حكيم العسبي: المغرب السياسي ومحاربة الفساد وزينب العدوي.. حَتمية التَّغيِير لا تكفي
الكاتب :
"الغد 24"
حكيم العسبي
عندما أَتَمَّ النَّبي فَتْح مكة... قالَ حينها سُهيل ابن عمر لزوجته: ... فإذا كان وقتُ العشاء، أكْثِري مِن زَبِيبْ الطائِفْ، فَقد قُضِيَّ أمْرُّ مكَّة أبدَ الدَّهْر!... نَعم كان صادقًا هذا الصَّحابي في قوله، فقَضاء الأَمْر يَكُون بالحِسَاب.
هل دَخلَت الدولة المغربية فَتْحها المُبِين؟... هل مُحارَبة الفساد في المغرب، هو نَتيجة لِثقْل الطَّبقة السيَّاسية أم جَوَاب لمَطلَبٍ جماهيري.. أم هو إعادة تَوزِيع أوْراق البوكر فَوقَ الطاولة؟
حقيقة لا فكَاكَ مِنها...
إنَّ مُحارَبة الفَساد في كلِّ المُجتمعات يَكون بآليات مُنبَثقة عن التَّشرِيع البَرلَماني والصَّحافة... في حالة المغرب، مُحارَبة الفَساد بِكلِّ أشْكالِه بَعيدٌ عن هذا التَّعريف لانْعدَام الصحافة الاسْتِقصائِيَّة المَبنِيَّة على الخِبرَة والسَّبْق الصحفي.. تُمَّ ذِهنيَّة المُواطن الذي يَرى أنَّ تَحرُّكات مجلس المراقبة هو صِراع الأَعْيان، وبِالتَّالي تَحكُمه طَبيعَة كَوْلسيَّة.
المجلس الأعلى للحسابات... صَوابٌ مَهجُور.
إنَّ الرأسمال الرَّمزِي للمجلس ليس في فَرْض المَغَارِم من خلال الكشف عن الاختِلاسَات، ولكن تَقْعيد ثقافة المُحاسبة على كلِّ دَوالِيب الدولة و هيئاتها... لا يَجِب أنْ يكُون المَجلِس فائِضا عَن الحاجة، وأنْ يَكون مَوسِمي العمل.
ما لم يَكُن المجلس الأعلى للحسابات قادرا على الدُّخول إلى كُلِّ الأَحْواز، بِغض النَّظر عن النَّسَب والأهْليَّة الاجتماعية، فإن الارتجال هو الذي سَيُصاحِب أداءَ المجلس. لماذا المجلس الأعلى للحسابات مُطالَب بتَدبُّرِ هذه النَّقْلة من خِلال الرَّقابَة والحَكامَة؟... لأنَّ الشَّفافيَّة التمْويليَّة هي شَرطُ العدالة الاجتماعية والمَجالِيَّة... فأمام الدَّور الانْسِحابِي للأحزاب المغربية والإعلام في التَّخْليق، وضُعفُها كقُوَّة اقتراحية، يَكون الرِّهان على إصْلاح عَمُودي لا مَحِيد عنه.
جُيوب المُقاوَمة، كما عَبَّر عنها عبد الرحمان اليوسفي رحمه الله، كثيرة ومُتشعِّبَة، وعَمليَّة الرَّقابة لن تكون سَلِسة في بِنْية اجتماعية تَأسَّست على الرِّيع... وقَامَت بِخصْخصَة أَسهُمٍ له داخل بِنيَّة المجتمع المدني من أحزاب ونقابات وإعلام... لكن رغم هذا يجب على المجلس أن يستمر في أدائِه ليَتحوَّل ليس فحسب كنوع من السُّلوك، بل إلى "جِينيتيك" في المُمارسة المجالية.
السيدة زينب العدوي نَظيرُ النَّزاهة...
زينب العدوي... والحَاجَة إلى الفَرْمَانْ العُثْمَاني.
إنَّ طَبيعة النِّظام المغربي أنَّ لهُ رَأسا قادِرا على التَّنظيم، أو ما سَمَّاه عابد الجابري رحمه الله: (...) القُدرَة على إنْباتِ نَخلة في الشَّارع. بالنسبة للمواطن العادي أنَّ كلَّ تحركات السيدة زينب العدوي هي ليست من البرلمان وليست من الشأن السياسي... وأن بارومتر نجاح المجلس عند المواطن، إلى أي مدى ستتحسن الخدمات الاجتماعية.
يجب أن نَتمسَّكَ بهذا الأمل... ويَجِب تَقويَّة دور المجلس وأداء السيِّدة بفَرْمانْ سلطاني... فَواهِمٌ من يظن أن هناك ذِئبا نَبَاتيا...