الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

اندحار الحزب الحاكم و"التصويت العقابي".. ناخبون متأرجحو الاختيارات لا دين لهم ولا ملة

 
صبحي بوديحي
 
في كل الاستحقاقات الانتخابية السابقة، التي تراجع فيها عدد مقاعد الحزب الذي يتقلد مهمة رئاسة الحكومة، تتحرك الأجهزة الإعلامية المقربة من الدوائر المغلقة التي تتحكم في القرارين السياسي والاقتصادي، لتسويق فكرة أن اندحار الإطار السياسي وتراجع حصيلة مقاعده التي تمثله في البرلمان، راجع بالأساس إلى كون الهيئة الناخبة اكتوت بقرارته التي مست قدرتها الشرائية ووضعها المعيشي وزلزلت الأمن الاجتماعي، أو أجهزت على المكتسبات الحقوقية وقلصت هامش حرية التعبير... فيتم التلاعب بالرأي العام عبر توحيد تحليله السياسي في ما يتعلق بهذا التراجع بتسييد فكرة مفادها أن الناخبين عاقبوا الحزب الذي يترأس الحكومة بإحجام الناخبين عن منحه أصواتهم الانتخابية.
 
وخلال نفس الساعات، التي تلي إعلان النتائج الانتخابية، يتم تسليط الأضواء على الحزب الذي تضاعفت أعداد مقاعده وتسويق "حصيلته المقعدية" كونها بديلا تسييريا سيساهم في تحسين الوضع القائم.
 
هذا ما يتكرر منذ ليلة إعلان النتائج: الناخبون يعاقبون العدالة والتنمية من خلال صناديق الاقتراع، ويضعون ثقتهم في التجمع الوطني للأحرار... لكن أليس حزب أخنوش كان ممثلا أيضا في حكومة العثماني؟ أَوَليس حزبه أيضا شارك في المصادقة على القرارات الحكومية بجانب العدالة والتنمية؟ أوليست المسؤولية الحكومية تشاركية كما هي متعارف عليها في مبادئ الفقه الدستوري والنظريات السياسية للحكم؟
 
فلندع هذا المنطق جانبا ونستعين بمنطق التحليل النفسي من خلال ممارسة "الفلاش باك" (العودة إلى ذكريات الماضي)، لنجد أن كل المنتمين للجهاز التنفيذي من الحزبين معا: البيجيدي والأحرار بالخصوص، كانوا يتوحدون في مضامين خرجاتهم الإعلامية، مصرحين أنهم يطبقون برنامج الملك، وأنهم يشتغلون بتوجيهات الملك، الذي تمنحه الوثيقة الدستورية صلاحيات ينصهر فيها علم السياسة بالمعتقد الروحي...
 
أسترجع هنا مرحلة حكومة التناوب حين كان يصرح عبد الرحمان يوسفي أنه يحمد الله أن فكر اليسار توافق مع إرادة صاحب الجلالة، لكن بعد سنوات قليلات عاقب الناخبون الاتحاديين...
 
لا أدري من يعاقب هؤلاء الناخبين، الذين لا يستقرون على وضع، كلما حل موسم الانتخابات: هل عاقبوا سياسات الاتحاد اليساري؟ أم البيجيدي الإسلامي؟ وهل سيعاقبون بعد خمس سنوات التجمع الليبرالي؟
 
بالنسبة إلي، لا يمكنني أن أراهن على ناخبين متأرجحي الاختيارات، لحقّاش لا دين ولا ملة عند باباهم، وعاش مولاي أخنوش في انتظار تأديب والدين باباه بعد خمس سنوات لحقاش سياسة حكومته تكرفصت علينا دين الكلب...