الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

الشاعر أمال حجي في قصيدة جديدة: يا نشامى، يا أَهْل الحَوْز، يا نشامى الرُوح وَالشهادَة!

 
أمال حجي
 
(أَيّها الراحِلُونَ مِنّا، أَيّها الراحِلُونَ إِلَينا، أَيّها الراحِلُونَ فِينا. يا أَهْل الخَيْر وَالشَهامة. يا نشامى، يا أَهْل الحَوْز، يا نشامى الرُوح وَالشَهادَة ! سَنغْرِس مَكان نَوْمكُم، شَجَرَ اللَوْز، نَخِيل المَوْز، نَخِيل الثَمَر، وَالياسْمِين!)
 
ارْتَجت دُور وَعَلَت مالَت وَانْهارَت.
عَلَى عُراَة حُفاَة.
صَعِدت رُوحهُم لِسَماء.
غَطَّت عُرْيهُم تُرابا، حصى، وَماء.
عانَقتُ أَلْف سَحابَة، أَلْف نَجْمَة، أَلْف مَلاك.
 
 
بَكَينا وَسطَ التِلال، وَسطَ الدَمار، وَسطَ الأَطْلال.
نَشْكُو رَبّنا فِراق الأَحِبَّة.
وَما شَبِعنا فِيهِم عِناقاً، إلا افتراقا.
 
 
مَشْهَد يُبَكي الحَجَر: وَطَن فِي بَهاء.
وَطَن عانَقَ القَمَر: يَتَلَأْلَأ فِي سَماء.
عَيْن تَتَضَوَّر جُوعاً: ظِلّكَ يَتَرَنَّح وَجَعاً.
يَسْأَل البَحْر وَمَوْجهُ، عَن من رَحلُوا تَحْتَ التُراب.
من شُرْفَة لَشُرْفَة، لَأَلِف باب.
فَتَلْقاكَ حَزِين الرُوح، تَرْتَعِش.
تَرْتَعِش فَرائِسكَ جَلَلا،
بَينَ المَدَى الكُحْلِيّ، وَتِلال التِيه وَالسُؤال.
يَتْلُو خَطْوكَ، بَينَ الطُرُقات.
يَتَثاقَل سَيركَ تَحْتَ ظِلّ رُوح،
تَتَمايَل بَينَ ظفائر خُيُوط شَمَسَ صَعِدتَ،
عَلَى صَهِيل صَيْحَة المَوْت اللئِيم.
فَتَنْمُو فِيكَ القَصائِد وَالأُغْنِيّات!
 
 
شَيْخ يَشْكُو أَلما، يُعانِقهُ رَضِيع يحمِيه!
ثَكْلَى، ثَكِلتَ،
نَمى عَلَى صَدْرها الكَرِيم، زَهْر حَيّ،
من أَلِف مَغْرِبِيّ وَمَغْرِبِيّ!
 
 
أَيّها الراحِلُونَ مِنّا أَيّها الراحِلُونَ إِلَينا أَيّها الراحِلُونَ فِينا.
يا أَهْل الخَيْر وَالشَهامة،
يا نشامى، يا أَهْل الحَوْز، يا نشامى الرُوح وَالشَهادَة.
سَنغْرِس مَكان نَوْمكُم،
يا أهل الحوز،
شَجَرَ اللوْز، نَخِيل المَوْز، نَخِيل الثَمَر، وَالياسمِين!
 
 
قَمْح يَنْمُو،
نَبْتَة تعْلُو،
عُشْب يَسْمُو،
شَجَر يَخْضَرّ ويشمخ،
وَرَدَ يَحْمَرّ ويتأنق،
طُحْلُب يَطْفُو، فَوْق وَتَر العُود، وَتَر الكَمَنْجَة،
يَرْنُو مِنّا وَيَشْكُو، يَشْكُو الغِياب، وَفِراق الأَحِبَّة والحبايب.
 
 
سَنبْكِيكُم بِحُرْقَة: َيُمْسِي عُرْسنا أَبْهَى.
سَنَذْرِف دَمْعاً مِدْراراً لَكُم: يُصْبِح حُلُمنا أشهى.
 
 
يا أهل الحوز الكرام،
سَنُحَوِّل حُزْنكُم إِلَى مُوسِيقَى.
إِلَى مُوسِيقَى رَقْصَة أَحْواش.
نَرُشّ فِيها عِطْر عِشْقنا لَكْم،
وَنَفْتَح فِي مَداها من حُبّنا،
أوراشا من الورْد، وَمِن الشوْق أوراش!
 
 
سَنمْنَح سُلالاتكُم أَقْداحاً من شاي سَلاطِين الأَعْشاب وَعصار السَعادَة، ممزوجا بِماء الورْد، يَغْتَسِلُونَ بِحِكْمتها، وَبهاء لَوْنها.
تحْمِيهِم قبَب أَوْلِياء المَكان، الصالِحِينَ، وَشَهامَة فُرْسان سَبْعَة رِجال!
 
 
سَيَغْفُو الكَوْن يَوْماً ما، ذات مَسا،
فَوْق نُقْطَة ماء،
يَجْلُو عَنهُ غُبار الليالِي السالِفات،
وَسُقُوط المَطر يَجُر فِي سَيْله الحَجَر وَالحَصَى،
وَشَيْئاً من ضَعفنا!
 
 
يا أَهْل الحَوْز، أَنْتَم نُقْطَة ضَعفنا.
أَنْتَم نُقْطَة الضَوْء وَالسَلْسَبِيل، وَأَلْهَوا العَلِيل.
فِيهِ الكَثِير من العِزَّة،
فِيهِ ظَمَأ الرُوح فيكُم وَلَكْم،
يا أَهْل الحَوْز، يا نشامى الرُوح وَالشهادَة!
قَد زادَ عِشْقكُم فِي وَقتنا تَقْتِيلاً فِي تَقْتِيل.
 
 
يا أَهْل الحَوْز يا أَهْل الخَيْر.
عُذْرا إِن كَآن فِي سَعْينا أَي تَقْصِير.
نُغَطِّيه، تَحْت أَنْقاض الجنَّة وَالنار، بهديل الحَمام وَرِيش طير!
 
 
لِيس لِلأَنْفُس أَلَم، بِها فَرَح.
حِين عانَقنا الراحِلين قَبْل نَوْمهم.
نَسَجنا عَلَى رُمُوشهُم بَياض القَلْب،
زَبَدا مَن طَلّ الفُؤاد، وَشَوْق العاشِقَيْن لِليَوْم المَشْهُود.
وَما مَنَحُونا ما يَكْفِي َن القبَل، افْتِراقا!
 
 
نُحنَ المَهْوُوسُونَ بِحُبّكُم.
مُتَصَوِّفُو عِشْقكُم.
الراحِلُونَ مَعَ رَحِيل خيامكُم.
سَنبْقَى، والله، جَنْبكُم.
إِلَى حِينِ حَتْفنا وَحَتْفكُم!!