كومينة: من يزرع الريح يحصد العاصفة.. النظام الجزائري يظهر على حقيقته كنظام فاشل
الكاتب :
"الغد 24"
محمد نجيب كومينة
"من يزرع الريح يحصد العاصفة".. يصدق هذا المثل البليغ على النظام الجزائري في كل الحالات، ويصدق أكثر لمّا يتعلق الأمر بالقمة العربية.
يعرف أي متتبع بسيط للشأن العربي أو العالمي، وحتى غير المتتبع، أن كل التطورات الجارية في العالم، بالإضافة إلى أوضاع عدد من الدول العربية حاليا، تجعل أي رهان على تجميع كلمة العرب مستحيلا، ولا تسمح بتوقع اتخاذ قرارات جديدة، ويعرف الجميع أن الدولة المحتضنة للقمة جزء من مشاكل العالم العربي بمواقفها وتصرفاتها والعمل التخريبي لمخابراتها، ولا يمكن لها أن تقترح حلولا توافقية أو غير توافقية، وأن التجربة بيّنت بالملموس أنه لا يوثق بها، ناهيك عن الوضع الجزائري المهتز والمفتوح على احتمالات سيئة.
ولعل اهتزاز الوضع الداخلي بالجزائر، التي يحكمها نظام فاقد للمشروعية، هو الذي جعل القمة تثير الضجة الكبرى المثارة حولها، لأن ما يهم النظام الجزائري، وما يفهمه الجميع خارج الجزائر، هو الظهور للجزائريين البسطاء بمظهر النظام المقبول عربيا ودوليا والفاعل في عدد من القضايا، وذلك عبر الصور التذكارية والاستقبالات، وقد راهن النظام الجزائري على استقبال الملوك والأمراء والرؤساء العرب خلال هذه القمة، عدا الملك محمد السادس الذي خاف هذا النظام من أن يكون حضوره الحدث الأكبر، لكن رهانه اليوم يسقط، بعدما تأكد أن هذه القمة، في حال انعقادها، ستكون فيها التمثيلية أضعف من أي قمة عربية سابقة، وأن المشاركة فيها ستكتسي طابعا شكليا بالنسبة للدول العربية.
فقد أعلنت ست دول، تتقدمها السعودية، أنها ستكون ممثلة بأعضاء في حكوماتها وليس برؤساء الدول، ومن المتوقع أن يرتفع العدد في الأيام القادمة، وهذا ما سيجعل مسمى قمة عربية غير جائز، وما سيكرر فعليا الحضور المحدود للرؤساء في الاستعراض العسكري الذي نظمه سعيد شنقريحة في الصيف الماضي، ولحضور رجال الصف الثاني في المنظمات الفلسطينية في اللقاء الذي اراد النظام الجزائري استغلاله ضد عدد من الدول العربية قبل القمة، بالإضافة إلى استغلاله البشع للقضية الفلسطينية في دعايته الداخلية.
القمة العربية فشلت قبل أن تبدأ، وليس واضحا إلى الآن ما إذا كانت ستنعقد فعلا في ضوء المعطيات المساقة أعلاه، والمشكل أن انعقادها بتمثيلية ضعيفة أو إلغاءها سيجعل النظام الجزائري يظهر على حقيقته للرأي العام الجزائري ولغيره، كنظام فاشل يخبط خبط عشواء ويوزّع الأوهام، إذ لا فرق بين هذه وبين اجترار وهم إقصاء الكاميرون ومشاركة الفريق الوطني الجزائري مكانه في كأس العالم في قطر والترويج للتصريحات المختلقة لمسؤولي الفيفا من طرف الهبال، من قبيل التصريح المنسوب إلى رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جياني إنفانتينو، الذي تم تقويله أن كأس العالم بدون الجزائر منقوصة ولا قيمة لها.
جاؤوا برمطان العمامرة إلى وزارة الخارجية ليساعد النظام على تبييض وجهه وتسويقه دوليا وعربيا وأفريقيا، فإذا بالرجل، الذي لا يجيد سوى العداء للمغرب، ينصب لهم ولنفسه الفخ تلو الآخر، ويجني الفشل وراء الآخر، ويصدمهم الصدمة وراء الأخرى... ومع ذلك، فإنه يطمح في أن يكون الرئيس الجزائري القادم إذا ما رأى الجنرالات أن عبد المجيد تبون ورقة كلينكس يجب أن تُرمى مع الأزبال المتراكمة في شوارع المدن الجزائرية، ورأوا أن يعوّضوه بدمية أخرى، وربما يستحضر العمامرة تجربة الجنرالات مع بوتفليقة، بعد إزاحة لامين زروال، لأنهم يرغبون دائما في واجهة لنظامهم الذي لا يرون أن الجزائر والشعب الجزائري يمكن أن يتحرر منه يوما ويبني دولة مدنية ديمقراطية...