الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء نجيم بنسامي

فساد قطاع الصحة أمام استئنافية البيضاء.. المتهمون أطر مركزية وجهوية وأرباب شركات

 
محمد الغلوسي
 
 
قرار قضائي آخر جريء وشجاع ويتجاوب مع مطالبنا، في الجمعية المغربية لحماية المال العام، يتعلق الأمر بالمطالبة بإجراء تحقيق في مواجهة العديد من المتهمين، ضمنهم أطر مركزية وجهوية وموظفون ومهندسون يعملون بقطاع الصحة، فضلا عن أصحاب شركات...
 
هذه المطالبة صادرة عن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، اليوم الأربعاء 30 مارس 2022، وتتعلّق بما مجموعه 31 متهما، من أجل تكوين عصابة إجرامية وتبديد واختلاس أموال عمومية والإرشاء والارتشاء وتزوير محررات رسمية، وغيرها من التهم الأخرى، الواردة في المطالبة بإجراء التحقيق...
 
وتأتي هذه المتابعة على خلفية وجود شبهة تلاعبات في الصفقات العمومية بقطاع الصحة، والتي باشرت، بخصوصها، الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أبحاثها وتحرياتها المكثفة والعميقة، ويتعلق الأمر بشبهة ارتكاب أفعال منافية للقانون تتصل بتسهيل تمرير ونيل صفقات عمومية لها صلة بعمليات توريد واقتناء بعض الأجهزة والمعدات الطبية الموجهة لتجهيز المستشفيات، وذلك مقابل عمولات ومبالغ مالية وعينية...
 
وبعد إحالة المتهمين جميعا على قاضي التحقيق، قرر هذا الأخير، بعد استنطاقهم ابتدائيا، إيداع 19 متهما السجن، فيما تابع الباقي في حالة سراح في انتظار استكمال التحقيق التفصيلي...
 
واتخذ الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، بخصوص هذه القضية، قرارا مهما لا يمكن إلا أن نثمنه، ويتعلق الأمر بعقل وحجز ممتلكات بعض المتهمين في هذه القضية المشتبه في تحصلها من الجرائم موضوع المطالبة بإجراء تحقيق، وهو إجراء من شأنه أن يوفر ضمانات لاسترجاع الأموال المنهوبة والمختلسة... وجدير بالذكر أن مبالغ مالية مهمة ضُبطت بحوزة بعض المتهمين تم حجزها...
 
وسبق لنا، في الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن تقدمنا، في وقت سابق، بشكاية إلى رئاسة النيابة العامة حول الاختلالات، التي اعترت تدبير الصفقات العمومية خلال جائحة كورونا، وهي الاختلالات التي تحدث عنها تقرير رسمي صادر في الموضوع، وأثارت حينها نقاشا مجتمعيا واسعا حول شفافية هذه الصفقات، خاصة وأن مبالغ مالية ضخمة قد خصصت لها، وتم تمرير هذه الصفقات بإجراءات استثنائية خروجا على القواعد والمساطر الواردة بمرسوم الصفقات العمومية...
 
ونتمنى أن تشكل هذه المناسبة فرصة لفتح هذا الملف قضائيا وترتيب الجزاءات القانونية المناسبة...
 
وتكشف القضية أعلاه كيف يتم استغلال مواقع المسؤولية العمومية للتلاعب بالمساطر وخرق القانون إضرارا بالمجتمع وحقوقه في التنمية والعدالة، ولمراكمة الثروة بطرق مشبوهة من طرف مسؤولين وموظفين مؤتمنين على حقوق الناس...
 
يحدث هذا في الوقت الذي يعاني قطاع الصحة من أمراض مزمنة، وتفتقر بعض المؤسسات الصحية والاستشفائية للإمكانيات الضرورية المادية والبشرية للقيام بأدوارها، ويضطر المجتمع لأداء تكلفة الفساد ونهب المال العام مقابل إرضاء جشع وهوس بعض المسؤولين، وهو ما يفرض قانونا على النيابة العامة المختصة فتح مسطرة الاشتباه في تبييض الأموال ضد المتورطين في هذه القضية، وحينها سيكتشف الرأي العام حجم الثروات، التي راكمها البعض بطرق منحرفة...
 
وفي هذا الصدد، نتمنى أن يشكل قرار الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بفاس في قضية البرلماني ورئيس جماعة أولاد الطيب ومن معه، فضلا عن قرار الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، مؤشرا إيجابيا للتصدي للفساد والرشوة ونهب المال العام، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتجسيد دور السلطة القضائية في تخليق الحياة العامة...