية المأثورة "العداوة ثابتة والصواب يكون"، وأن تتجنب إطلاق العنان لاتهامات "فضفاضة" للدولة، وذلك بالتسلح بالقرائن والدلائل والتوضيب الذكي لمضامين وأشكال التقاضي ضدها.
 
اختارت الدولة حلبة القضاء كحلبة "تواصل"، وهي حلبة تختلف عن ساحات الاحتجاج القديمة، التي اعتاد فيها الحقوقيون التنكيل "الخطابي" بها.. في القضاء وأسلاكه، يصبح لكل كلمة ولكل اتهام ثمن باهظ. فاحذروا...
 
باحث مغربي