"الحريگ السياسي".. نخبة مستعدة لكل هذا الفساد في سوق بيع الذمم بالملايير
الكاتب :
"الغد 24"
محمد نجيب كومينة
عندما عرفت تفاصيل الترحال من حزب إلى حزب آخر في هذه الانتخابات، بما فيها انتخابات الغرف، حضرتني ظاهرة مثيرة للجدل في مصر حاليا عنوانها: سلف الزوج؛ أو "سلفيني زوجك"، ويتعلق الأمر بممارسة تقوم على أساس أن تطلب امراة غير متزوجة من امرأة أخرى أن تسلّفها زوجها مرة في الأسبوع لقضاء حاجتها بناء على عقد يوافق عليه الثلاثة، ويعطي لهذه الممارسة شرعية دينية. أحد فقهاء الأزهر أجازه مادام يتم وفق قواعد الشرع ولا يعتبر زنى.
هذا ما حدث بين الأحزاب السياسية، بحيث استلف الاتحاد من البام والحركة الشعبية والاستقلال، واستلف الاستقلال من الاتحاد والبام والحركة والاتحاد الدستوري، واستلف التجمع من الإسلاميين والاتحاد والاستقلال والبام والحركة وهكذا دواليك.
هكذا فقد الانتماء الحزبي كل دلالة وصار كل التاريخ السياسي المغربي والعالمي وكل ما كتب عن الأحزاب من أبحاث ونظريات عندنا Caduc. نحن نصنح التاريخ من الصفر ونجعل السياسة تنطلق من نقطة الصفر ونحيل التعددية الحزبية، التي افتخرنا بها كميزة في محيط ساد فيه الحزب الوحيد، إلى سيرك حقيقي تُقدم فيه لعبة أصفار مثيرة.
لست اليوم، ولم أكن من قبل، أميل إلى المواقف العدمية التي تحقر التعددية الحزبية في بلادنا وتناهض الانتخابات والمؤسسات المنتخبة، لكنني أتصور أن ما يحدث في هذه الانتخابات من شأنه أن يُلحق ضررا بليغا بسير مؤسسات البلاد في المدى المنظور، ليس لأنه سيعمق أزمة الثقة، بل لأن بلدا تتصدر مؤسساته الدستورية الأساسية، الوطنية والمحلية والجهوية، نخبة فاقدة للحد الأدنى من الالتزام الأخلاقي ومستعدة لكل هذا الفساد البارز للعيان، إذ بيعت المواقع وراجت في سوق البيع الملايير، سيكون بلدا يُخاف عليه.
من المثير أن الشارع المغربي يميل حاليا إلى تغليب نظرة إيجابية للمستقبل، رغم مضاعفات وضغوط الجائحة، لكن الطبقة السياسية الفاسدة، والفساد صار شاملا، واستثناء واحد صغير لا يغير من الأمر شيئا، تعمل على التراجع وتضبيب المستقبل.
والحديث عن "كلشي واجد" والقرار فجهة أخرى وخّا يطلع اللي بغا يطلع، بالنسبة لي، حديث لا يخدم الدولة، رغم زعمه، ولا يخدم البلاد ولا يصلح في بلد يبحث عن فرص أكبر للتنمية وتواجهه تحديات كبرى، بعضها ذو طابع وجودي.