حسن عمر العلوي "فريموس".. مكتبة من ذاكرة الصحافة المغربية رحلت
الكاتب :
"الغد 24"
لحسن العسبي
حسن العلوي، ليس مجرد صحافي مغربي من الزمن الحارق للتماس بين الصحافة والسياسة بالمغرب (زمن جرائد التحرير والرأي العام وفلسطين والمحرر)، بل هو خزان معلومات وتفاصيل وحكايا وأسرار، أعترف بمرارة أننا لم نحسن استغلالها ولا الاستفادة منها (البعض حاول جاهدا أن يبقى الرجل في قارة الظل والصمت).
برحيله فجر اليوم (الأربعاء 16 نوفمبر 2022 في الدارالبيضاء عن عمر يناهز 83 سنة)، فقدنا مكتبة كاملة من تاريخ الصحافة المغربية. كنت قد رجوته أكثر من مرة أن نجلس ليحكي، وفي كل مرة كان ينسل بعفة الكبار، مثل طفل يخشى من البوح. كانت لازمته الدائمة "ليس اليوم". وكنت أوهم نفسي أنه سيأتي ذلك اليوم الذي سأجعله يحكي، ونسيت الموت.
تجمعت في حسن العلوي، طراوة الجنوب مثل واحة نخل وافرة الخيرات، وطيبة الإنسان ذاك الذي فيه قناعة الشبع من الأيام، وأيضا سلاسة لغة صحفية جوادة (تجود بالبهي من التراكيب). وفي ليونة أصابعه ما يجعلك تخشى عليها من الكسر حين تسلم عليه، والحال أنها مثل الحرير صلبة وأصيلة وقاطعة حين تكتب مثل صليل سيف الساموراي.
ظلت دوما في عينيه مسحة حزن عميقة، ودمعة هاربة، حتى وإن ظل الرجل صاحب نكتة ومصدرا لنثر الطيبة والفرح في أي مجلس كان فيه. قصير القامة نعم، لكن هامته عالية جدا، ما يجعله أشد بروزا من بعيد، عكس الكثيرين ممن ظلوا يسعون عبثا للبروز.
يُتْمُ غيابه، لن تستشعره عائلته فقط، ولا خلانه من صداقاته القليلة العدد، بل تستشعره ذاكرة الصحافة المغربية. فحسن العلوي لم يكن مجرد صحافي، بل كان علامة لوحده فيها، لا نظائر له. صورته، بالنسبة لي، تتقاطع كثيرا مع صورة صديقه ورفيقه الراحل سي محمد ماجدولي (المدير الأسبق لمحطة إذاعة عين الشق بالدار البيضاء)، فكلاهما قُدَّ من معدن نفيس لمعنى الرجال.
وداعا حسن العلوي، ومعذرة أننا لم ننصفك ولم نوفك حقك كما يجب، كما هو دأبنا (وا أسفاه) في قبيلة الصحافيين بالمغرب.