بات مؤكدا ما ذهبنا إليه، في مقال سابق، حول "التعديل الحكومي المزعوم"، الذي حُدّد موعده في آخر هذا الشهر، وقلنا إن الخبر "المروّج له" ما هو إلاّ مناورة مفضوحة يُحاول مُسرّبوها صرف الأنظار عن عزيز أخنوش، الذي يعيش هذه الفترة أحلك أيامه، من خلال تحريف النقاش من (حملة هاشتاغ الرحيل) نحو (التعديل الحكومي)، لعله يخفّف الضغط الشعبي المستمر والمتنامي، الداعي لخفض أسعار المحروقات والمُطالب برحيل رئيس الحكومة "المؤقت"، وباسترجاع الـ45 مليار درهم المنهوبة.
وهذا ما وقع، وهو ما يجري حاليا على وجه التأكيد... فذكرى ثورة الملك والشعب مرّت، ومعها خطاب الجالس على العرش، الذي لم يُعرْ أدنى أهمية لهذا الموضوع، فقد حمَل خطاب 20 غشت انشغالات كبيرة ورسائل أكبر، تصدرتها قضية الصحراء المغربية، ومعها قضايا مغاربة العالم، وبينهما انتظارات أخرى لفئات واسعة من المغاربة، كانت بدورها كبيرة، فهؤلاء يحلمون بثورة ملكية شعبية جديدة لاسترجاع الثروة المنهوبة، من قبل "حفنة محظوظة"، منهم من اغتنوا من الريع، أو من النفوذ، أو من الفساد والنهب، أو من كل هذا جميعا، إلى أن وصلوا، اليوم، إلى وضع اليد على رئاسة الحكومة!!!
مرت ذكرى ثورة الملك والشعب، وها نحن في نهاية شهر غشت، وانكشف "المقال المدسوس المخدوم" لمجلة جون أفريك حول "تعديل حكومي مزعوم" هذا الشهر، حاول فيه كبير تجار المحروقات تقديم أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة عبد اللطيف وهبي ومن معه قربانا لإطفاء غضب الشعب، وذهب بعيدا السي أخنوش والذين معه بالترويج حتى لـ"طرد البام" من الحكومة وتعويضه بأحزاب من المعارضة، التي لم تُعارض حكومته منذ تعيينها طمعًا في دخولها معه في تحالف سبق أن وعدها به في أقرب تعديل.
نُشر هذا الكلام، الذي لم ينفيه أحد، واعتقد المُروِّجون أن هذا ما سيُخرج الحكومة من الأزمة التي تعيشها بسبب خلط رئيسها الملياردير عزيز أخنوش بين استفادته من ارتفاع أثمان المحروقات، التي يستوردها ويبيعها للشعب، وبين نفوذه كرئيس للحكومة مَنَع أي تخفيض لأسعارها.
ورغم الزوبعة، التي خلقها خبر التعديل الحكومي الزائف، لكنه لم يستطع التغطية على الهاشتاغ المُطالِب برحيل كبير تجار المحروقات من على رأس الحكومة، التي فشل فشلًا ذريعًا في تسييرها. ليبقى التعديل الحقيقي هو ما أصبح السواد الأعظم من الشعب المغربي يطالب به بواسطة هاشتاغ الرحيل، أي تعديلٌ شاملٌ قد يكون هو جواب الملك محمد السادس، ليشمل ليس فقط الوزراء المتسببين في الأزمة، وإنما رئيسهم عزيز أخنوش، الذي هو المستفيد الأول والأكبر من الأزمة!!!
لذلك، وفي انتظار التطوّرات المقبلة، التي قد تطول بسبب مرض أم الملك شافاها الله، فإن أخبارا متواترة ومؤكدة تفيد أن وزراء حكومة عزيز أخنوش، هم والعديد من الوزراء السابقين والمسؤولين الكبار، قد شرعوا في التوصل بدعوات ليحلّوا بقصر "نمشكار" بمدينة مراكش في موعد معلوم في حدود أسبوعين، لكن ليس بسبب "تعديل حكومي مزعوم"، وإنما للحضور، لعرس زفاف باذخ لـ"سبعيني" من رجال الأعمال، الذين اغتنوا ودانت لهم البلاد وباتوا يلعبون بثراء فاحش.. "السبعيني" إياه يُريد، من خلال إقامته لهذا العرس الأسطوري المرتقب، أن يرسل رسالة مفادها أنه مازال يتنعّم مع المحظوظين ضمن دائرة "باك صاحبي وصّاني عليك".. وليس ممن هم مازالوا مطالبين بالمحاسبة...